قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله .
[ ص: 225 ] فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف الذين الخطاب لمن يملك أمر نفسه ، لا لمن زمامه بيد غيره فإنه يقوده إلى ما يراه ؛ كالمحجور - قولا واحدا - والأمة والعبد ؛ على أحد قولي العلماء .
الثانية : ( واستعفف ) وزنه استفعل ؛ ومعناه طلب أن يكون عفيفا ؛ فأمر الله تعالى بهذه الآية كل من تعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف . ثم لما كان أغلب الموانع على النكاح عدم المال وعد بالإغناء من فضله ؛ فيرزقه ما يتزوج به ، أو يجد امرأة ترضى باليسير من الصداق ، أو تزول عنه شهوة النساء . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500377ثلاثة كلهم حق على الله - عز وجل - عونهم المجاهد في سبيل الله ، والناكح الذي يريد العفاف ، والمكاتب الذي يريد الأداء .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33لا يجدون نكاحا أي طول نكاح ؛ فحذف المضاف . وقيل : النكاح هاهنا ما تنكح به المرأة من المهر والنفقة ؛ كاللحاف اسم لما يلتحف به . واللباس اسم لما يلبس ؛ فعلى هذا لا حذف في الآية ، قاله جماعة من المفسرين ؛ وحملهم على هذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حتى يغنيهم الله من فضله فظنوا أن المأمور بالاستعفاف إنما هو من عدم المال الذي يتزوج به . وفي هذا القول تخصيص المأمورين بالاستعفاف ؛ وذلك ضعيف ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=10800الأمر بالاستعفاف متوجه لكل من تعذر عليه النكاح بأي وجه تعذر ، كما قدمناه ، والله تعالى أعلم .
الرابعة : من
nindex.php?page=treesubj&link=10792تاقت نفسه إلى النكاح فإن وجد الطول فالمستحب له أن يتزوج ، وإن لم يجد الطول فعليه بالاستعفاف ما أمكن ولو بالصوم فإن الصوم له وجاء ؛ كما جاء في الخبر الصحيح .
nindex.php?page=treesubj&link=10794ومن لم تتق نفسه إلى النكاح فالأولى له التخلي لعبادة الله تعالى . وفي الخبر
[ ص: 226 ] (
خيركم الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد ) . وقد تقدم جواز
nindex.php?page=treesubj&link=25800نكاح الإماء عند عدم الطول للحرة في ( النساء ) والحمد لله . ولما لم يجعل الله له من العفة والنكاح درجة دل على أن ما عداهما محرم ولا يدخل فيه ملك اليمين ؛ لأنه بنص آخر مباح وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3أو ما ملكت أيمانكم فجاءت فيه زيادة
nindex.php?page=treesubj&link=19460ويبقى على التحريم الاستمناء ردا على
أحمد . وكذلك يخرج عنه نكاح المتعة بنسخه وقد تقدم هذا في ( المؤمنون ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .
[ ص: 225 ] فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ الْخِطَابُ لِمَنْ يَمْلِكُ أَمْرَ نَفْسِهِ ، لَا لِمَنْ زِمَامُهُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَقُودُهُ إِلَى مَا يَرَاهُ ؛ كَالْمَحْجُورِ - قَوْلًا وَاحِدًا - وَالْأَمَةُ وَالْعَبْدُ ؛ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ .
الثَّانِيَةُ : ( وَاسْتَعْفَفَ ) وَزْنُهُ اسْتَفْعَلَ ؛ وَمَعْنَاهُ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا ؛ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ كُلَّ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ وَلَا يَجِدُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ تَعَذَّرَ أَنْ يَسْتَعْفِفَ . ثُمَّ لَمَّا كَانَ أَغْلَبُ الْمَوَانِعِ عَلَى النِّكَاحِ عَدَمَ الْمَالِ وَعَدَ بِالْإِغْنَاءِ مِنْ فَضْلِهِ ؛ فَيَرْزُقُهُ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ ، أَوْ يَجِدُ امْرَأَةً تَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنَ الصَّدَاقِ ، أَوْ تَزُولُ عَنْهُ شَهْوَةُ النِّسَاءِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500377ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَوْنُهُمُ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا أَيْ طَوْلَ نِكَاحٍ ؛ فَحُذِفَ الْمُضَافُ . وَقِيلَ : النِّكَاحُ هَاهُنَا مَا تُنْكَحُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ؛ كَاللِّحَافِ اسْمٌ لِمَا يُلْتَحَفُ بِهِ . وَاللِّبَاسُ اسْمٌ لِمَا يُلْبَسُ ؛ فَعَلَى هَذَا لَا حَذْفَ فِي الْآيَةِ ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ؛ وَحَمَلَهُمْ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَظَنُّوا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالِاسْتِعْفَافِ إِنَّمَا هُوَ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ الَّذِي يَتَزَوَّجُ بِهِ . وَفِي هَذَا الْقَوْلِ تَخْصِيصُ الْمَأْمُورِينَ بِالِاسْتِعْفَافِ ؛ وَذَلِكَ ضَعِيفٌ ، بَلِ
nindex.php?page=treesubj&link=10800الْأَمْرُ بِالِاسْتِعْفَافِ مُتَوَجِّهٌ لِكُلِّ مَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ بِأَيِ وَجْهٍ تَعَذَّرَ ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
الرَّابِعَةُ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10792تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى النِّكَاحِ فَإِنْ وَجَدَ الطَّوْلَ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الطَّوْلَ فَعَلَيْهِ بِالِاسْتِعْفَافِ مَا أَمْكَنَ وَلَوْ بِالصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=10794وَمَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَى النِّكَاحِ فَالْأَوْلَى لَهُ التَّخَلِّي لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَفِي الْخَبَرِ
[ ص: 226 ] (
خَيْرُكُمُ الْخَفِيفُ الْحَاذِ الَّذِي لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ ) . وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=25800نِكَاحِ الْإِمَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ لِلْحُرَّةِ فِي ( النِّسَاءِ ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَلَمَّا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْعِفَّةِ وَالنِّكَاحِ دَرَجَةً دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُمَا مُحَرَّمٌ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مِلْكُ الْيَمِينِ ؛ لِأَنَّهُ بِنَصٍّ آخَرَ مُبَاحٌ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَجَاءَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=19460وَيَبْقَى عَلَى التَّحْرِيمِ الِاسْتِمْنَاءُ رَدًّا عَلَى
أَحْمَدَ . وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْهُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بِنَسْخِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي ( الْمُؤْمِنُونَ ) .