( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين ( 41 ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ( 42 ) ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ( 43 ) )
( لهم من جهنم مهاد ) أي : فراش ، ( ومن فوقهم غواش ) أي : لحف ، وهي جمع غاشية ، يعني ما غشاهم وغطاهم ، يريد إحاطة النار بهم من كل جانب ، كما قال الله ، " لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل " ( الزمر ، 16 ) ، ( وكذلك نجزي المجرمين )
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : طاقتها وما لا تحرج فيه ولا تضيق عليه ، ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )
( ونزعنا ) وأخرجنا ، ( ما في صدورهم من غل ) من غش وعداوة كانت بينهم في الدنيا فجعلناهم إخوانا على سرر متقابلين لا يحسد بعضهم بعضا على شيء خص الله به بعضهم . ( تجري من تحتهم الأنهار ) روى الحسن عن علي رضي الله عنه قال : فينا والله أهل بدر نزلت : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) .
وقال علي رضي الله عنه أيضا : إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال [ ص: 230 ] لهم الله - عز وجل - : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل )
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا حدثنا محمد بن إسماعيل الصلت بن محمد حدثنا حدثنا يزيد بن زريع سعيد عن قتادة عن عن أبي المتوكل الناجي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي سعيد الخدري . يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا "
وقال في هذه الآية : إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة ، في أصل ساقها عينان ، فشربوا من إحداهما ، فينزع ما في صدورهم من غل ، فهو الشراب الطهور ، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم فلن يشعثوا ولن يسحنوا بعدها أبدا ، أي إلى هذا ، يعني طريق الجنة . السدي
وقال : معناه هدانا لعمل هذا ثوابه ، ( سفيان الثوري وما كنا ) قرأ ابن عامر : " ما كنا " بلا واو ، ( لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ) هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا ، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) قيل : هذا النداء إذا رأوا الجنة من بعيد نودوا أن تلكم الجنة . (
وقيل : هذا النداء يكون في الجنة .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الخطيب أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عن عبد الله بن المبارك سفيان عن أبي إسحاق عن الأغر عن أبي سعيد وعن قالا أبي هريرة ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون " ، هذا حديث صحيح أخرجه ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، فذلك قوله : " مسلم بن الحجاج عن إسحاق بن إبراهيم عن وعبد الرحمن بن حميد عبد الرزاق عن بهذا الإسناد مرفوعا . [ ص: 231 ] وروي عن سفيان الثوري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة " ما من أحد إلا وله منزله في الجنة ومنزله في النار ، فأما الكافر فإنه يرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة " .