قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150إن الذين يكفرون لما ذكر المشركين والمنافقين ذكر الكفار من
أهل الكتاب ،
اليهود والنصارى ؛ إذ كفروا
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبين أن الكفر به كفر بالكل ؛ لأنه
nindex.php?page=treesubj&link=30172ما من نبي إلا وقد أمر قومه بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
[ ص: 369 ] ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله أي بين الإيمان بالله ورسله ؛ فنص سبحانه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28665_30172التفريق بين الله ورسله كفر ؛ وإنما كان كفرا لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29613_28750الله سبحانه فرض على الناس أن يعبدوه بما شرع لهم على ألسنة الرسل ، فإذا جحدوا الرسل ردوا عليهم شرائعهم ولم يقبلوها منهم ، فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أمروا بالتزامها ؛ فكان كجحد الصانع سبحانه ،
nindex.php?page=treesubj&link=10016وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية . وكذلك التفريق بين رسله في الإيمان بهم كفر ، وهي :
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض وهم اليهود آمنوا
بموسى وكفروا
بعيسى ومحمد ؛ وقد تقدم هذا من قولهم في " البقرة " . ويقولون لعوامهم : لم نجد ذكر
محمد في كتبنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أي يتخذوا بين الإيمان والجحد طريقا ، أي دينا مبتدعا بين الإسلام واليهودية . وقال : ذلك ولم يقل ذينك ؛ لأن ذلك تقع للاثنين ولو كان ذينك لجاز .
الثالثة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أولئك هم الكافرون حقا تأكيد يزيل التوهم في إيمانهم حين وصفهم بأنهم يقولون نؤمن ببعض ، وأن ذلك لا ينفعهم إذا كفروا برسوله ؛ وإذا كفروا برسوله فقد كفروا به عز وجل ، وكفروا بكل رسول مبشر بذلك الرسول ؛ فلذلك صاروا الكافرين حقا . وللكافرين يقوم مقام المفعول الثاني ل " أعتدنا " ؛ أي أعتدنا لجميع أصنافهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151عذابا مهينا أي مذلا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ لَمَّا ذَكَرَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ذَكَرَ الْكُفَّارَ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ ،
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؛ إِذْ كَفَرُوا
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْكُفْرَ بِهِ كُفْرٌ بِالْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30172مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَمَرَ قَوْمَهُ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
[ ص: 369 ] وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ أَيْ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ؛ فَنَصَّ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28665_30172التَّفْرِيقَ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ كُفْرٌ ؛ وَإِنَّمَا كَانَ كُفْرًا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29613_28750اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَعْبُدُوهُ بِمَا شَرَعَ لَهُمْ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ ، فَإِذَا جَحَدُوا الرُّسُلَ رَدُّوا عَلَيْهِمْ شَرَائِعَهُمْ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا مِنْهُمْ ، فَكَانُوا مُمْتَنِعِينَ مِنَ الْتِزَامِ الْعُبُودِيَّةِ الَّتِي أُمِرُوا بِالْتِزَامِهَا ؛ فَكَانَ كَجَحْدِ الصَّانِعِ سُبْحَانَهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=10016وَجَحْدُ الصَّانِعِ كُفْرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْتِزَامِ الطَّاعَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ . وَكَذَلِكَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ رُسُلِهِ فِي الْإِيمَانِ بِهِمْ كُفْرٌ ، وَهِيَ :
الثَّانِيةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَهُمُ الْيَهُودُ آمَنُوا
بِمُوسَى وَكَفَرُوا
بِعِيسَى وَمُحَمَّدٍ ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي " الْبَقَرَةِ " . وَيَقُولُونَ لِعَوَامِّهِمْ : لَمْ نَجِدْ ذِكْرَ
مُحَمَّدٍ فِي كُتُبِنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أَيْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْجَحْدِ طَرِيقًا ، أَيْ دِينًا مُبْتَدَعًا بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْيَهُودِيَّةِ . وَقَالَ : ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ ذَيْنَكَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقَعُ لِلِاثْنَيْنِ وَلَوْ كَانَ ذَيْنُكَ لَجَازَ .
الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا تَأْكِيدٌ يُزِيلُ التَّوَهُّمَ فِي إِيمَانِهِمْ حِينَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ إِذَا كَفَرُوا بِرَسُولِهِ ؛ وَإِذَا كَفَرُوا بِرَسُولِهِ فَقَدْ كَفَرُوا بِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَفَرُوا بِكُلِّ رَسُولٍ مُبَشِّرٍ بِذَلِكَ الرَّسُولِ ؛ فَلِذَلِكَ صَارُوا الْكَافِرِينَ حَقًّا . وَلِلْكَافِرِينَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِ " أَعْتَدْنَا " ؛ أَيْ أَعْتَدْنَا لِجَمِيعِ أَصْنَافِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151عَذَابًا مُهِينًا أَيْ مُذِلًّا .