قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أم ما يشركون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أم من جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون .
nindex.php?page=treesubj&link=28998قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى قال
الفراء : قال أهل المعاني : قيل
للوط nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله على هلاكهم . وخالف جماعة من العلماء
الفراء في هذا وقالوا : هو مخاطبة لنبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ; أي قل الحمد لله على هلاك كفار الأمم الخالية . قال
النحاس : وهذا أولى ، لأن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ما فيه فهو مخاطب به عليه السلام إلا ما لم يصح معناه إلا لغيره . وقيل : المعنى ; أي قل يا
محمد [ ص: 204 ] nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى يعني أمته عليه السلام . قال
الكلبي : اصطفاهم الله بمعرفته وطاعته . وقال
ابن عباس وسفيان : هم أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلو هذه
nindex.php?page=treesubj&link=28659الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته وقدرته على كل شيء وحكمته ، وأن يستفتح بتحميده والسلام على أنبيائه والمصطفين من عباده . وفيه تعليم حسن ، وتوقيف على أدب جميل ، وبعث على التيمن بالذكرين والتبرك بهما ، والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين ، وإصغائهم إليه ، وإنزاله من قلوبهم المنزلة التي يبغيها المستمع . ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابرا عن كابر هذا الأدب ، فحمدوا الله وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام كل علم مفاد ، وقبل كل عظة وفي مفتتح كل خطبة ، وتبعهم المترسلون فأجروا عليه أوائل كتبهم في الفتوح والتهاني ، وغير ذلك من الحوادث التي لها شأن .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59الذين اصطفى اختار ; أي لرسالته وهم الأنبياء عليهم السلام ; دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=181وسلام على المرسلين . ( آلله خير ) وأجاز
أبو حمزة ( أألله خير ) بهمزتين .
النحاس : ولا نعلم أحدا تابعه على ذلك ; لأن هذه المدة إنما جيء بها فرقا بين الاستفهام والخبر ، وهذه ألف التوقيف ، و ( خير ) هاهنا ليس بمعنى أفضل منك ، وإنما هو مثل قول الشاعر [
حسان بن ثابت ] :
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء
فالمعنى : فالذي فيه الشر منكما للذي فيه الخير الفداء . ولا يجوز أن يكون بمعنى ( من ) لأنك إذا قلت : فلان شر من فلان . ففي كل واحد منهما شر . وقيل : المعنى : الخير في هذا أم في هذا الذي تشركونه في العبادة ! وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : السعادة أحب إليك أم الشقاء ; وهو يعلم أن السعادة أحب إليه . وقيل : هو على بابه من التفضيل ، والمعنى : آلله خير أم ما تشركون ; أي أثوابه خير أم عقاب ما تشركون . وقيل : قال لهم ذلك لأنهم كانوا يعتقدون أن في عبادة الأصنام خيرا فخاطبهم الله عز وجل على اعتقادهم . وقيل : اللفظ لفظ الاستفهام ومعناه الخبر . وقرأ
أبو عمرو وعاصم ويعقوب : ( يشركون ) بياء على الخبر . الباقون بالتاء على الخطاب ، وهو اختيار
أبي عبيد وأبي حاتم ; فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية يقول :
بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم .
[ ص: 205 ] nindex.php?page=treesubj&link=28998قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء قال
أبو حاتم : تقديره ; آلهتكم خير أم من خلق السماوات والأرض ; وقد تقدم . ومعناه : قدر على خلقهن . وقيل : المعنى : أعبادة ما تعبدون من أوثانكم خير أم عبادة من خلق السماوات والأرض ؟ فهو مردود على ما قبله من المعنى ; وفيه معنى التوبيخ لهم ، والتنبيه على
nindex.php?page=treesubj&link=33679قدرة الله عز وجل وعجز آلهتهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60فأنبتنا به حدائق ذات بهجة الحديقة : البستان الذي عليه حائط . والبهجة : المنظر الحسن . قال
الفراء : الحديقة : البستان المحظر عليه حائط ، وإن لم يكن عليه حائط فهو البستان وليس بحديقة . وقال
قتادة وعكرمة : الحدائق : النخل ذات بهجة ، والبهجة : الزينة والحسن ; يبهج به من رآه .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ( ما ) للنفي . ومعناه الحظر والمنع من فعل هذا ; أي ما كان للبشر ، ولا يتهيأ لهم ، ولا يقع تحت قدرتهم ، أن ينبتوا شجرها ; إذ هم عجزة عن مثلها ، لأن ذلك إخراج الشيء من العدم إلى الوجود .
قلت : وقد يستدل من هذا على منع
nindex.php?page=treesubj&link=33358_33355تصوير شيء سواء كان له روح أم لم يكن ; وهو قول
مجاهد . ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832238قال الله عز وجل ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة رواه
مسلم في صحيحه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ; قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل فذكره ; فعم بالذم والتهديد والتقبيح كل من تعاطى تصوير شيء مما خلقه الله وضاهاه في التشبيه في خلقه فيما انفرد به سبحانه من الخلق والاختراع . هذا واضح . وذهب الجمهور إلى أن تصوير ما ليس فيه روح يجوز هو والاكتساب به . وقد قال
ابن عباس للذي سأله أن يصنع الصور : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له خرجه
مسلم أيضا . والمنع أولى والله أعلم لما ذكرنا . وسيأتي لهذا مزيد بيان في ( سبأ ) إن شاء الله تعالى . ثم قال على جهة التوبيخ : ( أإله مع الله ) أي هل معبود مع الله يعينه على ذلك .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60بل هم قوم يعدلون بالله غيره . وقيل : يعدلون عن الحق والقصد ; أي يكفرون . وقيل : ( إله ) مرفوع ب ( مع ) تقديره : أمع الله ويلكم إله . والوقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60مع الله حسن .
nindex.php?page=treesubj&link=28998قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أمن جعل الأرض قرارا أي مستقرا .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وجعل خلالها أنهارا أي وسطها مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=33وفجرنا خلالهما نهرا .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وجعل لها رواسي يعني جبالا ثوابت تمسكها وتمنعها من الحركة .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وجعل بين البحرين حاجزا مانعا من قدرته لئلا يختلط الأجاج بالعذب . وقال
[ ص: 206 ] ابن عباس : سلطانا من قدرته فلا هذا يغير ذاك ولا ذاك يغير هذا . والحجز : المنع .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أإله مع الله أي إذا ثبت أنه لا يقدر على هذا غيره فلم يعبدون ما لا يضر ولا ينفع .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61بل أكثرهم لا يعلمون يعني كأنهم يجهلون الله فلا يعلمون ما يجب له من الوحدانية .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28998قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى قَالَ
الْفَرَّاءُ : قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : قِيلَ
لِلُوطٍ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هَلَاكِهِمْ . وَخَالَفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
الْفَرَّاءَ فِي هَذَا وَقَالُوا : هُوَ مُخَاطَبَةٌ لِنَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; أَيْ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هَلَاكِ كُفَّارِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا أَوْلَى ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكُلُّ مَا فِيهِ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا مَا لَمْ يَصِحَّ مَعْنَاهُ إِلَّا لِغَيْرِهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى ; أَيْ قُلْ يَا
مُحَمَّدُ [ ص: 204 ] nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى يَعْنِي أُمَّتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ . قَالَ
الْكَلْبِيُّ : اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَسُفْيَانُ : هُمْ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ : أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْلُوَ هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28659الْآيَاتِ النَّاطِقَةَ بِالْبَرَاهِينِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَحِكْمَتِهِ ، وَأَنْ يَسْتَفْتِحَ بِتَحْمِيدِهِ وَالسَّلَامِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَالْمُصْطَفَيْنَ مِنْ عِبَادِهِ . وَفِيهِ تَعْلِيمٌ حَسَنٌ ، وَتَوْقِيفٌ عَلَى أَدَبٍ جَمِيلٍ ، وَبَعْثٍ عَلَى التَّيَمُّنِ بِالذِّكْرَيْنِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِمَا ، وَالِاسْتِظْهَارِ بِمَكَانِهِمَا عَلَى قَبُولِ مَا يُلْقَى إِلَى السَّامِعِينَ ، وَإِصْغَائِهِمْ إِلَيْهِ ، وَإِنْزَالِهِ مِنْ قُلُوبِهِمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي يَبْغِيهَا الْمُسْتَمِعُ . وَلَقَدْ تَوَارَثَ الْعُلَمَاءُ وَالْخُطَبَاءُ وَالْوُعَّاظُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ هَذَا الْأَدَبَ ، فَحَمِدُوا اللَّهَ وَصَلَّوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ كُلِّ عِلْمٍ مُفَادٍ ، وَقَبْلَ كُلِّ عِظَةٍ وَفِي مُفْتَتَحِ كُلِّ خُطْبَةٍ ، وَتَبِعَهُمُ الْمُتَرَسِّلُونَ فَأَجْرَوْا عَلَيْهِ أَوَائِلَ كُتُبِهِمْ فِي الْفُتُوحِ وَالتَّهَانِي ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَهَا شَأْنٌ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59الَّذِينَ اصْطَفَى اخْتَارَ ; أَيْ لِرِسَالَتِهِ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ; دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=181وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . ( آللَّهُ خَيْرٌ ) وَأَجَازَ
أَبُو حَمْزَةَ ( أَأَللَّهُ خَيْرٌ ) بِهَمْزَتَيْنِ .
النَّحَّاسُ : وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْمَدَّةَ إِنَّمَا جِيءَ بِهَا فَرْقًا بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ ، وَهَذِهِ أَلِفُ التَّوْقِيفِ ، وَ ( خَيْرٌ ) هَاهُنَا لَيْسَ بِمَعْنَى أَفْضَلَ مِنْكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّاعِرِ [
حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ] :
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
فَالْمَعْنَى : فَالَّذِي فِيهِ الشَّرُّ مِنْكُمَا لِلَّذِي فِيهِ الْخَيْرُ الْفِدَاءُ . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى ( مِنْ ) لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : فُلَانٌ شَرٌّ مِنْ فُلَانٍ . فَفِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرٌّ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى : الْخَيْرُ فِي هَذَا أَمْ فِي هَذَا الَّذِي تُشْرِكُونَهُ فِي الْعِبَادَةِ ! وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : السَّعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ الشَّقَاءُ ; وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّعَادَةَ أَحَبُّ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى بَابِهِ مِنَ التَّفْضِيلِ ، وَالْمَعْنَى : آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا تُشْرِكُونَ ; أَيْ أَثَوَابُهُ خَيْرٌ أَمْ عِقَابُ مَا تُشْرِكُونَ . وَقِيلَ : قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ خَيْرًا فَخَاطَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ . وَقِيلَ : اللَّفْظُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ : ( يُشْرِكُونَ ) بِيَاءٍ عَلَى الْخَبَرِ . الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ ; فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَقُولُ :
بَلِ اللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَجَلُّ وَأَكْرَمُ .
[ ص: 205 ] nindex.php?page=treesubj&link=28998قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : تَقْدِيرُهُ ; آلِهَتُكُمْ خَيْرٌ أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَمَعْنَاهُ : قَدَرَ عَلَى خَلْقِهِنَّ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى : أَعِبَادَةُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ أَوْثَانِكُمْ خَيْرٌ أَمْ عِبَادَةُ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ؟ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْمَعْنَى ; وَفِيهِ مَعْنَى التَّوْبِيخِ لَهُمْ ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَجْزِ آلِهَتِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ الْحَدِيقَةُ : الْبُسْتَانُ الَّذِي عَلَيْهِ حَائِطٌ . وَالْبَهْجَةُ : الْمَنْظَرُ الْحَسَنُ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : الْحَدِيقَةُ : الْبُسْتَانُ الْمُحْظَرُ عَلَيْهِ حَائِطٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهُوَ الْبُسْتَانُ وَلَيْسَ بِحَدِيقَةٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ : الْحَدَائِقُ : النَّخْلُ ذَاتُ بَهْجَةٍ ، وَالْبَهْجَةُ : الزِّينَةُ وَالْحُسْنُ ; يُبْهَجُ بِهِ مَنْ رَآهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا ( مَا ) لِلنَّفْيِ . وَمَعْنَاهُ الْحَظْرُ وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ هَذَا ; أَيْ مَا كَانَ لِلْبَشَرِ ، وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُمْ ، وَلَا يَقَعُ تَحْتَ قُدْرَتِهِمْ ، أَنْ يُنْبِتُوا شَجَرَهَا ; إِذْ هُمْ عَجَزَةٌ عَنْ مِثْلِهَا ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ .
قُلْتُ : وَقَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْ هَذَا عَلَى مَنْعِ
nindex.php?page=treesubj&link=33358_33355تَصْوِيرِ شَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ رُوحٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ ; وَهُوَ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ . وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832238قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمَ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ; قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَذَكَرَهُ ; فَعَمَّ بِالذَّمِّ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّقْبِيحِ كُلَّ مَنْ تَعَاطَى تَصْوِيرَ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ وَضَاهَاهُ فِي التَّشْبِيهِ فِي خَلْقِهِ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْخَلْقِ وَالِاخْتِرَاعِ . هَذَا وَاضِحٌ . وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ تَصْوِيرَ مَا لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ يَجُوزُ هُوَ وَالِاكْتِسَابُ بِهِ . وَقَدْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ لِلَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَصْنَعَ الصُّوَرَ : إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ خَرَّجَهُ
مُسْلِمٌ أَيْضًا . وَالْمَنْعُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرْنَا . وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي ( سَبَأٍ ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . ثُمَّ قَالَ عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ : ( أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ) أَيْ هَلْ مَعْبُودٌ مَعَ اللَّهِ يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ بِاللَّهِ غَيْرَهُ . وَقِيلَ : يَعْدِلُونَ عَنِ الْحَقِّ وَالْقَصْدِ ; أَيْ يَكْفُرُونَ . وَقِيلَ : ( إِلَهٌ ) مَرْفُوعٌ بِ ( مَعَ ) تَقْدِيرُهُ : أَمَعَ اللَّهِ وَيْلَكُمْ إِلَهٌ . وَالْوَقْفُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60مَعَ اللَّهِ حَسَنٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=28998قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا أَيْ مُسْتَقَرًّا .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا أَيْ وَسَطَهَا مِثْلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=33وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ يَعْنِي جِبَالًا ثَوَابِتَ تُمْسِكُهَا وَتَمْنَعُهَا مِنَ الْحَرَكَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا مَانِعًا مِنْ قُدْرَتِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْأُجَاجُ بِالْعَذْبِ . وَقَالَ
[ ص: 206 ] ابْنُ عَبَّاسٍ : سُلْطَانًا مِنْ قُدْرَتِهِ فَلَا هَذَا يُغَيِّرُ ذَاكَ وَلَا ذَاكَ يُغَيِّرُ هَذَا . وَالْحَجْزُ : الْمَنْعُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ أَيْ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا غَيْرُهُ فَلِمَ يَعْبُدُونَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ يَعْنِي كَأَنَّهُمْ يَجْهَلُونَ اللَّهَ فَلَا يَعْلَمُونَ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ .