[ ص: 259 ] nindex.php?page=treesubj&link=28999قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فلما أتاها يعني الشجرة قدم ضميرها عليها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30نودي من شاطئ الوادي ( من ) الأولى والثانية لابتداء الغاية ، أي أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة و ( من الشجرة ) بدل من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30من شاطئ الوادي بدل الاشتمال ، لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ ، وشاطئ الوادي وشطه : جانبه ، والجمع شطان وشواطئ ، وذكره
القشيري ، وقال
الجوهري : ويقال شاطئ الأودية ، ولا يجمع ، وشاطأت الرجل إذا مشيت على شاطئ ومشى هو على شاطئ آخر ( الأيمن ) أي عن يمين
موسى وقيل : عن يمين الجبل ( في البقعة المباركة ) من الشجرة وقرأ
الأشهب العقيلي : ( في البقعة ) بفتح الباء وقولهم ( بقاع ) يدل على بقعة ، كما يقال جفنة وجفان ومن قال : بقعة ، قال : بقع ، مثل غرفة وغرف . من الشجرة أي من ناحية الشجرة . قيل : كانت شجرة العليق . وقيل : سمرة . وقيل : عوسج ومنها كانت عصاه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وقيل : عناب ، والعوسج إذا عظم يقال له : الغرقد .
وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864411إنه من شجر اليهود فإذا نزل عيسى وقتل اليهود الذين مع الدجال فلا يختفي أحد منهم خلف شجرة إلا نطقت وقالت : يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود فلا ينطق خرجه
مسلم قال
المهدوي : وكلم الله تعالى
موسى عليه السلام من فوق عرشه وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء
nindex.php?page=treesubj&link=29442ولا يجوز أن يوصف الحق تعالى بالانتقال والزوال وشبه ذلك من صفات المخلوقين قال
أبو المعالي : وأهل المعاني وأهل الحق يقولون : من كلمه الله تعالى وخصه بالرتبة العليا والغاية القصوى ، فيدرك كلامه القديم المتقدم عن مشابهة الحروف والأصوات والعبارات والنغمات وضروب اللغات ، كما أن من خصه الله بمنازل الكرامات وأكمل عليه نعمته ، ورزقه رؤيته يرى الله سبحانه منزها عن مماثلة الأجسام وأحكام الحوادث ، ولا مثل له سبحانه في ذاته وصفاته ، وأجمعت الأمة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29624_31910الرب تعالى خصص موسى عليه السلام وغيره من المصطفين من الملائكة بكلامه قال الأستاذ
أبو إسحاق : اتفق أهل الحق على أن الله تعالى خلق في
موسى عليه السلام معنى من المعاني أدرك به كلامه كان اختصاصه في سماعه ، وأنه قادر على مثله في جميع خلقه . واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=29291_28743نبينا عليه السلام هل سمع ليلة [ ص: 260 ] الإسراء كلام الله ،
nindex.php?page=treesubj&link=29754وهل سمع جبريل كلامه على قولين ; وطريق أحدهما النقل المقطوع به ، وذلك مفقود ، واتفقوا على أن سماع الخلق له عند قراءة القرآن على معنى أنهم سمعوا العبارة التي عرفوا بها معناه دون سماعه له في عينه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13464عبد الله بن سعد بن كلاب : إن
موسى عليه السلام فهم كلام الله القديم من أصوات مخلوقة أثبتها الله تعالى في بعض الأجسام . قال
أبو المعالي : وهذا مردود ; بل يجب اختصاص
موسى عليه السلام بإدراك كلام الله تعالى خرقا للعادة ، ولو لم يقل ذلك لم يكن
لموسى عليه السلام اختصاص بتكليم الله إياه ، والرب تعالى أسمعه كلامه العزيز ، وخلق له علما ضروريا ، حتى علم أن ما سمعه كلام الله ، وأن الذي كلمه وناداه هو الله رب العالمين ، وقد ورد في الأقاصيص أن
موسى عليه السلام قال : سمعت كلام ربي بجميع جوارحي ، ولم أسمعه من جهة واحدة من جهاتي وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) مستوفى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30أن يا موسى ( أن ) في موضع نصب بحذف حرف الجر أي ب ( أن يا موسى ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30إني أنا الله رب العالمين نفي لربوبية غيره سبحانه ، وصار بهذا الكلام من أصفياء الله عز وجل لا من رسله ; لأنه لا يصير رسولا إلا بعد أمره بالرسالة ، والأمر بها إنما كان بعد هذا الكلام .
[ ص: 259 ] nindex.php?page=treesubj&link=28999قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30فَلَمَّا أَتَاهَا يَعْنِي الشَّجَرَةَ قُدِّمَ ضَمِيرُهَا عَلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي ( مِنْ ) الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، أَيْ أَتَاهُ النِّدَاءُ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي مِنْ قِبَلِ الشَّجَرَةِ وَ ( مِنَ الشَّجَرَةِ ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي بَدَلُ الِاشْتِمَالِ ، لِأَنَّ الشَّجَرَةَ كَانَتْ نَابِتَةً عَلَى الشَّاطِئِ ، وَشَاطِئُ الْوَادِي وَشَطُّهُ : جَانِبُهُ ، وَالْجَمْعُ شُطَّانٌ وَشَوَاطِئُ ، وَذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ ، وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : وَيُقَالُ شَاطِئُ الْأَوْدِيَةِ ، وَلَا يُجْمَعُ ، وَشَاطَأْتُ الرَّجُلَ إِذَا مَشَيْتُ عَلَى شَاطِئٍ وَمَشَى هُوَ عَلَى شَاطِئٍ آخَرَ ( الْأَيْمَنِ ) أَيْ عَنْ يَمِينِ
مُوسَى وَقِيلَ : عَنْ يَمِينِ الْجَبَلِ ( فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ) مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَرَأَ
الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ : ( فِي الْبَقْعَةِ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَقَوْلِهِمْ ( بِقَاعٍ ) يَدُلُّ عَلَى بَقْعَةٍ ، كَمَا يُقَالُ جَفْنَةٌ وَجِفَانٌ وَمَنْ قَالَ : بُقْعَةً ، قَالَ : بُقَعٌ ، مِثْلَ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ . مِنَ الشَّجَرَةِ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّجَرَةِ . قِيلَ : كَانَتْ شَجَرَةَ الْعُلَّيْقِ . وَقِيلَ : سَمُرَةٌ . وَقِيلَ : عَوْسَجٌ وَمِنْهَا كَانَتْ عَصَاهُ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَقِيلَ : عُنَّابٌ ، وَالْعَوْسَجُ إِذَا عَظُمَ يُقَالُ لَهُ : الْغَرْقَدُ .
وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864411إِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ فَإِذَا نَزَلَ عِيسَى وَقَتَلَ الْيَهُودَ الَّذِينَ مَعَ الدَّجَّالِ فَلَا يَخْتَفِي أَحَدٌ مِنْهُمْ خَلْفَ شَجَرَةٍ إِلَّا نَطَقَتْ وَقَالَتْ : يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ فَلَا يَنْطِقُ خَرَّجَهُ
مُسْلِمٌ قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ وَأَسْمَعَهُ كَلَامَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ عَلَى مَا شَاءَ
nindex.php?page=treesubj&link=29442وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الْحَقُّ تَعَالَى بِالِانْتِقَالِ وَالزَّوَالِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ قَالَ
أَبُو الْمَعَالِي : وَأَهْلُ الْمَعَانِي وَأَهْلُ الْحَقِّ يَقُولُونَ : مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَخَصَّهُ بِالرُّتْبَةِ الْعُلْيَا وَالْغَايَةِ الْقُصْوَى ، فَيُدْرِكُ كَلَامَهُ الْقَدِيمَ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ مُشَابَهَةِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَالْعِبَارَاتِ وَالنَّغَمَاتِ وَضُرُوبِ اللُّغَاتِ ، كَمَا أَنَّ مَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِمَنَازِلِ الْكَرَامَاتِ وَأَكْمَلَ عَلَيْهِ نِعْمَتَهُ ، وَرَزَقَهُ رُؤْيَتَهُ يَرَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهًا عَنْ مُمَاثَلَةِ الْأَجْسَامِ وَأَحْكَامِ الْحَوَادِثِ ، وَلَا مِثْلَ لَهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29624_31910الرَّبَّ تَعَالَى خَصَّصَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِكَلَامِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو إِسْحَاقَ : اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِي
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي أَدْرَكَ بِهِ كَلَامَهُ كَانَ اخْتِصَاصُهُ فِي سَمَاعِهِ ، وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ . وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29291_28743نَبِيِّنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ هَلْ سَمِعَ لَيْلَةَ [ ص: 260 ] الْإِسْرَاءِ كَلَامَ اللَّهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29754وَهَلْ سَمِعَ جِبْرِيلُ كَلَامَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ ; وَطَرِيقُ أَحَدِهِمَا النَّقْلُ الْمَقْطُوعُ بِهِ ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ سَمَاعَ الْخَلْقِ لَهُ عِنْدَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْعِبَارَةَ الَّتِي عَرَفُوا بِهَا مَعْنَاهُ دُونَ سَمَاعِهِ لَهُ فِي عَيْنِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13464عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنُ كِلَابٍ : إِنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهِمَ كَلَامَ اللَّهِ الْقَدِيمَ مِنْ أَصْوَاتٍ مَخْلُوقَةٍ أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ . قَالَ
أَبُو الْمَعَالِي : وَهَذَا مَرْدُودٌ ; بَلْ يَجِبُ اخْتِصَاصُ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِدْرَاكِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَرْقًا لِلْعَادَةِ ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اخْتِصَاصٌ بِتَكْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُ ، وَالرَّبُّ تَعَالَى أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ الْعَزِيزَ ، وَخَلَقَ لَهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا ، حَتَّى عَلِمَ أَنَّ مَا سَمِعَهُ كَلَامُ اللَّهِ ، وَأَنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ وَنَادَاهُ هُوَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَقَاصِيصِ أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : سَمِعْتُ كَلَامَ رَبِّي بِجَمِيعِ جَوَارِحِي ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جِهَاتِي وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي ( الْبَقَرَةِ ) مُسْتَوْفًى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30أَنْ يَا مُوسَى ( أَنْ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ بِ ( أَنْ يَا مُوسَى ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=30إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ نَفْيٌ لِرُبُوبِيَّةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ ، وَصَارَ بِهَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا مِنْ رُسُلِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ رَسُولًا إِلَّا بَعْدَ أَمْرِهِ بِالرِّسَالَةِ ، وَالْأَمْرُ بِهَا إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ .