الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=387_26808_391باب ما جاء في البول قائما
98 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : من حدثكم { nindex.php?page=hadith&LINKID=34554أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائما [ ص: 116 ] فلا تصدقوه ما كان يبول إلا جالسا } . رواه الخمسة إلا أبا داود ، وقال الترمذي هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح ) .
قال الترمذي وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وبريدة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إنما روي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11808عبد الكريم بن أبي المخارق عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29940رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لا تبل قائما فما بلت قائما بعد } قال الترمذي : وإنما رفع هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=11808عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني وتكلم فيه .
وروى عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ( ما بلت قائما منذ أسلمت ) ، وهذا أصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم .
وحديث بريدة في هذا غير محفوظ وهو بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17115ثلاث من الجفاء أن يبول الرجل قائما أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته ، أو ينفخ في سجوده } ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وفي إسناد حديث الباب شريك بن عبد الله وقد أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في المتابعات . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قال : ( من الجفاء أن يبول الرجل قائما ) .
والحديث يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يبول حال القيام بل كان هديه في البول القعود فيكون nindex.php?page=treesubj&link=26808البول حال القيام مكروها ولكن قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة هذا لا ينفي إثبات من أثبت وقوع البول منه حال القيام كما سيأتي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة { nindex.php?page=hadith&LINKID=3032أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم فبال قائما } ، ولا شك أن الغالب من فعله هو القعود والظاهر أن بوله قائما لبيان الجواز ، وقيل : إنما فعله لوجع كان بمأبضه ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في النهاية .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12462إنما بال قائما لجرح كان في مأبضه } . قال الحافظ : ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى لكن ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي . والمأبض : باطن الركبة . وقيل : فعله استشفاء كما سيأتي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقيل : لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل منه شيء . وقيل : إنما بال قائما لكونها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت ففعل ذاك لكونه قريبا من الديار ، ويؤيده ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال : البول قائما أحصن للدبر .
قال ابن القيم في الهدي : والصحيح إنما فعل ذلك تنزها وبعدا من إصابة البول فإنه إنما فعل هذا لما أتى سباطة قوم وهو ملقى الكناسة وتسمى المزبلة وهي تكون مرتفعة ، فلو بال فيها الرجل قاعدا لارتد عليه بوله ، وهو صلى الله عليه وسلم استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط ، فلم يكن بد من بوله قائما ، ولا يخفى ما في هذا الكلام من التكلف .
والحاصل أنه قد ثبت عنه البول قائما وقاعدا والكل سنة ، فقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر أنه كان يأتي تلك السباطة فيبول قائما ، هذا إذا لم يصح في الباب إلا مجرد الأفعال ، أما إذا صح النهي عن البول حال القيام كما سيأتي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=8371أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يبول الرجل قائما } وجب المصير إليه [ ص: 117 ] والعمل بموجبه ، ولكنه يكون الفعل الذي صح عنه صارفا للنهي إلى الكراهة على فرض جهل التاريخ أو تأخر الفعل ، لأن لفظ الرجل يشمله صلى الله عليه وسلم بطريق الظهور فيكون فعله صالحا للصرف لكونه وقع بمحضر من الناس فالظاهر أنه أراد التشريع ويعضده نهيه صلى الله عليه وسلم لعمر ، وإن كان فيه ما سلف .
وقد صرح أبو عوانة في صحيحه وابن شاهين بأن البول عن قيام منسوخ واستدلا عليه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة السابق وبحديثها أيضا { nindex.php?page=hadith&LINKID=34230ما بال قائما منذ أن أنزل عليه القرآن } رواه أبو عوانة في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، قال الحافظ : والصواب أنه غير منسوخ . والجواب عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه .
وقد حفظه nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة وهو من كبار الصحابة ، وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن .
وقد ثبت عن أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياما ، وهو دال على الجواز من غير كراهية إذا أمن الرشاش ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء انتهى .
99 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38216نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرجل قائما } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ) . الحديث في إسناده عدي بن الفضل وهو متروك ، وقد عرفت ما قاله الحافظ من عدم ثبوت شيء في النهي عن البول من قيام عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن بعض مشايخه أنه قال : كان من شأن العرب البول من قيام ، ويدل عليه ما في حديث عبد الرحمن بن حسنة الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهما فإن فيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16067بال رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فقلنا : انظروا إليه يبول كما تبول المرأة } .
وما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بلفظ : ( فقام كما يقوم أحدكم ) وذلك يشعر بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالفهم ويقعد لكونه أستر وأبعد من مماسة البول ، قال الحافظ في الفتح : وهو يعني حديث عبد الرحمن صحيح ، صححه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره .
ويدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الذي رواه أبو عوانة في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34229ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما منذ أنزل عليه القرآن } ويدل عليه أيضا حديثها السالف .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى التشديد في البول من قيام فروي عنه ( أنه رأى رجلا يبول قائما فقال : ويحك أفلا قاعدا ؟ ثم ذكر قصة بني إسرائيل من أنه كان إذا أصاب جسد أحدهم البول قرضه ) . وقد ذهبت العترة والأكثر إلى كراهة . البول قائما ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين إلى عدم الكراهة ، والحديث لو صح وتجرد عن الصوارف لصلح [ ص: 118 ] متمسكا للتحريم ولكنه لم يصح ، كما قاله الحافظ ، وعلى فرض الصحة فالصارف موجود فيكون البول من قيام مكروها ، وقد عرفت بقية الكلام في الحديث الأول .
100 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة { nindex.php?page=hadith&LINKID=3032أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال : ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه } . رواه الجماعة ، والسباطة : ملقى التراب والقمام ) . قوله : ( سباطة قوم ) السباطة بمهملة مضمومة بعدها موحدة هي المزبلة والكناسة تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها ، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد فيها البول على البائل ، وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك لأنها لا تخلو عن النجاسة ، وبهذا يندفع إيراد من استشكل الرواية التي ذكر فيها الجدار قائلا : إن البول يوهي الجدار ففيه إضرار ، قال في الفتح : أو نقول : إنما بال فوق السباطة لا في أصل الجدار ، وهو صريح في رواية أبي عوانة في صحيحه .
وقيل : يحتمل أن يكون علم إذنهم في ذلك بالتصريح أو غيره ، أو لكونه مما يتسامح الناس به ، أو لعلمه بإيثارهم إياه بذلك ، أو لكونه يجوز له التصرف في مال أمته دون غيره لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأموالهم ، وهذا وإن كان صحيح المعنى لكنه لم يعهد ذلك من سيرته ومكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم قوله : ( فقال ادنه ) استدل به على جواز nindex.php?page=treesubj&link=387_26808_391الكلام في حال البول ، وفيه أن هذه الرواية قد بينت في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن قوله : ( ادنه ) كان بالإشارة لا باللفظ فلا يتم الاستدلال . قاله الحافظ .
وقد استشكل بأن قرب nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة منه بحيث يسمع نداءه . ويفهم إشارته مخالف لما عرف من عادته من الإبعاد عند قضاء الحاجة عن أعين الناظرين ، وقد أجيب عن ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم كان مشغولا بمصالح المسلمين ، فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج إلى البول فلو أبعد لتضرر . وقيل : فعل ذلك لبيان الجواز . وقيل : إنه فعل ذلك في البول وهو أخف من الغائط لاحتياجه إلى زيادة تكشف ولما يقترن به من الرائحة . وقيل : إن الغرض من الإبعاد التستر ، وهو يحصل بإرخاء الذيل والدنو من الساتر . والحديث يدل على جواز البول من قيام ، وقد سبق الكلام على ذلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: ولعله لم يجلس لمانع كان بها أو وجع كان به ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة { nindex.php?page=hadith&LINKID=3040أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما من جرح كان بمأبضه } ، ويحمل قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها على غير حال العذر ، والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال : كانت العرب تستشفي لوجع الصلب [ ص: 119 ] بالبول قائما فيرى أنه لعله كان به إذ ذاك وجع الصلب ا هـ . وقد عرفت تضعيف nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي لحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الحديث الأول من هذا الباب .