المسألة الثامنة : إذا ثبت هذا فربط
nindex.php?page=treesubj&link=27659العقد تارة يكون مع الله ، وتارة يكون مع الآدمي ، وتارة يكون بالقول ، وتارة بالفعل ; فمن قال : " لله علي صوم يوم " فقد عقده بقوله مع ربه ; ومن قام إلى الصلاة فنوى وكبر فقد عقدها لربه بالفعل ، فيلزم الأول ابتداء الصوم ، ويلزم هذا تمام الصلاة ; لأن كل واحد منهما قد عقدها مع ربه ، والتزم .
والعقد بالفعل أقوى منه بالقول . وكما قال سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا } . كذلك قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم } .
وما قال القائل : علي صوم يوم أو صلاة ركعتين إلا ليفعل ، فإذا فعل كان أقوى من القول ; فإن القول عقد وهذا نقد ; وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف وشرح الحديث على
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي تمهيدا بليغا ، فلينظر هنالك .
[ ص: 9 ]
فإن قيل : فكيف يلزم الوفاء بعقد الجاهلية حين كانوا يقولون : هدمي هدمك ، ودمي دمك ، وهم إنما كانوا يتعاقدون على النصرة في الباطل .
قلنا : كذبتم ; إنما كانوا يتعاقدون على ما كانوا يعتقدون حقا ، وفيما كانوا يعتقدونه حقا ما هو حق كنصرة المظلوم ، وحمل الكل ، وقرى الضيف ، والتعاون على نوائب الحق . وفيه أيضا باطل ; فرفع الإسلام من ذلك الباطل بالبيان ، وأوثق عرى الجائز ، والحق منه بالأمر بالوفاء بإتيانهم نصيبهم فيه ، كما تقدم من النصيحة والرفادة والنصرة ، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15091المؤمنون عند شروطهم } . معناه إنما تظهر حقيقة إيمانهم عند الوفاء بشروطهم .
وقال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج } . ثم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34220ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان اشترط مائة شرط } . فبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=18085الشرط الذي يجب الوفاء به ما وافق كتاب الله تعالى ، أي دين الله تعالى ، كذلك لا يلزم الوفاء بعقد إلا أن يعقد على ما في كتاب الله .
وعلى المسلمين أن يلتزموا الوفاء بعهودهم وشروطهم إلا أن يظهر فيها ما يخالف كتاب الله ، فيسقط .
[ ص: 10 ] ولا يمنع هذا التعلق بعموم القولين ; ولذلك حث على فعل الخير ، فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } . وأمر بالكف عن الشر ، فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=71362لا ضرر ولا ضرار } .
فهذا حث على فعل كل خير واجتناب كل شر . فأما اجتناب الشر فجميعه واجب . وأما فعل الخير فينقسم إلى ما يجب وإلى ما لا يجب ; وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=18085الوفاء بالعقود ، ولكن الأصل فيها الوجوب ، إلا ما قام الدليل على ندبه ; وقد جهل بعضهم فقال : لما كانت العقود الباطلة والشروط الباطلة لا نهاية لها والجائز منها محصور فصار مجهولا فلا يجوز الاحتجاج على الوفاء بالعقود ولا بالشروط لأجل ذلك وهي عبارة عظيمة ، وهي : المسألة التاسعة : قلنا : وما لا يجوز [ كيف ] يدخل تحت مطلق أمر الله سبحانه حتى يجعله مجملا .
والله لا يأمر بالفحشاء ولا بالباطل : لقد ضلت إمامتك وخابت أمانتك ، وعلى هذا لا دليل في الشرع لأمر يفعل ; فإن منه كله ما لا يجوز ، ومنه ما يجوز ، فيؤدي إلى تعطيل أدلة الشرع وأوامره .
والذين قالوا بالوقف لم يرتكبوا هذا الخطر ، ولا سلكوا هذا الوعر ، فدع هذا ، وعد القول إلى العلم إن كنت من أهله .
فإن قيل : محمول قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود } على المقيد لما بينا ، وهي :
[ ص: 11 ] المسألة العاشرة : قلنا : فقد أبطلنا ما يثبت
nindex.php?page=treesubj&link=18085محمول قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود } على كل عقد مطلق ومقيد .
وماذا تريد بقولك مقيدا ؟ تريد قيد بالجواز أم قيد بقربة ، أو قيد بشرط ؟ فإن أردت به قيد بشرط لزمك فيه ما لزمك في المطلق من أن الشرط منه ما لا يجوز كما تقدم لك ، وإن قلت : مقيد بقربة ، فيبطل بالمعاملات ، وإن قلت : مقيد بالدليل ، فالدليل هو قول الله سبحانه ، وقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود } .
فإن قيل : هذا عقد اليمين لا يجب الوفاء به ، وهي : المسألة الحادية عشرة : قلنا :
nindex.php?page=treesubj&link=27089_16476_18789_18785_18784_18085لا يجب الوفاء بشيء أكثر مما يجب الوفاء باليمين ، وكيف لا يجب الوفاء به وهو عقد أكد باسم الله سبحانه ؟ حاشا لله أن نقول هذا ، ولكن الشرع أذن رحمة ورخصة في إخراج الكفارة بدلا من البر ، وخلفا من المعقود عليه الذي فوته الحنث . وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ، وستراه في آية الكفارة من هذه السورة إن شاء الله تعالى .
فإن قيل : فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا نذر قربة لا يدفع بها بلية ولا يستنجح بها طلبة فإنه لا يلزم الوفاء بها . قلنا : من قال بهذا فقد خفيت عليه دلائل الشرع ; وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8801أوف بنذرك } .
وقد بينا قول الله عز وجل فيه وماذا على الشريعة أو ماذا يقدح في الأدلة من رأي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأمثاله من العلماء .
[ ص: 12 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=4192_4183نذر المباح فلم يلزم بإجماع الأمة ونص النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح ، وهي شيء جهلته يا هذا العالم ، فادرج عن هذه الأغراض ، فليس بوكر إلا لمن أمنته معرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من المكر ، ولم يتكلم برأيه وحده ، ولا أعجب بطرق من النظر حصلها ، ولم يتمرس فيها بكتاب الله عز وجل ولا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ; فافهم هذا ، والله يوفقكم وإيانا بتوفيقه لتوفية عهود الشريعة حقها .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : إذَا ثَبَتَ هَذَا فَرَبْطُ
nindex.php?page=treesubj&link=27659الْعَقْدِ تَارَةً يَكُونُ مَعَ اللَّهِ ، وَتَارَةً يَكُونُ مَعَ الْآدَمِيِّ ، وَتَارَةً يَكُونُ بِالْقَوْلِ ، وَتَارَةً بِالْفِعْلِ ; فَمَنْ قَالَ : " لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ " فَقَدْ عَقَدَهُ بِقَوْلِهِ مَعَ رَبِّهِ ; وَمَنْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَنَوَى وَكَبَّرَ فَقَدْ عَقَدَهَا لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ ، فَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ ، وَيَلْزَمُ هَذَا تَمَامُ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ عَقَدَهَا مَعَ رَبِّهِ ، وَالْتَزَمَ .
وَالْعَقْدُ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْقَوْلِ . وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } . كَذَلِكَ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } .
وَمَا قَالَ الْقَائِلُ : عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ إلَّا لِيَفْعَلَ ، فَإِذَا فَعَلَ كَانَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ ; فَإِنَّ الْقَوْلَ عَقْدٌ وَهَذَا نَقْدٌ ; وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَشَرْحِ الْحَدِيثِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ تَمْهِيدًا بَلِيغًا ، فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ .
[ ص: 9 ]
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِعَقْدِ الْجَاهِلِيَّةِ حِينَ كَانُوا يَقُولُونَ : هَدْمِي هَدْمُك ، وَدَمِي دَمُك ، وَهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَتَعَاقَدُونَ عَلَى النُّصْرَةِ فِي الْبَاطِلِ .
قُلْنَا : كَذَبْتُمْ ; إنَّمَا كَانُوا يَتَعَاقَدُونَ عَلَى مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ حَقًّا ، وَفِيمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ حَقًّا مَا هُوَ حَقٌّ كَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ ، وَحَمْلِ الْكَلِّ ، وَقِرَى الضَّيْفِ ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ . وَفِيهِ أَيْضًا بَاطِلٌ ; فَرَفَعَ الْإِسْلَامُ مِنْ ذَلِكَ الْبَاطِلَ بِالْبَيَانِ ، وَأَوْثَقَ عُرَى الْجَائِزِ ، وَالْحَقِّ مِنْهُ بِالْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِإِتْيَانِهِمْ نَصِيبَهُمْ فِيهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالنُّصْرَةِ ، وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15091الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ } . مَعْنَاهُ إنَّمَا تَظْهَرُ حَقِيقَةُ إيمَانِهِمْ عِنْدَ الْوَفَاءِ بِشُرُوطِهِمْ .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ } . ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34220مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ } . فَبَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18085الشَّرْطَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيْ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى ، كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِعَقْدٍ إلَّا أَنْ يُعْقَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ .
وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْوَفَاءَ بِعُهُودِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ ، فَيَسْقُطَ .
[ ص: 10 ] وَلَا يَمْنَعُ هَذَا التَّعَلُّقَ بِعُمُومِ الْقَوْلَيْنِ ; وَلِذَلِكَ حَثَّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ ، فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=77وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . وَأَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْ الشَّرِّ ، فَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=71362لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } .
فَهَذَا حَثٌّ عَلَى فِعْلِ كُلِّ خَيْرٍ وَاجْتِنَابِ كُلِّ شَرٍّ . فَأَمَّا اجْتِنَابُ الشَّرِّ فَجَمِيعُهُ وَاجِبٌ . وَأَمَّا فِعْلُ الْخَيْرِ فَيَنْقَسِمُ إلَى مَا يَجِبُ وَإِلَى مَا لَا يَجِبُ ; وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18085الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ ، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْوُجُوبُ ، إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى نَدْبِهِ ; وَقَدْ جَهِلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : لَمَّا كَانَتْ الْعُقُودُ الْبَاطِلَةُ وَالشُّرُوطُ الْبَاطِلَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْجَائِزُ مِنْهَا مَحْصُورٌ فَصَارَ مَجْهُولًا فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَلَا بِالشُّرُوطِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قُلْنَا : وَمَا لَا يَجُوزُ [ كَيْفَ ] يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ أَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ مُجْمَلًا .
وَاَللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَلَا بِالْبَاطِلِ : لَقَدْ ضَلَّتْ إمَامَتُك وَخَابَتْ أَمَانَتُك ، وَعَلَى هَذَا لَا دَلِيلَ فِي الشَّرْعِ لِأَمْرٍ يُفْعَلُ ; فَإِنَّ مِنْهُ كُلِّهِ مَا لَا يَجُوزُ ، وَمِنْهُ مَا يَجُوزُ ، فَيُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ وَأَوَامِرِهِ .
وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالْوَقْفِ لَمْ يَرْتَكِبُوا هَذَا الْخَطَرَ ، وَلَا سَلَكُوا هَذَا الْوَعْرَ ، فَدَعْ هَذَا ، وَعَدِّ الْقَوْلَ إلَى الْعِلْمِ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : مَحْمُولُ قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } عَلَى الْمُقَيَّدِ لِمَا بَيَّنَّا ، وَهِيَ :
[ ص: 11 ] الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : قُلْنَا : فَقَدْ أَبْطَلْنَا مَا يُثْبِتُ
nindex.php?page=treesubj&link=18085مَحْمُولَ قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } عَلَى كُلِّ عَقْدٍ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ .
وَمَاذَا تُرِيدُ بِقَوْلِك مُقَيَّدًا ؟ تُرِيدُ قُيِّدَ بِالْجَوَازِ أَمْ قُيِّدَ بِقُرْبَةٍ ، أَوْ قُيِّدَ بِشَرْطٍ ؟ فَإِنْ أَرَدْت بِهِ قُيِّدَ بِشَرْطٍ لَزِمَك فِيهِ مَا لَزِمَك فِي الْمُطْلَقِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ لَك ، وَإِنْ قُلْت : مُقَيَّدٌ بِقُرْبَةٍ ، فَيَبْطُلُ بِالْمُعَامَلَاتِ ، وَإِنْ قُلْت : مُقَيَّدٌ بِالدَّلِيلِ ، فَالدَّلِيلُ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } .
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا عَقْدُ الْيَمِينِ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قُلْنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=27089_16476_18789_18785_18784_18085لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْيَمِينِ ، وَكَيْفَ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَهُوَ عَقْدٌ أُكِّدَ بِاسْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ؟ حَاشَا لِلَّهِ أَنْ نَقُولَ هَذَا ، وَلَكِنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ رَحْمَةً وَرُخْصَةً فِي إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ بَدَلًا مِنْ الْبِرِّ ، وَخَلَفًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الَّذِي فَوَّتَهُ الْحِنْثُ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ، وَسَتَرَاهُ فِي آيَةِ الْكَفَّارَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إذَا نَذَرَ قُرْبَةً لَا يَدْفَعُ بِهَا بَلِيَّةً وَلَا يَسْتَنْجِحُ بِهَا طَلَبَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا . قُلْنَا : مَنْ قَالَ بِهَذَا فَقَدْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ دَلَائِلُ الشَّرْعِ ; وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8801أَوْفِ بِنَذْرِك } .
وَقَدْ بَيَّنَّا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَمَاذَا عَلَى الشَّرِيعَةِ أَوْ مَاذَا يَقْدَحُ فِي الْأَدِلَّةِ مِنْ رَأْيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ .
[ ص: 12 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=4192_4183نَذْرُ الْمُبَاحِ فَلَمْ يَلْزَمْ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَنَصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ ، وَهِيَ شَيْءٌ جَهِلْته يَا هَذَا الْعَالِمُ ، فَادْرُجْ عَنْ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ ، فَلَيْسَ بِوَكْرٍ إلَّا لِمَنْ أَمَّنَتْهُ مَعْرِفَةُ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَكْرِ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ ، وَلَا أُعْجِبَ بِطُرُقٍ مِنْ النَّظَرِ حَصَّلَهَا ، وَلَمْ يَتَمَرَّسْ فِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا بِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَافْهَمْ هَذَا ، وَاَللَّهُ يُوَفِّقُكُمْ وَإِيَّانَا بِتَوْفِيقِهِ لِتَوْفِيَةِ عُهُودِ الشَّرِيعَةِ حَقَّهَا .