قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=129ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم [ ص: 188 ] فيه ثلاث مسائل :
الأولى : ثبت في صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=831943أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كسرت رباعيته يوم أحد ، وشج في رأسه ، فجعل يسلت الدم عنه ويقول : كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله تعالى فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء .
الضحاك : هم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو على المشركين فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء . وقيل : استأذن في أن يدعو في استئصالهم ، فلما نزلت هذه الآية علم أن منهم من سيسلم وقد آمن كثير منهم
خالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم . وروى
الترمذي عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831944وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو على أربعة نفر فأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء فهداهم الله للإسلام وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128أو يتوب عليهم قيل : هو معطوف على
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=127ليقطع طرفا . والمعنى : ليقتل طائفة منهم ، أو يحزنهم بالهزيمة أو يتوب عليهم أو يعذبهم . وقد تكون " أو " هاهنا بمعنى " حتى " و " إلا أن " . قال
امرؤ القيس :
فقلت له لا تبل عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
قوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831945كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم ) استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء تقريب لما استبعده وإطماع في إسلامهم ، ولما أطمع في ذلك قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830957اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون كما في صحيح
مسلم عن
ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831946كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . قال علماؤنا : فالحاكي في حديث
ابن مسعود هو الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهو المحكي عنه ; بدليل ما قد جاء صريحا مبينا
[ ص: 189 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=838267أنه عليه الصلاة والسلام لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا : لو دعوت عليهم ! فقال : ( إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة ، اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) . فكأنه عليه السلام أوحي إليه بذلك قبل وقوع قضية
أحد ، ولم يعين له ذلك النبي ; فلما وقع له ذلك تعين أنه المعني بذلك بدليل ما ذكرنا . وبينه أيضا ما قاله
عمر له في بعض كلامه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! لقد دعا
نوح على قومه فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا الآية . ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا ; فقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيرا ، فقلت : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=830958رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) . وقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=838268اشتد غضب الله على قوم كسروا رباعية نبيهم ) يعني بذلك المباشر لذلك ، وقد ذكرنا اسمه على اختلاف في ذلك ، وإنما قلنا إنه خصوص في المباشر ; لأنه قد أسلم جماعة ممن شهد
أحدا وحسن إسلامهم .
الثانية : زعم بعض الكوفيين أن هذه الآية ناسخة للقنوت الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله بعد الركوع في الركعة الأخيرة من الصبح ، واحتج بحديث
ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=831947أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في صلاة الفجر بعد رفع رأسه من الركوع فقال : ( اللهم ربنا ولك الحمد في الآخرة ، ثم قال : اللهم العن فلانا وفلانا ) فأنزل الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم الآية . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وأخرجه
مسلم أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أتم منه . وليس هذا موضع نسخ وإنما نبه الله تعالى على نبيه على أن الأمر ليس إليه ، وأنه لا يعلم من الغيب شيئا إلا ما أعلمه ، وأن الأمر كله لله يتوب على من يشاء ويعجل العقوبة لمن يشاء . والتقدير : ليس لك من الأمر شيء ولله ما في السماوات وما في الأرض دونك ودونهم يغفر لمن يشاء
[ ص: 190 ] ويتوب على من يشاء . فلا نسخ ، والله أعلم . وبين بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء أن الأمور بقضاء الله وقدره ردا على القدرية وغيرهم .
الثالثة : واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555_1850القنوت في صلاة الفجر وغيرها ; فمنع
الكوفيون منه في الفجر وغيرها . وهو مذهب
الليث nindex.php?page=showalam&ids=17343ويحيى بن يحيى الليثي الأندلسي صاحب
مالك ، وأنكره
الشعبي . وفي الموطأ عن
ابن عمر : أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، أنبأنا
قتيبة ، عن
خلف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12139أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831948صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقنت ، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت ، وصليت خلف عمر فلم يقنت ، وصليت خلف عثمان فلم يقنت ، وصليت خلف علي فلم يقنت ; ثم قال : يا بني إنها بدعة . وقيل : يقنت في الفجر دائما وفي سائر الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري . وقيل : هو مستحب في صلاة الفجر ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون : إنه سنة . وهو مقتضى رواية
علي بن زياد عن
مالك بإعادة تاركه للصلاة عمدا . وحكى
الطبري الإجماع على أن تركه غير مفسد للصلاة . وعن
الحسن : في تركه سجود السهو ; وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
سعيد بن عبد العزيز فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555_1850نسي القنوت في صلاة الصبح قال : يسجد سجدتي السهو . واختار
مالك قبل الركوع ; وهو قول
إسحاق . وروي أيضا عن
مالك بعد الركوع ، وروي عن الخلفاء الأربعة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق أيضا . وروى عن جماعة من الصحابة التخيير في ذلك . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناد صحيح عن
أنس أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831949ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا . وذكر
أبو داود في المراسيل عن
خالد بن أبي عمران قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838272بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت ; فقال : ( يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا ، وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك [ ص: 191 ] عذابا nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون قال : ثم علمه هذا القنوت فقال : ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=129وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ ص: 188 ] فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=831943أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ ، فَجَعَلَ يَسْلِتُ الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ : كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا رَأْسَ نَبِيِّهِمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ .
الضَّحَّاكُ : هَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُوَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ . وَقِيلَ : اسْتَأْذَنَ فِي أَنْ يَدْعُوَ فِي اسْتِئْصَالِهِمْ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلِمَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ سَيُسْلِمُ وَقَدْ آمَنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ nindex.php?page=showalam&ids=59وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ nindex.php?page=showalam&ids=28وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرُهُمْ . وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831944وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ فَهَدَاهُمُ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ قِيلَ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=127لِيَقْطَعَ طَرَفًا . وَالْمَعْنَى : لِيَقْتُلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ ، أَوْ يُحْزِنَهُمْ بِالْهَزِيمَةِ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ . وَقَدْ تَكُونُ " أَوْ " هَاهُنَا بِمَعْنَى " حَتَّى " وَ " إِلَّا أَنْ " . قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَقُلْتُ لَهُ لَا تُبْلِ عَيْنَكَ إِنَّمَا نُحَاوِلُ مَلِكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831945كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا رَأْسَ نَبِيِّهِمْ ) اسْتِبْعَادٌ لِتَوْفِيقِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ تَقْرِيبٌ لِمَا اسْتَبْعَدَهُ وَإِطْمَاعٌ فِي إِسْلَامِهِمْ ، وَلَمَّا أُطْمِعَ فِي ذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830957اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ كَمَا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831946كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ : رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَالْحَاكِي فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ هُوَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ ; بِدَلِيلٍ مَا قَدْ جَاءَ صَرِيحًا مُبَيَّنًا
[ ص: 189 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=838267أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ وَجْهُهُ يَوْمَ أُحُدٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ شَقًّا شَدِيدًا وَقَالُوا : لَوْ دَعَوْتَ عَلَيْهِمْ ! فَقَالَ : ( إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَلَكِنِّي بُعِثْتُ دَاعِيًا وَرَحْمَةً ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) . فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِ قَضِيَّةِ
أُحُدٍ ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ النَّبِيُّ ; فَلَمَّا وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ تَعَيَّنَ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا . وَبَيَّنَهُ أَيْضًا مَا قَالَهُ
عُمَرُ لَهُ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ! لَقَدْ دَعَا
نُوحٌ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا الْآيَةَ . وَلَوْ دَعَوْتَ عَلَيْنَا مِثْلَهَا لَهَلَكْنَا مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا ; فَقَدْ وُطِئَ ظَهْرُكَ وَأُدْمِيَ وَجْهُكَ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُكَ فَأَبَيْتَ أَنْ تَقُولَ إِلَّا خَيْرًا ، فَقُلْتَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=830958رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=838268اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ كَسَرُوا رَبَاعِيَةَ نَبِيِّهِمْ ) يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُبَاشِرَ لِذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا اسْمَهُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ خُصُوصٌ فِي الْمُبَاشِرِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ شَهِدَ
أُحُدًا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ .
الثَّانِيَةُ : زَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْقُنُوتِ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الصُّبْحِ ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=831947أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرَ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ الْآيَةَ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَتَمَّ مِنْهُ . وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ نَسْخٍ وَإِنَّمَا نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ إِلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ شَيْئًا إِلَّا مَا أَعْلَمَهُ ، وَأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يَتُوبُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَيُعَجِّلُ الْعُقُوبَةَ لِمَنْ يَشَاءُ . وَالتَّقْدِيرُ : لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ دُونَكَ وَدُونَهُمْ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
[ ص: 190 ] وَيَتُوبُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ . فَلَا نَسْخَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَنَّ الْأُمُورَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ رَدًّا عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ .
الثَّالِثَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555_1850الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا ; فَمَنَعَ
الْكُوفِيُّونَ مِنْهُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا . وَهُوَ مَذْهَبُ
اللَّيْثِ nindex.php?page=showalam&ids=17343وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ الْأَنْدَلُسِيِّ صَاحِبِ
مَالِكٍ ، وَأَنْكَرَهُ
الشَّعْبِيُّ . وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، أَنْبَأَنَا
قُتَيْبَةُ ، عَنْ
خَلَفٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12139أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831948صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقْنُتْ ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَقْنُتْ ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْنُتْ ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ ، وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْنُتْ ; ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ إِنَّهَا بِدْعَةٌ . وَقِيلَ : يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ دَائِمًا وَفِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إِذَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ . وَقِيلَ : هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=15968وَسَحْنُونٌ : إِنَّهُ سُنَّةٌ . وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ
مَالِكٍ بِإِعَادَةِ تَارِكِهِ لِلصَّلَاةِ عَمْدًا . وَحَكَى
الطَّبَرِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّلَاةِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : فِي تَرْكِهِ سُجُودَ السَّهْوِ ; وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555_1850نَسِيَ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ : يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ . وَاخْتَارَ
مَالِكٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ ; وَهُوَ قَوْلُ
إِسْحَاقَ . وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ
مَالِكٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، وَرُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَيْضًا . وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّخْيِيرَ فِي ذَلِكَ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ
أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831949مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا . وَذَكَرَ
أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ
خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838272بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو عَلَى مُضَرَ إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ فَسَكَتَ ; فَقَالَ : ( يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْكَ سَبَّابًا وَلَا لَعَّانًا ، وَإِنَّمَا بَعَثَكَ رَحْمَةً وَلَمْ يَبْعَثْكَ [ ص: 191 ] عَذَابًا nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=128لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ قَالَ : ثُمَّ عَلَّمَهُ هَذَا الْقُنُوتَ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الْجَدَّ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ ) .