( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ( 110 ) ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ( 111 ) )
( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال ابن عباس : يعني ونحول بينهم وبين الإيمان ، فلو جئناهم بالآيات التي سألوا ما آمنوا بها كما لم يؤمنوا به أول مرة أي : كما لم يؤمنوا بما قبلها من الآيات من انشقاق القمر وغيره ، وقيل : كما لم يؤمنوا به أول مرة ، يعني معجزات موسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام ، كقوله تعالى ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ) ، ( القصص ، 48 ) ، وفي الآية محذوف تقديره فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة ، وقال علي بن أبي طلحة عن [ ص: 179 ] ابن عباس : المرة الأولى دار الدنيا ، يعني لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا في الدنيا قبل مماتهم ، كما قال : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " ( الأنعام ، 28 ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) قال عطاء : نخذلهم وندعهم في ضلالتهم يتمادون .
( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة ) فرأوهم عيانا ، ( وكلمهم الموتى ) بإحيائنا إياهم فشهدوا لك بالنبوة كما سألوا ، ( وحشرنا ) وجمعنا ، ( عليهم كل شيء قبلا ) قرأ أهل المدينة وابن عامر " قبلا " بكسر القاف وفتح الباء ، أي معاينة ، وقرأ الآخرون بضم القاف والباء ، هو جمع قبيل ، وهو الكفيل ، مثل رغيف ورغف ، وقضيب وقضب أي : ضمناء وكفلاء ، وقيل : هو جمع قبيل وهو القبيلة ، أي : فوجا فوجا ، وقيل : هو بمعنى المقابلة والمواجهة ، من قولهم : أتيتك قبلا لا دبرا إذا أتاه من قبل وجهه ، ( ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ) ذلك ، ( ولكن أكثرهم يجهلون ) .