قال
nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف قدس الله روحه ونور ضريحه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الحمد لله } الذي {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا } افتتح الكتاب بحمد الله سبحانه وتعالى أداء لحق شيء مما يجب عليه من شكر النعمة ، التي من آثارها تأليف هذا الكتاب ، وعملا بالأحاديث الواردة في الابتداء به كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وأبي عوانة nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عنه صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28798nindex.php?page=treesubj&link=939_29484كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد فهو أجذم } . واختلف في وصله وإرساله ،
[ ص: 17 ] فرجح
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني الإرسال .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير
والرهاوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع } .
وأخرج أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا بلفظ . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع } . وأخرجه أيضا
أبو داود عنه ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وفي رواية : " أبتر " بدل " أقطع " ، وله ألفاظ أخر أوردها الحافظ
عبد القادر الرهاوي في الأربعين له ، وسيذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا في باب اشتمال الخطبة على حمد الله من أبواب الجمعة .
والحمد في الأصل مصدر منصوب بفعل مقدر حذف حذفا قياسيا كما صرح بذلك
الرضي ورجحه ، أو سماعيا كما ذهب إليه غيره . وعدل به إلى الرفع للدلالة على الدوام المستفاد من الجملة الاسمية ولو بمعونة المقام لا من مجرد العدول إذ لا مدخلية له في ذلك . وحلي باللام ليفيد الاختصاص الثبوتي وهو مستلزم للقصر فيكون الحمد مقصورا عليه تعالى ، إما باعتبار أن كل حمد لغيره آيل إليه ، أو منزل منزلة العدم مبالغة وادعاء ، أو لكون الحمد له جل جلاله هو الفرد الكامل .
والحمد هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري للتعظيم ، وإطلاق الجميل الأول لإدخال وصفه تعالى بصفاته الذاتية ، فإنه حمد له وتقييد الثاني بالاختياري لإخراج المدح فيكون على هذا أعم من الحمد مطلقا ، وقيل : هما أخوان ، وذكر قيد التعظيم لإخراج ما يأتي به من المشعرات بالتعظيم على سبيل الاستهزاء والسخرية ، ولكنه يستلزم اعتبار فعل الجنان وفعل الأركان في الحمد ; لأن التعظيم لا يحصل بدونهما .
وأجيب بأنهما فيه شرطان لا جزآن ولا جزئيان ، ومن ههنا يلوح صحة ما قاله الجمهور من أن الحمد أعم من الشكر متعلقا ، وأخص موردا لا كما زعمه البعض من أن الحمد أعم مطلقا لمساواته الشكر في المورد وزيادته عليه بكونه أعم متعلقا . ومما ينبغي أن يعلم ههنا أن الحمد يقتضي متعلقين هما : المحمود به ، والمحمود عليه ، فالأول : ما حصل به الحمد ، والثاني : الحامل عليه كحمدك لزيد بالكرم في مقابلة الإنعام ، وقد يكون التغاير اعتبارا مع الاتحاد ذاتا كالحمد منك لمنعم بإنعامه عليك في مقابلة ذلك الإنعام ، فإن الإنعام من حيث الصدور من المنعم محمود به ومن حيث الوصول إليك محمود عليه .
وتقديم الحمد الذي هو المبتدأ على الله الذي هو الخبر لا بد له من نكتة ، وإن كان أصل المبتدإ التقديم ، وهي ترجيح مطابقة مقتضى المقام ، فإنه مقام الحمد الاسم الشريف ، وإن كان مستحقا للتقديم من جهة ذاته فرعاية ما يقتضيه المقام ألصق بالبلاغة من رعاية ما تقتضيه الذات . لا يقال : الحمد الذي هو إثبات الصفة الجميلة للذات لا يتم إلا بمجموع الموضوع والمحمول ; لأنا نقول : لفظ الحمد هو الدال على مفهوم فقدم من هذه الحيثية وإن كان لا يتم ذلك الإثبات
[ ص: 18 ] إلا بالمجموع ، اللام داخلة على اسمه تعالى تفيد الاختصاص الإثباتي ، وهو لا يستلزم القصر كما لا يستلزمه الثبوتي . والله اسم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ، ولذلك آثره على غيره من أسمائه جل جلاله ، وإنما كان هذا الاسم هو المستجمع لجميع الصفات دون غيره من الأسماء ; لأن الذات المخصوصة هي المشهورة بالاتصاف بصفات الكمال ، فما يكون علما لها دالا عليها بخصوصها يدل على هذه الصفات ، لا ما يكون موضوعا لمفهوم كلي ، وإن اختص في الاستعمال بها كالرحمن ، وهذا إنما يتم على القول بأن لفظ الله علم للذات كما هو الحق وعليه الجمهور ، لا المفهوم كما زعمه البعض .
وأصله الإله حذفت الهمزة وعوضت منها لام التعريف تخفيفا ، ولذلك لزمت وصفه بنفي الولد والشريك ; لأن من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة ويستحق جنس الحمد ، ولك أن تجعل نفي هذه الصفة التي يكون إثباتها ذريعة من ذرائع منع المعروف لكون الولد مبخلة ، والشريك مانعا من التصرف رديفا لإثبات ضدها على سبيل الكناية . وإنما افتتح
nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف - رحمه الله تعالى - كتابه بهذه الآية مع إمكان تأدية الحمد الذي يشرع في الافتتاح بغيرها ، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أفصح الغلام من
بني عبد المطلب علمه هذه الآية ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في المصنف
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في مصنفه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12769وابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ، ثم عطف على تلك الصفة النفيية صفة إثباتية مشتملة على أنه جل جلاله خالق الأشياء بأسرها ومقدرها دقها وجلها
ولا شك أن
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29484نعمة خلق الخلق وتقديره من البواعث على الحمد وتكريره لكون ذلك أول نعمة أنعم الله بها على الحامد
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13028الْمُصَنِّفُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الْحَمْدُ لِلَّهِ } الَّذِي {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } افْتَتَحَ الْكِتَابَ بِحَمْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَدَاءً لِحَقِّ شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ شُكْرِ النِّعْمَةِ ، الَّتِي مِنْ آثَارِهَا تَأْلِيفُ هَذَا الْكِتَابِ ، وَعَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الِابْتِدَاءِ بِهِ كَحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ
أَبِي دَاوُد nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ وَأَبِي عَوَانَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنِ حِبَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28798nindex.php?page=treesubj&link=939_29484كُلُّ كَلَامِ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ فَهُوَ أَجْذَمُ } . وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ ،
[ ص: 17 ] فَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيّ الْإِرْسَالَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ
وَالرَّهَاوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ أَقْطَعُ } .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28730كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ } . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا
أَبُو دَاوُد عَنْهُ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، وَفِي رِوَايَةٍ : " أَبْتَرُ " بَدَلَ " أَقْطَعُ " ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ أُخَرُ أَوْرَدَهَا الْحَافِظُ
عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ لَهُ ، وَسَيَذْكُرُ
nindex.php?page=showalam&ids=13028الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُحَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا فِي بَابِ اشْتِمَالِ الْخُطْبَةِ عَلَى حَمْدِ اللَّهِ مِنْ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ .
وَالْحَمْدُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ حُذِفَ حَذْفًا قِيَاسِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ
الرَّضِيُّ وَرَجَّحَهُ ، أَوْ سَمَاعِيًّا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ . وَعَدَلَ بِهِ إلَى الرَّفْعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَلَوْ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ الْعُدُولِ إذْ لَا مَدْخَلِيَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ . وَحُلِّيَ بِاللَّامِ لِيُفِيدَ الِاخْتِصَاصَ الثُّبُوتِيَّ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْقَصْرِ فَيَكُونُ الْحَمْدُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ تَعَالَى ، إمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلَّ حَمْدٍ لِغَيْرِهِ آيِلٌ إلَيْهِ ، أَوْ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ مُبَالَغَةً وَادِّعَاءً ، أَوْ لِكَوْنِ الْحَمْدِ لَهُ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ الْفَرْدُ الْكَامِلُ .
وَالْحَمْدُ هُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ لِلتَّعْظِيمِ ، وَإِطْلَاقُ الْجَمِيلِ الْأَوَّلِ لِإِدْخَالِ وَصْفِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ ، فَإِنَّهُ حَمْدٌ لَهُ وَتَقْيِيدُ الثَّانِي بِالِاخْتِيَارِيِّ لِإِخْرَاجِ الْمَدْحِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا أَعَمَّ مِنْ الْحَمْدِ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : هُمَا أَخَوَانِ ، وَذَكَرَ قَيْدَ التَّعْظِيمِ لِإِخْرَاجِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْمُشْعِرَاتِ بِالتَّعْظِيمِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ فِعْلِ الْجِنَانِ وَفِعْلِ الْأَرْكَانِ فِي الْحَمْدِ ; لِأَنَّ التَّعْظِيمَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِهِمَا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا فِيهِ شَرْطَانِ لَا جُزْآنِ وَلَا جُزْئِيَّانِ ، وَمِنْ هَهُنَا يَلُوحُ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ الْحَمْدَ أَعَمُّ مِنْ الشُّكْرِ مُتَعَلَّقًا ، وَأَخَصُّ مَوْرِدًا لَا كَمَا زَعَمَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّ الْحَمْدَ أَعَمُّ مُطْلَقًا لِمُسَاوَاتِهِ الشُّكْرَ فِي الْمَوْرِدِ وَزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ أَعَمَّ مُتَعَلَّقًا . وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ هَهُنَا أَنَّ الْحَمْدَ يَقْتَضِي مُتَعَلَّقَيْنِ هُمَا : الْمَحْمُودُ بِهِ ، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ ، فَالْأَوَّلُ : مَا حَصَلَ بِهِ الْحَمْدُ ، وَالثَّانِي : الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَحَمْدِكَ لِزَيْدٍ بِالْكَرَمِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِنْعَامِ ، وَقَدْ يَكُونُ التَّغَايُرُ اعْتِبَارًا مَعَ الِاتِّحَادِ ذَاتًا كَالْحَمْدِ مِنْك لِمُنْعِمٍ بِإِنْعَامِهِ عَلَيْك فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْإِنْعَامِ ، فَإِنَّ الْإِنْعَامَ مِنْ حَيْثُ الصُّدُورُ مِنْ الْمُنْعِمِ مَحْمُودٌ بِهِ وَمِنْ حَيْثُ الْوُصُولُ إلَيْك مَحْمُودٌ عَلَيْهِ .
وَتَقْدِيمُ الْحَمْدِ الَّذِي هُوَ الْمُبْتَدَأُ عَلَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ الْخَبَرُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْمُبْتَدَإِ التَّقْدِيمَ ، وَهِيَ تَرْجِيحُ مُطَابَقَةِ مُقْتَضَى الْمَقَامِ ، فَإِنَّهُ مَقَامُ الْحَمْدِ الِاسْمُ الشَّرِيفُ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّقْدِيمِ مِنْ جِهَةِ ذَاتِهِ فَرِعَايَةُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ أَلْصَقُ بِالْبَلَاغَةِ مِنْ رِعَايَةِ مَا تَقْتَضِيهِ الذَّاتُ . لَا يُقَالُ : الْحَمْدُ الَّذِي هُوَ إثْبَاتُ الصِّفَةِ الْجَمِيلَةِ لِلذَّاتِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ ; لِأَنَّا نَقُولُ : لَفْظُ الْحَمْدِ هُوَ الدَّالُّ عَلَى مَفْهُومٍ فَقُدِّمَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ الْإِثْبَاتُ
[ ص: 18 ] إلَّا بِالْمَجْمُوعِ ، اللَّامُ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمِهِ تَعَالَى تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ الْإِثْبَاتِيَّ ، وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَصْرَ كَمَا لَا يَسْتَلْزِمُهُ الثُّبُوتِيُّ . وَاَللَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ ، وَلِذَلِكَ آثَرَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ جَلَّ جَلَالُهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الِاسْمُ هُوَ الْمُسْتَجْمِعُ لِجَمِيعِ الصِّفَاتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ ; لِأَنَّ الذَّاتَ الْمَخْصُوصَةَ هِيَ الْمَشْهُورَةُ بِالِاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ، فَمَا يَكُونُ عَلَمًا لَهَا دَالًّا عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ ، لَا مَا يَكُونُ مَوْضُوعًا لِمَفْهُومٍ كُلِّيٍّ ، وَإِنْ اخْتَصَّ فِي الِاسْتِعْمَالِ بِهَا كَالرَّحْمَنِ ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَفْظَ اللَّهِ عَلَمٌ لِلذَّاتِ كَمَا هُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ، لَا الْمَفْهُومِ كَمَا زَعَمَهُ الْبَعْضُ .
وَأَصْلُهُ الْإِلَهُ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ وَعُوِّضَتْ مِنْهَا لَامُ التَّعْرِيفِ تَخْفِيفًا ، وَلِذَلِكَ لَزِمَتْ وَصْفَهُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ ; لِأَنَّ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إيلَاءِ كُلِّ نِعْمَةٍ وَيَسْتَحِقُّ جِنْسَ الْحَمْدِ ، وَلَك أَنْ تَجْعَلَ نَفْيَ هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي يَكُونُ إثْبَاتُهَا ذَرِيعَةً مِنْ ذَرَائِعِ مَنْعِ الْمَعْرُوفِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ مَبْخَلَةً ، وَالشَّرِيكِ مَانِعًا مِنْ التَّصَرُّفِ رَدِيفًا لِإِثْبَاتِ ضِدِّهَا عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ . وَإِنَّمَا افْتَتَحَ
nindex.php?page=showalam&ids=13028الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعَ إمْكَانِ تَأْدِيَةِ الْحَمْدِ الَّذِي يُشْرَعُ فِي الِافْتِتَاحِ بِغَيْرِهَا ، لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَفْصَحَ الْغُلَامُ مِنْ
بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَّمَهُ هَذِهِ الْآيَةَ ، أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12769وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ النَّفْيِيَّةِ صِفَةً إثْبَاتِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى أَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ بِأَسْرِهَا وَمُقَدِّرُهَا دِقَّهَا وَجُلَّهَا
وَلَا شَكَّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29485_29484نِعْمَةَ خَلْقِ الْخَلْقِ وَتَقْدِيرِهِ مِنْ الْبَوَاعِثِ عَلَى الْحَمْدِ وَتَكْرِيرِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ أَوَّلَ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الْحَامِدِ