الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وليضربن بخمرهن على جيوبهن وقال أحمد بن شبيب حدثنا أبي عن يونس قال ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها

                                                                                                                                                                                                        4481 حدثنا أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول لما نزلت هذه الآية وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها [ ص: 346 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 346 ] قوله : باب قوله : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا الآية إلى قوله : رءوف رحيم كذا لأبي ذر ، وساق غيره إلى رءوف رحيم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تشيع تظهر ) ثبت هذا لأبي ذر وحده ، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( تشيع الفاحشة ) تظهر يتحدث به ، ومن طريق سعيد بن جبير في قوله : ( أن تشيع الفاحشة ) يعني أن تفشو وتظهر ، والفاحشة الزنا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين - إلى قوله - والله غفور رحيم سقط لغير أبي ذر فصارت الآيات موصولا بعضها ببعض فأما قوله : ( ولا يأتل ) فقال أبو عبيدة : معناه [ ص: 347 ] لا يفتعل من آليت أي أقسمت ، وله معنى آخر من ألوت أي قصرت ، ومنه لا يألونكم خبالا وقال الفراء الائتلاء الحلف ، وقرأ أهل المدينة " ولا يتأل " بتأخير الهمزة . وتشديد اللام ، وهي خلاف رسم المصحف ، وما نسبه إلى أهل المدينة غير معروف وإنما نسبت هذه القراءة للحسن البصري ، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ولا يأتل يقول لا يقسم ، وهو يؤيد القراءة المذكورة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة إلخ ) وصله أحمد عنه بتمامه ، وقد ذكرت ما فيه من فائدة في أثناء حديث الإفك الطويل قريبا ، ووقع في رواية المستملي عن الفربري " حدثنا حميد بن الربيع حدثنا أبو أسامة " فظن الكرماني أن البخاري وصله عن حميد بن الربيع ، وليس كذلك بل هو خطأ فاحش فلا يغتر به .

                                                                                                                                                                                                        قوله : باب وليضربن بخمرهن على جيوبهن كأن يضربن ضمن معنى يلقين فلذلك عدي بعلى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقاله أحمد بن شبيب ) بمعجمة وموحدتين وزن عظيم ، وهو من شيوخ البخاري إلا أنه أورد هذا عنه بهذه الصيغة ، وقد وصله ابن المنذر عن محمد بن إسماعيل الصائغ عن أحمد بن شبيب ، وكذا أخرجه ابن مردويه من طريق موسى بن سعيد الدنداني عن أحمد بن شبيب بن سعيد ، وهكذا أخرجه أبو داود والطبراني من طريق قرة بن عبد الرحمن عن الزهري مثله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يرحم الله نساء المهاجرات ) أي النساء المهاجرات فهو كقولهم شجر الأراك ، ولأبي داود من وجه آخر عن الزهري يرحم الله النساء المهاجرات .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الأول ) بضم الهمزة وفتح الواو جمع أولى أي السابقات من المهاجرات ، وهذا يقتضي أن الذي صنع ذلك نساء المهاجرات ، لكن في رواية صفية بنت شيبة عن عائشة أن ذلك في نساء الأنصار كما سأنبه عليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مروطهن ) جمع مرط وهو الإزار ، وفي الرواية الثانية " أزرهن " وزاد " شققنها من قبل الحواشي " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فاختمرن ) أي غطين وجوههن ; وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع ، قال الفراء : كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها ، فأمرن بالاستتار ، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل .

                                                                                                                                                                                                        قوله في الرواية الثانية : ( عن الحسن ) هو ابن مسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لما نزلت هذه الآية وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن ) هكذا وقع عند البخاري الفاعل ضميرا ، وأخرجه النسائي من رواية ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع بلفظ " أخذ النساء " وأخرجه الحاكم من [ ص: 348 ] طريق زيد بن الحباب عن إبراهيم بن نافع بلفظ " أخذ نساء الأنصار " ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية ما يوضح ذلك ، ولفظه " ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن ، فقالت : إن نساء قريش لفضلاء ، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رءوسهن الغربان " ويمكن الجمع بين الروايتين بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية