قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير هم
قريش أقسموا قبل أن يبعث الله رسوله
محمدا صلى الله عليه وسلم ، حين بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم ، فلعنوا من كذب نبيه منهم ، وأقسموا بالله جل اسمه
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42لئن جاءهم نذير أي نبي
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42ليكونن أهدى من إحدى الأمم يعني ممن كذب الرسل من أهل الكتاب . وكانت العرب تتمنى أن يكون منهم رسول كما كانت الرسل من
بني إسرائيل ، فلما جاءهم ما تمنوه وهو النذير من أنفسهم ، نفروا عنه ولم يؤمنوا به استكبارا أي عتوا عن الإيمان
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ومكر السيئ أي مكر العمل السيئ وهو الكفر وخدع الضعفاء ، وصدهم عن الإيمان ليكثر أتباعهم . وأنث
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42من إحدى الأمم لتأنيث أمة ; قاله
الأخفش . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=13674والأخفش nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43 ( ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ ) فحذف الإعراب من الأول وأثبته في الثاني . قال
الزجاج : وهو لحن ; وإنما صار لحنا لأنه حذف الإعراب منه . وزعم
المبرد أنه لا يجوز في كلام ولا في شعر ; لأن حركات الإعراب لا يجوز حذفها ، لأنها دخلت للفرق بين المعاني . وقد أعظم بعض النحويين أن يكون
الأعمش على جلالته ومحله يقرأ بهذا ، قال : إنما كان يقف عليه ، فغلط من أدى عنه ، قال : والدليل على هذا أنه تمام الكلام ، وأن الثاني لما لم يكن تمام الكلام أعرب باتفاق ، والحركة في الثاني أثقل منها في الأول لأنها ضمة بين كسرتين . وقد احتج بعض النحويين
لحمزة في هذا بقول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وأنه أنشد هو وغيره :
إذا اعوججن قلت صاحب قوم
وقال الآخر : [ شعر
امرئ القيس ] .
[ ص: 321 ] فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل
وهذا لا حجة فيه ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لم يجزه ، وإنما حكاه عن بعض النحويين ، والحديث إذا قيل فيه عن بعض العلماء لم يكن فيه حجة ، فكيف وإنما جاء به على وجه الشذوذ ولضرورة الشعر وقد خولف فيه . وزعم
الزجاج أن
أبا العباس أنشده :
إذا اعوججن قلت صاح قوم
وأنه أنشد :
فاليوم اشرب غير مستحقب
بوصل الألف على الأمر ; ذكر جميعه
النحاس .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرأ
حمزة (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ومكر السيئ ) بسكون الهمزة ، وذلك لاستثقاله الحركات ، ولعله اختلس فظن سكونا ، أو وقف وقفة خفيفة ثم ابتدأ ( ولا يحيق ) . وقرأ
ابن مسعود ( ومكرا سيئا ) وقال
المهدوي : ومن سكن الهمزة من قوله : ( ومكر السيئ ) فهو على تقدير الوقف عليه . ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو على أنه أسكن الهمزة لتوالي الكسرات والياءات ، كما قال :
فاليوم أشرب غير مستحقب
قال
القشيري : وقرأ
حمزة ( ومكر السيئ ) بسكون الهمزة ، وخطأه أقوام . وقال قوم : لعله وقف عليه لأنه تمام الكلام ، فغلط الراوي وروى ذلك عنه في الإدراج ، وقد سبق الكلام في أمثال هذا ، وقلنا : ما ثبت بالاستفاضة أو التواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأه فلا بد من جوازه ، ولا يجوز أن يقال : إنه لحن ، ولعل مراد من صار إلى التخطئة أن غيره أفصح منه ، وإن كان هو فصيحا .
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله أي لا ينزل عاقبة الشرك إلا بمن أشرك . وقيل : هذا إشارة إلى قتلهم ببدر . وقال الشاعر :
وقد دفعوا المنية فاستقلت ذراعا بعدما كانت تحيق
أي تنزل ، وهذا قول
قطرب . وقال
الكلبي : يحيق بمعنى يحيط . والحوق الإحاطة ، يقال : حاق به كذا أي أحاط به . وعن
ابن عباس أن
كعبا قال له : إني أجد في التوراة ( من حفر لأخيه حفرة وقع فيها ) ، فقال
ابن عباس : فإني أوجدك في القرآن ذلك . قال : وأين ؟ قال : فاقرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ومن أمثال العرب ( من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا ) وروى
الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864744 " لا تمكر ولا تعن ماكرا فإن الله [ ص: 322 ] تعالى يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، ولا تبغ ولا تعن باغيا فإن الله تعالى يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10فمن نكث فإنما ينكث على نفسه وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إنما بغيكم على أنفسكم يعني بعد . . " وقال بعض الحكماء :
يا أيها الظالم في فعله والظلم مردود على من ظلم
إلى متى أنت وحتى متى تحصي المصائب وتنسى النعم
وفي الحديث
المكر والخديعة في النار . فقوله : ( في النار ) يعني في الآخرة تدخل أصحابها في النار ; لأنها من أخلاق الكفار لا من أخلاق المؤمنين الأخيار ; ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في سياق هذا الحديث :
وليس من أخلاق المؤمن المكر والخديعة والخيانة . وفي هذا أبلغ تحذير عن التخلق بهذه الأخلاق الذميمة ، والخروج عن أخلاق الإيمان الكريمة .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فهل ينظرون إلا سنة الأولين أي إنما ينتظرون العذاب الذي نزل بالكفار الأولين .
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا أي أجرى الله العذاب على الكفار ، وجعل ذلك سنة فيهم ، فهو يعذب بمثله من استحقه ، لا يقدر أحد أن يبدل ذلك ، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره . والسنة الطريقة ، والجمع سنن . وقد مضى في ( آل عمران ) وأضافها إلى الله عز وجل . وقال في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا فأضاف إلى القوم لتعلق الأمر بالجانبين ; وهو كالأجل ، تارة يضاف إلى الله ، وتارة إلى القوم ; قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5فإن أجل الله لآت وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45فإذا جاء أجلهم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ هُمْ
قُرَيْشٌ أَقْسَمُوا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ بَلَغَهُمْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ ، فَلَعَنُوا مَنْ كَذَّبَ نَبِيَّهُ مِنْهُمْ ، وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ أَيْ نَبِيٌّ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ يَعْنِي مِمَّنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ . وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ رَسُولٌ كَمَا كَانَتِ الرُّسُلُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا تَمَنَّوْهُ وَهُوَ النَّذِيرُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، نَفَرُوا عَنْهُ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ اسْتِكْبَارًا أَيْ عُتُوًّا عَنِ الْإِيمَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَمَكْرَ السَّيِّئِ أَيْ مَكْرَ الْعَمَلِ السَّيِّئِ وَهُوَ الْكُفْرُ وَخَدْعُ الضُّعَفَاءِ ، وَصَدُّهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ لِيَكْثُرَ أَتْبَاعُهُمْ . وَأَنَّثَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=42مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ لِتَأْنِيثِ أُمَّةٍ ; قَالَهُ
الْأَخْفَشُ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13674وَالْأَخْفَشُ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43 ( وَمَكْرُ السَّيِّئْ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ ) فَحَذَفَ الْإِعْرَابَ مِنَ الْأَوَّلِ وَأَثْبَتَهُ فِي الثَّانِي . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَهُوَ لَحْنٌ ; وَإِنَّمَا صَارَ لَحْنًا لِأَنَّهُ حَذَفَ الْإِعْرَابَ مِنْهُ . وَزَعَمَ
الْمُبَرِّدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي كَلَامٍ وَلَا فِي شِعْرٍ ; لِأَنَّ حَرَكَاتَ الْإِعْرَابِ لَا يَجُوزُ حَذْفُهَا ، لِأَنَّهَا دَخَلَتْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعَانِي . وَقَدْ أَعْظَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يَكُونَ
الْأَعْمَشُ عَلَى جَلَالَتِهِ وَمَحَلِّهِ يَقْرَأُ بِهَذَا ، قَالَ : إِنَّمَا كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ ، فَغَلِطَ مَنْ أَدَّى عَنْهُ ، قَالَ : وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ ، وَأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَمَامَ الْكَلَامِ أُعْرِبَ بِاتِّفَاقٍ ، وَالْحَرَكَةُ فِي الثَّانِي أَثْقَلُ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا ضَمَّةٌ بَيْنَ كَسْرَتَيْنِ . وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ
لِحَمْزَةَ فِي هَذَا بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَأَنَّهُ أَنْشَدَ هُوَ وَغَيْرُهُ :
إِذَا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِبْ قَوِّمِ
وَقَالَ الْآخَرُ : [ شِعْرُ
امْرِئِ الْقَيْسِ ] .
[ ص: 321 ] فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ إِثْمًا مِنَ اللَّهِ وَلَا وَاغِلِ
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَمْ يُجِزْهُ ، وَإِنَّمَا حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ ، وَالْحَدِيثُ إِذَا قِيلَ فِيهِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الشُّذُوذِ وَلِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَقَدْ خُولِفَ فِيهِ . وَزَعَمَ
الزَّجَّاجُ أَنَّ
أَبَا الْعَبَّاسِ أَنْشَدَهُ :
إِذَا اعْوَجَجْنَ قُلْتُ صَاحِ قَوِّمِ
وَأَنَّهُ أَنْشَدَ :
فَالْيَوْمَ اشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ
بِوَصْلِ الْأَلِفِ عَلَى الْأَمْرِ ; ذَكَرَ جَمِيعَهُ
النَّحَّاسُ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَرَأَ
حَمْزَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَمَكْرَ السَّيِّئْ ) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ ، وَذَلِكَ لِاسْتِثْقَالِهِ الْحَرَكَاتِ ، وَلَعَلَّهُ اخْتَلَسَ فَظَنَّ سُكُونًا ، أَوْ وَقَفَ وَقْفَةً خَفِيفَةً ثُمَّ ابْتَدَأَ ( وَلَا يَحِيقُ ) . وَقَرَأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ( وَمَكْرًا سَيِّئًا ) وَقَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَمَنْ سَكَّنَ الْهَمْزَةَ مِنْ قَوْلِهِ : ( وَمَكْرَ السَّيِّئْ ) فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ . ثُمَّ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَسْكَنَ الْهَمْزَةَ لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ وَالْيَاءَاتِ ، كَمَا قَالَ :
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ
قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ( وَمَكْرَ السَّيِّئْ ) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ ، وَخَطَّأَهُ أَقْوَامٌ . وَقَالَ قَوْمٌ : لَعَلَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ ، فَغَلِطَ الرَّاوِي وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُ فِي الْإِدْرَاجِ ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي أَمْثَالِ هَذَا ، وَقُلْنَا : مَا ثَبَتَ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَوِ التَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَازِهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَحْنٌ ، وَلَعَلَّ مُرَادَ مَنْ صَارَ إِلَى التَّخْطِئَةِ أَنَّ غَيْرَهُ أَفْصَحُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ فَصِيحًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ أَيْ لَا يَنْزِلُ عَاقِبَةُ الشِّرْكِ إِلَّا بِمَنْ أَشْرَكَ . وَقِيلَ : هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى قَتْلِهِمْ بِبَدْرٍ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
وَقَدْ دَفَعُوا الْمَنِيَّةَ فَاسْتَقَلَّتْ ذِرَاعًا بَعْدَمَا كَانَتْ تَحِيقُ
أَيْ تَنْزِلُ ، وَهَذَا قَوْلُ
قُطْرُبٍ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يَحِيقُ بِمَعْنَى يُحِيطُ . وَالْحَوْقُ الْإِحَاطَةُ ، يُقَالُ : حَاقَ بِهِ كَذَا أَيْ أَحَاطَ بِهِ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
كَعْبًا قَالَ لَهُ : إِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ ( مَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ حُفْرَةً وَقَعَ فِيهَا ) ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : فَإِنِّي أُوجِدُكَ فِي الْقُرْآنِ ذَلِكَ . قَالَ : وَأَيْنَ ؟ قَالَ : فَاقْرَأْ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ ( مَنْ حَفَرَ لِأَخِيهِ جُبًّا وَقَعَ فِيهِ مُنْكَبًّا ) وَرَوَى
الزُّهْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864744 " لَا تَمْكُرْ وَلَا تُعِنْ مَاكِرًا فَإِنَّ اللَّهَ [ ص: 322 ] تَعَالَى يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ، وَلَا تَبْغِ وَلَا تُعِنْ بَاغِيًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=23إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ يَعْنِي بَعْدَ . . " وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ :
يَا أَيُّهَا الظَّالِمُ فِي فِعْلِهِ وَالظُّلْمُ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ ظَلَمْ
إِلَى مَتَى أَنْتَ وَحَتَّى مَتَى تُحْصِي الْمَصَائِبَ وَتَنْسَى النِّعَمْ
وَفِي الْحَدِيثِ
الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ . فَقَوْلُهُ : ( فِي النَّارِ ) يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ تُدْخِلُ أَصْحَابَهَا فِي النَّارِ ; لِأَنَّهَا مِنْ أَخْلَاقِ الْكُفَّارِ لَا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ الْأَخْيَارِ ; وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ :
وَلَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ . وَفِي هَذَا أَبْلَغُ تَحْذِيرٍ عَنِ التَّخَلُّقِ بِهَذِهِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ ، وَالْخُرُوجِ عَنْ أَخْلَاقِ الْإِيمَانِ الْكَرِيمَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ أَيْ إِنَّمَا يَنْتَظِرُونَ الْعَذَابَ الَّذِي نَزَلَ بِالْكُفَّارِ الْأَوَّلِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا أَيْ أَجْرَى اللَّهُ الْعَذَابَ عَلَى الْكُفَّارِ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً فِيهِمْ ، فَهُوَ يُعَذِّبُ بِمِثْلِهِ مَنِ اسْتَحَقَّهُ ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُبَدِّلَ ذَلِكَ ، وَلَا أَنْ يُحَوِّلَ الْعَذَابَ عَنْ نَفْسِهِ إِلَى غَيْرِهِ . وَالسُّنَّةُ الطَّرِيقَةُ ، وَالْجَمْعُ سُنَنٌ . وَقَدْ مَضَى فِي ( آلِ عِمْرَانَ ) وَأَضَافَهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا فَأَضَافَ إِلَى الْقَوْمِ لِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِالْجَانِبَيْنِ ; وَهُوَ كَالْأَجَلِ ، تَارَةً يُضَافُ إِلَى اللَّهِ ، وَتَارَةً إِلَى الْقَوْمِ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=45فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ .