قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا .
فيه خمس مسائل :
الأولى : اختلف العلماء في أذية الله بماذا تكون ؟ فقال الجمهور من العلماء : معناه بالكفر ونسبة الصاحبة والولد والشريك إليه ، ووصفه بما لا يليق به ، كقول
اليهود لعنهم الله : وقالت
اليهود : يد الله مغلولة .
والنصارى :
المسيح ابن الله . والمشركون : الملائكة بنات الله والأصنام شركاؤه . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال الله تعالى : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832394كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك . . ) الحديث . وقد تقدم في سورة ( مريم ) وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال قال الله تبارك وتعالى : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832395يؤذيني ابن آدم يقول يا خيبة الدهر nindex.php?page=treesubj&link=19108فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) . هكذا جاء هذا الحديث موقوفا على
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في هذه الرواية . وقد جاء مرفوعا عنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832396يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ) أخرجه أيضا
مسلم . وقال
عكرمة : معناه بالتصوير والتعرض لفعل ما لا يفعله إلا الله بنحت الصور وغيرها ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832397لعن الله المصورين .
[ ص: 216 ] قلت : وهذا مما يقوي قول
مجاهد في المنع من
nindex.php?page=treesubj&link=33355تصوير الشجر وغيرها ; إذ كل ذلك صفة اختراع وتشبه بفعل الله الذي انفرد به سبحانه وتعالى . وقد تقدم هذا في سورة ( النمل ) والحمد لله . وقالت فرقة : ذلك على حذف مضاف ، تقديره : يؤذون أولياء الله . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29284أذية رسوله صلى الله عليه وسلم فهي كل ما يؤذيه من الأقوال في غير معنى واحد ، ومن الأفعال أيضا . أما قولهم : ( فساحر . شاعر . كاهن . مجنون ) . وأما فعلهم : ( فكسر رباعيته وشج وجهه يوم
أحد ،
وبمكة إلقاء السلى على ظهره وهو ساجد ) إلى غير ذلك . وقال
ابن عباس : نزلت في الذين طعنوا عليه حين اتخذ
صفية بنت أبي حيي . وأطلق إيذاء الله ورسوله وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات ؛ لأن إيذاء الله ورسوله لا يكون إلا بغير حق أبدا . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=18070إيذاء المؤمنين والمؤمنات فمنه ، ومنه :
الثانية : قال علماؤنا :
nindex.php?page=treesubj&link=31522والطعن في تأمير أسامة بن زيد أذية له عليه السلام . روى الصحيح عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832398بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن الناس في إمرته ; فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده . وهذا البعث - والله أعلم - هو الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
أسامة وأمره عليهم وأمره أن يغزو (
أبنى ) وهي القرية التي عند
مؤتة ، الموضع الذي قتل فيه
زيد أبوه مع
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة . فأمره أن يأخذ بثأر أبيه فطعن من في قلبه ريب في إمرته ; من حيث إنه كان من الموالي ، ومن حيث إنه كان صغير السن ; لأنه كان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة ; فمات النبي صلى الله عليه وسلم وقد برز هذا البعث عن
المدينة ولم ينفصل بعد عنها ; فنفذه
أبو بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثالثة : في هذا الحديث أوضح دليل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=25547_7642إمامة المولى والمفضول على غيرهما ما عدا الإمامة الكبرى .
nindex.php?page=hadith&LINKID=864676وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=267سالما مولى أبي حذيفة على الصلاة بقباء ، فكان يؤمهم وفيهم أبو بكر وعمر وغيرهم من كبراء قريش . وروى الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871عامر بن واثلة nindex.php?page=hadith&LINKID=832399أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان ، وكان عمر يستعمله على مكة فقال : من استعملت على هذا الوادي ؟ قال : ابن أبزى . قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : مولى من موالينا . قال :
[ ص: 217 ] فاستخلفت عليهم مولى ! قال : إنه لقارئ لكتاب الله وإنه لعالم بالفرائض - قال - أما إن نبيكم قد قال : إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=31520كان أسامة رضي الله عنه الحب ابن الحب وبذلك كان يدعى ، وكان أسود شديد السواد ، وكان
زيد أبوه أبيض من القطن . هكذا ذكره
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح . وقال غير
أحمد : كان
زيد أزهر اللون وكان
أسامة شديد الأدمة . ويروى
nindex.php?page=hadith&LINKID=864678أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن أسامة وهو صغير ويمسح مخاطه ، وينقي أنفه ويقول : ( لو كان أسامة جارية لزيناه وجهزناه وحببناه إلى الأزواج ) . وقد ذكر أن
nindex.php?page=treesubj&link=31520سبب ارتداد العرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه لما كان عليه السلام في حجة الوداع
بجبل عرفة عشية عرفة عند النفر ،
احتبس النبي صلى الله عليه وسلم قليلا بسبب أسامة إلى أن أتاه ; فقالوا : ما احتبس إلا لأجل هذا ! تحقيرا له . فكان قولهم هذا سبب ارتدادهم . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التاريخ بمعناه . والله أعلم .
الخامسة : كان
عمر رضي الله عنه يفرض
لأسامة في العطاء خمسة آلاف ، ولابنه
عبد الله ألفين ; فقال له
عبد الله : فضلت علي
أسامة وقد شهدت ما لم يشهد ! فقال : إن
أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك ، وأباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ، ففضل رضي الله عنه محبوب رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبوبه . وهكذا يجب أن
nindex.php?page=treesubj&link=28750يحب ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبغض من أبغض . وقد قابل
مروان هذا الحب بنقيضه ; وذلك أنه مر
nindex.php?page=showalam&ids=111بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال له
مروان : إنما أردنا أن نرى مكانك ، فقد رأينا مكانك ، فعل الله بك ! وقال قولا قبيحا . فقال له
أسامة : إنك آذيتني ، وإنك فاحش متفحش ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832400إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش . فانظر ما بين الفعلين وقس ما بين الرجلين ، فقد آذى
بنو أمية النبي صلى الله عليه وسلم في أحبابه ، وناقضوه في محابه .
قوله تعالى : ( لعنهم الله ) معناه أبعدوا من كل خير . واللعن في اللغة : الإبعاد ، ومنه اللعان .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57وأعد لهم عذابا مهينا تقدم معناه في غير موضع . والحمد لله رب العالمين .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا .
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَذِيَّةِ اللَّهِ بِمَاذَا تَكُونُ ؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَاهُ بِالْكُفْرِ وَنِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ إِلَيْهِ ، وَوَصْفِهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ ، كَقَوْلِ
الْيَهُودِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ : وَقَالَتِ
الْيَهُودُ : يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ .
وَالنَّصَارَى :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ . وَالْمُشْرِكُونَ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَالْأَصْنَامُ شُرَكَاؤُهُ . وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832394كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ . . ) الْحَدِيثَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ ( مَرْيَمَ ) وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832395يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ nindex.php?page=treesubj&link=19108فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا ) . هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ . وَقَدْ جَاءَ مَرْفُوعًا عَنْهُ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832396يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) أَخْرَجَهُ أَيْضًا
مُسْلِمٌ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : مَعْنَاهُ بِالتَّصْوِيرِ وَالتَّعَرُّضِ لِفِعْلٍ مَا لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا اللَّهُ بِنَحْتِ الصُّوَرِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832397لَعَنَ اللَّهُ الْمُصَوِّرِينَ .
[ ص: 216 ] قُلْت : وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ
مُجَاهِدٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33355تَصْوِيرِ الشَّجَرِ وَغَيْرِهَا ; إِذْ كُلُّ ذَلِكَ صِفَةُ اخْتِرَاعٍ وَتَشَبُّهٍ بِفِعْلِ اللَّهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي سُورَةِ ( النَّمْلِ ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، تَقْدِيرُهُ : يُؤْذُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29284أَذِيَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ كُلُّ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي غَيْرِ مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَمِنَ الْأَفْعَالِ أَيْضًا . أَمَّا قَوْلُهُمْ : ( فَسَاحِرٌ . شَاعِرٌ . كَاهِنٌ . مَجْنُونٌ ) . وَأَمَّا فِعْلُهُمْ : ( فَكَسْرُ رَبَاعِيَتِهِ وَشَجُّ وَجْهِهِ يَوْمَ
أُحُدٍ ،
وَبِمَكَّةَ إِلْقَاءُ السَّلَى عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَيْهِ حِينَ اتَّخَذَ
صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي حُيَيٍّ . وَأُطْلِقَ إِيذَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقُيِّدَ إِيذَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ؛ لِأَنَّ إِيذَاءَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَيْرِ حَقٍّ أَبَدًا . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18070إِيذَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْهُ ، وَمِنْهُ :
الثَّانِيَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=31522وَالطَّعْنُ فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَذِيَّةٌ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ . رَوَى الصَّحِيحُ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832398بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمْرَتِهِ ; فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ . وَهَذَا الْبَعْثُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هُوَ الَّذِي جَهَّزَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ
أُسَامَةَ وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْزُوَ (
أُبْنَى ) وَهِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي عِنْدَ
مُؤْتَةَ ، الْمَوْضِعُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ
زَيْدٌ أَبُوهُ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=82وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ . فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِثَأْرِ أَبِيهِ فَطَعَنَ مَنْ فِي قَلْبِهِ رَيْبٌ فِي إِمْرَتِهِ ; مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمَوَالِي ، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ صَغِيرَ السِّنِّ ; لِأَنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ ابْنَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ; فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَرَزَ هَذَا الْبَعْثُ عَنِ
الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ بَعْدُ عَنْهَا ; فَنَفَذَهُ
أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الثَّالِثَةُ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=25547_7642إِمَامَةِ الْمَوْلَى وَالْمَفْضُولِ عَلَى غَيْرِهِمَا مَا عَدَا الْإِمَامَةَ الْكُبْرَى .
nindex.php?page=hadith&LINKID=864676وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=267سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى الصَّلَاةِ بِقُبَاءٍ ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ . وَرَوَى الصَّحِيحُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11871عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=832399أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ : مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى هَذَا الْوَادِي ؟ قَالَ : ابْنُ أَبْزَى . قَالَ : وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى ؟ قَالَ : مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا . قَالَ :
[ ص: 217 ] فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى ! قَالَ : إِنَّهُ لَقَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَإِنَّهُ لَعَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ - قَالَ - أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=31520كَانَ أُسَامَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحِبَّ ابْنَ الْحِبِّ وَبِذَلِكَ كَانَ يُدْعَى ، وَكَانَ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ ، وَكَانَ
زَيْدٌ أَبُوهُ أَبْيَضَ مِنَ الْقُطْنِ . هَكَذَا ذَكَرَهُ
أَبُو دَاوُدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12265أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ . وَقَالَ غَيْرُ
أَحْمَدَ : كَانَ
زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَكَانَ
أُسَامَةُ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ . وَيُرْوَى
nindex.php?page=hadith&LINKID=864678أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَسِّنُ أُسَامَةَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَيَمْسَحُ مُخَاطَهُ ، وَيُنَقِّي أَنْفَهُ وَيَقُولُ : ( لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَزَيَّنَّاهُ وَجَهَّزْنَاهُ وَحَبَّبْنَاهُ إِلَى الْأَزْوَاجِ ) . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31520سَبَبَ ارْتِدَادِ الْعَرَبِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
بِجَبَلِ عَرَفَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عِنْدَ النَّفْرِ ،
احْتَبَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلِيلًا بِسَبَبِ أُسَامَةَ إِلَى أَنْ أَتَاهُ ; فَقَالُوا : مَا احْتَبَسَ إِلَّا لِأَجْلِ هَذَا ! تَحْقِيرًا لَهُ . فَكَانَ قَوْلُهُمْ هَذَا سَبَبَ ارْتِدَادِهِمْ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ بِمَعْنَاهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْخَامِسَةُ : كَانَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْرِضُ
لِأُسَامَةَ فِي الْعَطَاءِ خَمْسَةَ آلَافٍ ، وَلِابْنِهِ
عَبْدِ اللَّهِ أَلْفَيْنِ ; فَقَالَ لَهُ
عَبْدُ اللَّهِ : فَضَّلْتُ عَلَيَّ
أُسَامَةَ وَقَدْ شَهِدْتُ مَا لَمْ يَشْهَدْ ! فَقَالَ : إِنَّ
أُسَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ ، وَأَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيكَ ، فَفَضَّلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَحْبُوبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَحْبُوبِهِ . وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28750يُحَبَّ مَا أَحَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُبْغَضَ مَنْ أَبْغَضَ . وَقَدْ قَابَلَ
مَرْوَانُ هَذَا الْحُبَّ بِنَقِيضِهِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ
nindex.php?page=showalam&ids=111بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يُصَلِّي عِنْدَ بَابِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ
مَرْوَانُ : إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نَرَى مَكَانَكَ ، فَقَدْ رَأَيْنَا مَكَانَكَ ، فَعَلَ اللَّهُ بِكَ ! وَقَالَ قَوْلًا قَبِيحًا . فَقَالَ لَهُ
أُسَامَةُ : إِنَّكَ آذَيْتَنِي ، وَإِنَّك فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832400إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ . فَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ وَقِسْ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَقَدْ آذَى
بَنُو أُمَيَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْبَابِهِ ، وَنَاقَضُوهُ فِي مَحَابِّهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لَعَنَهُمُ اللَّهُ ) مَعْنَاهُ أُبْعِدُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ . وَاللَّعْنُ فِي اللُّغَةِ : الْإِبْعَادُ ، وَمِنْهُ اللِّعَانُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .