[ ص: 270 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم nindex.php?page=treesubj&link=28995_28935_28938قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء قرأ
يحيى بن وثاب ، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( والله خالق كل ) بالإضافة . الباقون ( خلق ) على الفعل . قيل : إن المعنيين في القراءتين صحيحان . أخبر الله - عز وجل - بخبرين ، ولا ينبغي أن يقال في هذا : إحدى القراءتين أصح من الأخرى . وقد قيل : إن ( خلق ) لشيء مخصوص ، وإنما يقال خالق على العموم ؛ كما قال الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24الخالق البارئ . وفي الخصوص
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وكذا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هو الذي خلقكم من نفس واحدة . فكذا يجب أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء . والدابة كل ما دب على وجه الأرض من الحيوان ؛ يقال : دب يدب فهو داب ؛ والهاء للمبالغة . وقد تقدم في ( البقرة ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45من ماء لم يدخل في هذا الجن والملائكة ؛ لأنا لم نشاهدهم ، ولم يثبت أنهم خلقوا من ماء ، بل في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=864219أن الملائكة خلقوا من نور ، والجن من نار . وقد تقدم . وقال المفسرون :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45من ماء أي من نطفة . قال
النقاش : أراد أمنية الذكور . وقال جمهور النظرة : أراد أن خلقة كل حيوان فيها ماء كما خلق
آدم من الماء والطين ؛ وعلى هذا يتخرج قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للشيخ الذي سأله في غزاة
بدر : ممن أنتما ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
نحن من ماء . الحديث . وقال قوم : لا يستثنى الجن والملائكة ، بل كل حيوان خلق من الماء ؛ وخلق النار من الماء ، وخلق الريح من الماء ؛ إذ
nindex.php?page=treesubj&link=31746أول ما خلق الله تعالى من العالم الماء ، ثم خلق منه كل شيء .
قلت : ويدل على صحة هذا
nindex.php?page=treesubj&link=28995قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فمنهم من يمشي على بطنه المشي على
[ ص: 271 ] البطن للحيات والحوت ، ونحوه من الدود وغيره . وعلى الرجلين للإنسان والطير إذا مشى . والأربع لسائر الحيوان . وفي مصحف
أبي ومنهم من يمشي على أكثر ؛ فعم بهذه الزيادة جميع الحيوان كالسرطان والخشاش ؛ ولكنه قرآن لم يثبته إجماع ؛ لكن قال
النقاش : إنما اكتفى في القول بذكر ما يمشي على أربع عن ذكر ما يمشي على أكثر ؛ لأن جميع الحيوان إنما اعتماده على أربع ، وهي قوام مشيه ، وكثرة الأرجل في بعضه زيادة في خلقته ، لا يحتاج ذلك الحيوان في مشيه إلى جميعها . قال
ابن عطية : والظاهر أن تلك الأرجل الكثيرة ليست باطلا بل هي محتاج إليها في تنقل الحيوان ، وهي كلها تتحرك في تصرفه . وقال بعضهم : ليس في الكتاب ما يمنع من المشي على أكثر من أربع ؛ إذ لم يقل ليس منها ما يمشي على أكثر من أربع . وقيل فيه إضمار : ومنهم من يمشي على أكثر من أربع ؛ كما وقع في مصحف
أبي . والله أعلم . و ( دابة ) تشمل من يعقل وما لا يعقل ؛ فغلب من يعقل لما اجتمع مع من لا يعقل ؛ لأنه المخاطب والمتعبد ؛ ولذلك قال فمنهم . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45من يمشي فأشار بالاختلاف إلى ثبوت الصانع ؛ أي لولا أن للجميع صانعا مختارا لما اختلفوا ، بل كانوا من جنس واحد ؛ وهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=4يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء مما يريد خلقه قدير .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم تقدم بيانه في غير موضع .
[ ص: 270 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=treesubj&link=28995_28935_28938قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ قَرَأَ
يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَحَمْزَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ ) بِالْإِضَافَةِ . الْبَاقُونَ ( خَلَقَ ) عَلَى الْفِعْلِ . قِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَيَيْنِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ صَحِيحَانِ . أَخْبَرَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِخَبَرَيْنِ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا : إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ أَصَحُّ مِنَ الْأُخْرَى . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ( خَلَقَ ) لِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ خَالِقُ عَلَى الْعُمُومِ ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=24الْخَالِقُ الْبَارِئُ . وَفِي الْخُصُوصِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَكَذَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ . فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ . وَالدَّابَّةُ كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانِ ؛ يُقَالُ : دَبَّ يَدِبُّ فَهُوَ دَابٌّ ؛ وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ( الْبَقَرَةِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45مِنْ مَاءٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ ؛ لِأَنَّا لَمْ نُشَاهِدْهُمْ ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ مَاءٍ ، بَلْ فِي الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=864219أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خُلِقُوا مِنْ نُورٍ ، وَالْجِنَّ مِنْ نَارٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45مِنْ مَاءٍ أَيْ مِنْ نُطْفَةٍ . قَالَ
النَّقَّاشُ : أَرَادَ أَمْنِيَةَ الذُّكُورِ . وَقَالَ جُمْهُورُ النَّظَرَةِ : أَرَادَ أَنَّ خِلْقَةَ كُلِّ حَيَوَانٍ فِيهَا مَاءٌ كَمَا خُلِقَ
آدَمُ مِنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ ؛ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلشَّيْخِ الَّذِي سَأَلَهُ فِي غَزَاةِ
بَدْرٍ : مِمَّنْ أَنْتُمَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
نَحْنُ مِنْ مَاءٍ . الْحَدِيثَ . وَقَالَ قَوْمٌ : لَا يُسْتَثْنَى الْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ ، بَلْ كُلُّ حَيَوَانٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ ؛ وَخُلِقَ النَّارُ مِنَ الْمَاءِ ، وَخُلِقَ الرِّيحُ مِنَ الْمَاءِ ؛ إِذْ
nindex.php?page=treesubj&link=31746أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْعَالَمِ الْمَاءُ ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ .
قُلْتُ : وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28995قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ الْمَشْيُ عَلَى
[ ص: 271 ] الْبَطْنِ لِلْحَيَّاتِ وَالْحُوتِ ، وَنَحْوِهِ مِنَ الدُّودِ وَغَيْرِهِ . وَعَلَى الرِّجْلَيْنِ لِلْإِنْسَانِ وَالطَّيْرِ إِذَا مَشَى . وَالْأَرْبَعُ لِسَائِرِ الْحَيَوَانِ . وَفِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ ؛ فَعَمَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ كَالسَّرَطَانِ وَالْخِشَاشِ ؛ وَلَكِنَّهُ قُرْآنٌ لَمْ يُثْبِتْهُ إِجْمَاعٌ ؛ لَكِنْ قَالَ
النَّقَّاشُ : إِنَّمَا اكْتَفَى فِي الْقَوْلِ بِذِكْرِ مَا يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ عَنْ ذِكْرِ مَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ إِنَّمَا اعْتِمَادُهُ عَلَى أَرْبَعٍ ، وَهِيَ قِوَامُ مَشْيِهِ ، وَكَثْرَةُ الْأَرْجُلِ فِي بَعْضِهِ زِيَادَةٌ فِي خِلْقَتِهِ ، لَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ فِي مَشْيِهِ إِلَى جَمِيعِهَا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْجُلَ الْكَثِيرَةَ لَيْسَتْ بَاطِلًا بَلْ هِيَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا فِي تَنَقُّلِ الْحَيَوَانِ ، وَهِيَ كُلُّهَا تَتَحَرَّكُ فِي تَصَرُّفِهِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الْمَشْيِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ ؛ إِذْ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ مِنْهَا مَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ . وَقِيلَ فِيهِ إِضْمَارٌ : وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ ؛ كَمَا وَقَعَ فِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَ ( دَابَّةٍ ) تَشْمَلُ مَنْ يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ ؛ فَغُلِّبَ مَنْ يَعْقِلُ لَمَّا اجْتَمَعَ مَعَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَالْمُتَعَبِّدُ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فَمِنْهُمْ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45مَنْ يَمْشِي فَأَشَارَ بِالِاخْتِلَافِ إِلَى ثُبُوتِ الصَّانِعِ ؛ أَيْ لَوْلَا أَنَّ لِلْجَمِيعِ صَانِعًا مُخْتَارًا لَمَا اخْتَلَفُوا ، بَلْ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ؛ وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=4يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُ خَلْقَهُ قَدِيرٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=46لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .