إلى ما خلق الله من شيء من شيء يعني من جسم قائم له ظل من شجرة أو جبل ; قاله ابن عباس . وإن كانت الأشياء كلها سميعة مطيعة لله - تعالى - .
يتفيأ ظلاله قرأ أبو عمرو ويعقوب وغيرهما بالتاء لتأنيث الظلال . الباقون بالياء ، واختاره أبو عبيد . أي يميل من جانب إلى جانب ، ويكون أول النهار على حال ويتقلص ثم يعود في آخر النهار على حالة أخرى ; فدورانها وميلانها من موضع إلى موضع سجودها ; ومنه قيل للظل بالعشي : فيء ; لأنه فاء من المغرب إلى المشرق ، أي رجع . والفيء الرجوع ; ومنه حتى تفيء إلى أمر الله . روي معنى هذا القول عن الضحاك وقتادة وغيرهما ، وقد مضى هذا المعنى في سورة " الرعد " وقال الزجاج : يعني سجود الجسم ، وسجوده انقياده وما يرى فيه من أثر الصنعة ، وهذا عام في كل جسم .
ووحد اليمين في قوله : عن اليمين وجمع الشمال ; لأن معنى اليمين وإن كان واحدا الجمع . ولو قال : عن الأيمان والشمائل ، أو اليمين والشمائل ، أو اليمين والشمال ، أو الأيمان والشمال لجاز ; لأن المعنى للكثرة . وأيضا فمن شأن العرب إذا اجتمعت علامتان في شيء واحد أن تجمع إحداهما وتفرد الأخرى ; كقوله - تعالى - : ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم [ ص: 101 ] وكقوله : ويخرجهم من الظلمات إلى النور ولو قال على أسماعهم وإلى الأنوار لجاز . ويجوز أن يكون رد اليمين على لفظ ما والشمال على معناها . ومثل هذا في الكلام كثير . قال الشاعر :
الواردون وتيم في ذرا سبإ قد عض أعناقهم جلد الجواميس
ولم يقل جلود . وقيل : وحد اليمين لأن الشمس إذا طلعت وأنت متوجه إلى القبلة انبسط الظل عن اليمين ثم في حال يميل إلى جهة الشمال ثم حالات ، فسماها شمائل .
وهم داخرون أي خاضعون صاغرون . والدخور : الصغار والذل . يقال : دخر الرجل - بالفتح - فهو داخر ، وأدخره الله . وقال : ذو الرمة
فلم يبق إلا داخر في مخيس ومنجحر في غير أرضك في جحر
كذا نسبه الماوردي ، ونسبه لذي الرمة الجوهري وقال : للفرزدق المخيس اسم سجن كان بالعراق ; أي موضع التذلل ، وقال :
أما تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا