قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم أي إن كلا من الأمم التي عددناهم
[ ص: 92 ] يرون جزاء أعمالهم ; فكذلك قومك يا
محمد . واختلف القراء في قراءة
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وإن كلا لما فقرأ أهل الحرمين -
نافع وابن كثير وأبو بكر معهم - " وإن كلا لما " بالتخفيف ، على أنها " إن " المخففة من الثقيلة معملة ; وقد ذكر هذا
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : حدثنا من أثق به أنه سمع العرب تقول : إن زيدا لمنطلق ; وأنشد قول الشاعر :
كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم
أراد كأنها ظبية فخفف ونصب ما بعدها ; والبصريون يجوزون تخفيف إن المشددة مع إعمالها ; وأنكر ذلك
الكسائي وقال : ما أدري على أي شيء قرئ " وإن كلا " ! وزعم
الفراء أنه نصب كلا في قراءة من خفف بقوله : ليوفينهم أي وإن ليوفينهم كلا ; وأنكر ذلك جميع النحويين ، وقالوا : هذا من كبير الغلط ; لا يجوز عند أحد : زيدا لأضربنه . وشدد الباقون إن ونصبوا بها كلا على أصلها . وقرأ
عاصم وحمزة وابن عامر لما بالتشديد . وخففها الباقون على معنى : وإن كلا ليوفينهم ، جعلوا " ما " صلة . وقيل : دخلت لتفصل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم ، وكلاهما مفتوح ففصل بينهما ب " ما " . وقال
الزجاج : لام " لما " لام " إن " و " ما " زائدة مؤكدة ; تقول : إن زيدا لمنطلق ، فإن تقتضي أن يدخل على خبرها أو اسمها لام كقولك : إن الله لغفور رحيم ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=21إن في ذلك لذكرى . واللام في ليوفينهم هي التي يتلقى بها القسم ، وتدخل على الفعل ويلزمها النون المشددة أو المخففة ، ولما اجتمعت اللامان فصل بينهما ب " ما " و " ما " زائدة مؤكدة ، وقال
الفراء : " ما " بمعنى " من " كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وإن منكم لمن ليبطئن أي وإن كلا لمن ليوفينهم ، واللام في " ليوفينهم " للقسم ; وهذا يرجع معناه إلى قول
الزجاج ، غير أن " ما " عند
الزجاج زائدة وعند
الفراء اسم بمعنى " من " . وقيل : ليست بزائدة ، بل هي اسم دخل عليها لام التأكيد ، وهي خبر " إن " و " ليوفينهم " جواب القسم ، التقدير : وإن كلا خلق ليوفينهم ربك أعمالهم . وقيل : " ما " بمعنى " من " كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فانكحوا ما طاب لكم من النساء أي من ; وهذا كله هو قول
الفراء بعينه . وأما من شدد لما وقرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وإن كلا لما بالتشديد فيهما - وهو
حمزة ومن وافقه - فقيل : إنه لحن ; حكي عن
محمد بن زيد أن هذا لا يجوز ; ولا يقال : إن زيدا إلا لأضربنه ، ولا لما لضربته . وقال
الكسائي : الله أعلم بهذه القراءة ; وما أعرف لها وجها . وقال هو
nindex.php?page=showalam&ids=12096وأبو علي الفارسي : التشديد فيهما مشكل . قال
النحاس وغيره : وللنحويين في
[ ص: 93 ] ذلك أقوال : الأول : أن أصلها " لمن ما " فقلبت النون ميما ، واجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى فصارت لما و " ما " على هذا القول بمعنى " من " تقديره : وإن كلا لمن الذين ; كقولهم :
وإني لما أصدر الأمر وجهه إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
وزيف
الزجاج هذا القول ، وقال : " من " اسم على حرفين فلا يجوز حذفه . الثاني : أن الأصل . لمن ما ، فحذفت الميم المكسورة لاجتماع الميمات ، والتقدير : وإن كلا لمن خلق ليوفينهم . وقيل : " لما " مصدر " لم " وجاءت بغير تنوين حملا للوصل على الوقف ; فهي على هذا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=19وتأكلون التراث أكلا لما أي جامعا للمال المأكول ; فالتقدير على هذا : وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم توفية لما ; أي جامعة لأعمالهم جمعا ، فهو كقولك : قياما لأقومن . وقد قرأ
الزهري لما بالتشديد والتنوين على هذا المعنى . الثالث : أن " لما " بمعنى " إلا " حكى أهل اللغة : سألتك بالله لما فعلت ; بمعنى إلا فعلت ; ومثله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إن كل نفس لما عليها حافظ أي إلا عليها ; فمعنى الآية : ما كل واحد منهم إلا ليوفينهم ; قال
القشيري : وزيف
الزجاج هذا القول بأنه لا نفي لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وإن كلا لما حتى تقدر " إلا " ولا يقال : ذهب الناس لما زيد . الرابع : قال
أبو عثمان المازني : الأصل وإن كلا لما بتخفيف " لما " ثم ثقلت كقوله :
لقد خشيت أن أرى جدبا في عامنا ذا بعدما أخصبا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج : هذا خطأ ، إنما يخفف المثقل ; ولا يثقل المخفف . الخامس : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام : يجوز أن يكون التشديد من قولهم : لممت الشيء ألمه لما إذا جمعته ; ثم بني منه فعلى ، كما قرئ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44ثم أرسلنا رسلنا تترى بغير تنوين وبتنوين . فالألف على هذا للتأنيث ، وتمال على هذا القول لأصحاب الإمالة ; قال
أبو إسحاق : القول الذي لا يجوز غيره عندي أن تكون مخففة من الثقيلة ، وتكون بمعنى " ما " مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إن كل نفس لما عليها حافظ وكذا أيضا تشدد على أصلها ، وتكون بمعنى " ما " و " لما " بمعنى " إلا " حكى ذلك
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه وجميع البصريين ; وأن " لما " يستعمل بمعنى " إلا " قلت : هذا القول الذي ارتضاه
الزجاج حكاه عنه
النحاس وغيره ; وقد تقدم مثله وتضعيف
الزجاج له ، إلا أن ذلك القول صوابه " إن " فيه نافية ، وهنا مخففة من الثقيلة فافترقا وبقيت
[ ص: 94 ] قراءتان ; قال
أبو حاتم : وفي حرف
أبي : " وإن كل إلا ليوفينهم " وروي عن
الأعمش " وإن كل لما " بتخفيف " إن " ورفع " كل " وبتشديد " لما " . قال
النحاس : وهذه القراءات المخالفة للسواد تكون فيها " إن " بمعنى " ما " لا غير ، وتكون على التفسير ; لأنه لا يجوز أن يقرأ بما خالف السواد إلا على هذه الجهة .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111إنه بما يعملون خبير تهديد ووعيد .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ أَيْ إِنَّ كُلًّا مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي عَدَدْنَاهُمْ
[ ص: 92 ] يَرَوْنَ جَزَاءَ أَعْمَالِهِمْ ; فَكَذَلِكَ قَوْمُكَ يَا
مُحَمَّدُ . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا فَقَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ -
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُمْ - " وَإِنْ كُلًّا لَمَّا " بِالتَّخْفِيفِ ، عَلَى أَنَّهَا " إِنْ " الْمُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ مُعْمَلَةً ; وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا
الْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : حَدَّثَنَا مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ : إِنْ زَيْدًا لَمُنْطَلِقٌ ; وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
كَأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى وَارِقِ السَّلَمْ
أَرَادَ كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ فَخَفَّفَ وَنَصَبَ مَا بَعْدَهَا ; وَالْبَصْرِيُّونَ يُجَوِّزُونَ تَخْفِيفَ إِنَّ الْمُشَدَّدَةَ مَعَ إِعْمَالِهَا ; وَأَنْكَرَ ذَلِكَ
الْكِسَائِيُّ وَقَالَ : مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُرِئَ " وَإِنْ كُلًّا " ! وَزَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّهُ نَصَبَ كُلًّا فِي قِرَاءَةِ مَنْ خَفَّفَ بِقَوْلِهِ : لَيُوَفِّيَنَّهُمْ أَيْ وَإِنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ كُلًّا ; وَأَنْكَرَ ذَلِكَ جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ ، وَقَالُوا : هَذَا مِنْ كَبِيرِ الْغَلَطِ ; لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ : زَيْدًا لَأَضْرِبَنَّهُ . وَشَدَّدَ الْبَاقُونَ إِنَّ وَنَصَبُوا بِهَا كُلًّا عَلَى أَصْلِهَا . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَابْنُ عَامِرٍ لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ . وَخَفَّفَهَا الْبَاقُونَ عَلَى مَعْنَى : وَإِنَّ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ، جَعَلُوا " مَا " صِلَةً . وَقِيلَ : دَخَلَتْ لِتَفْصِلَ بَيْنَ اللَّامَيْنِ اللَّتَيْنِ تَتَلَقَّيَانِ الْقَسَمَ ، وَكِلَاهُمَا مَفْتُوحٌ فَفُصِلَ بَيْنَهُمَا بِ " مَا " . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : لَامُ " لَمَّا " لَامُ " إِنَّ " وَ " مَا " زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ ; تَقُولُ : إِنَّ زَيْدًا لَمُنْطَلِقٌ ، فَإِنَّ تَقْتَضِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَى خَبَرِهَا أَوِ اسْمِهَا لَامٌ كَقَوْلِكَ : إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=21إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى . وَاللَّامُ فِي لَيُوَفِّيَنَّهُمْ هِيَ الَّتِي يُتَلَقَّى بِهَا الْقَسَمُ ، وَتَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ وَيَلْزَمُهَا النُّونُ الْمُشَدَّدَةُ أَوِ الْمُخَفَّفَةُ ، وَلَمَّا اجْتَمَعَتِ اللَّامَانِ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِ " مَا " وَ " مَا " زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ ، وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : " مَا " بِمَعْنَى " مَنْ " كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=72وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ أَيْ وَإِنَّ كُلًّا لَمَنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ، وَاللَّامُ فِي " لَيُوَفِّيَنَّهُمْ " لِلْقَسَمِ ; وَهَذَا يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى قَوْلِ
الزَّجَّاجِ ، غَيْرَ أَنَّ " مَا " عِنْدَ
الزَّجَّاجِ زَائِدَةٌ وَعِنْدَ
الْفَرَّاءِ اسْمٌ بِمَعْنَى " مَنْ " . وَقِيلَ : لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ ، بَلْ هِيَ اسْمٌ دَخَلَ عَلَيْهَا لَامُ التَّأْكِيدِ ، وَهِيَ خَبَرُ " إِنَّ " وَ " لَيُوَفِّيَنَّهُمْ " جَوَابُ الْقَسَمِ ، التَّقْدِيرُ : وَإِنَّ كُلًّا خُلِقَ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ . وَقِيلَ : " مَا " بِمَعْنَى " مَنْ " كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ أَيْ مَنْ ; وَهَذَا كُلُّهُ هُوَ قَوْلُ
الْفَرَّاءِ بِعَيْنِهِ . وَأَمَّا مَنْ شَدَّدَ لَمَّا وَقَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ فِيهِمَا - وَهُوَ
حَمْزَةُ وَمَنْ وَافَقَهُ - فَقِيلَ : إِنَّهُ لَحْنٌ ; حُكِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ ; وَلَا يُقَالُ : إِنَّ زَيْدًا إِلَّا لَأَضْرِبَنَّهُ ، وَلَا لَمَّا لَضَرَبْتُهُ . وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ : اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ ; وَمَا أَعْرِفُ لَهَا وَجْهًا . وَقَالَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12096وَأَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : التَّشْدِيدُ فِيهِمَا مُشْكِلٌ . قَالَ
النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ : وَلِلنَّحْوِيِّينَ فِي
[ ص: 93 ] ذَلِكَ أَقْوَالٌ : الْأَوَّلُ : أَنَّ أَصْلَهَا " لِمَنْ مَا " فَقُلِبَتِ النُّونُ مِيمًا ، وَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ فَحُذِفَتِ الْوُسْطَى فَصَارَتْ لَمَّا وَ " مَا " عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَعْنَى " مَنْ " تَقْدِيرُهُ : وَإِنَّ كُلًّا لِمَنِ الَّذِينَ ; كَقَوْلِهِمْ :
وَإِنِّي لَمَّا أُصْدِرُ الْأَمْرَ وَجْهَهُ إِذَا هُوَ أَعْيَا بِالسَّبِيلِ مَصَادِرُهُ
وَزَيَّفَ
الزَّجَّاجُ هَذَا الْقَوْلِ ، وَقَالَ : " مَنْ " اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ حَذْفُهُ . الثَّانِي : أَنَّ الْأَصْلَ . لَمِنْ مَا ، فَحُذِفَتِ الْمِيمُ الْمَكْسُورَةُ لِاجْتِمَاعِ الْمِيمَاتِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَإِنَّ كُلًّا لَمِنْ خَلْقٍ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ . وَقِيلَ : " لَمَّا " مَصْدَرُ " لَمَّ " وَجَاءَتْ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ حَمْلًا لِلْوَصْلِ عَلَى الْوَقْفِ ; فَهِيَ عَلَى هَذَا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=19وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا أَيْ جَامِعًا لِلْمَالِ الْمَأْكُولِ ; فَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا : وَإِنَّ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ تَوْفِيَةً لَمًّا ; أَيْ جَامِعَةً لِأَعْمَالِهِمْ جَمْعًا ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ : قِيَامًا لَأَقُومَنَّ . وَقَدْ قَرَأَ
الزُّهْرِيُّ لَمًّا بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّنْوِينِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى . الثَّالِثُ : أَنَّ " لَمَّا " بِمَعْنَى " إِلَّا " حَكَى أَهْلُ اللُّغَةِ : سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ لَمَّا فَعَلْتَ ; بِمَعْنَى إِلَّا فَعَلْتَ ; وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ أَيْ إِلَّا عَلَيْهَا ; فَمَعْنَى الْآيَةِ : مَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ; قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَزَيَّفَ
الزَّجَّاجُ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا نَفْيَ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا حَتَّى تُقَدَّرَ " إِلَّا " وَلَا يُقَالُ : ذَهَبَ النَّاسُ لَمَّا زَيْدٍ . الرَّابِعُ : قَالَ
أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ : الْأَصْلُ وَإِنَّ كُلًّا لَمَا بِتَخْفِيفِ " لَمَّا " ثُمَّ ثُقِّلَتْ كَقَوْلِهِ :
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبًّا فِي عَامِنَا ذَا بَعْدَمَا أَخْصَبَّا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ : هَذَا خَطَأٌ ، إِنَّمَا يُخَفَّفُ الْمُثَقَّلُ ; وَلَا يُثَقَّلُ الْمُخَفَّفُ . الْخَامِسُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّشْدِيدُ مِنْ قَوْلِهِمْ : لَمَمْتُ الشَّيْءَ أَلُمُّهُ لَمًّا إِذَا جَمَعْتُهُ ; ثُمَّ بُنِيَ مِنْهُ فَعْلَى ، كَمَا قُرِئَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَبِتَنْوِينٍ . فَالْأَلِفُ عَلَى هَذَا لِلتَّأْنِيثِ ، وَتُمَالُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَصْحَابِ الْإِمَالَةِ ; قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : الْقَوْلُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى " مَا " مِثْلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=4إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ وَكَذَا أَيْضًا تُشَدَّدُ عَلَى أَصْلِهَا ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى " مَا " وَ " لَمَّا " بِمَعْنَى " إِلَّا " حَكَى ذَلِكَ
الْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ الْبَصْرِيِّينَ ; وَأَنَّ " لَمَّا " يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى " إِلَّا " قُلْتُ : هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ارْتَضَاهُ
الزَّجَّاجُ حَكَاهُ عَنْهُ
النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ وَتَضْعِيفُ
الزَّجَّاجِ لَهُ ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ صَوَابُهُ " إِنْ " فِيهِ نَافِيَةٌ ، وَهُنَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ فَافْتَرَقَا وَبَقِيَتْ
[ ص: 94 ] قِرَاءَتَانِ ; قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : وَفِي حَرْفِ
أُبَيٍّ : " وَإِنْ كُلٌّ إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ " وَرُوِيَ عَنِ
الْأَعْمَشِ " وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا " بِتَخْفِيفِ " إِنْ " وَرَفْعِ " كُلٌّ " وَبِتَشْدِيدِ " لَمَّا " . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذِهِ الْقِرَاءَاتُ الْمُخَالِفَةُ لِلسَّوَادِ تَكُونُ فِيهَا " إِنْ " بِمَعْنَى " مَا " لَا غَيْرَ ، وَتَكُونُ عَلَى التَّفْسِيرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِمَا خَالَفَ السَّوَادَ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=111إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ .