عارم ( ع ) محمد بن الفضل ، الحافظ الثبت الإمام أبو النعمان السدوسي البصري . ولد سنة نيف وأربعين ومائة [ ص: 266 ] وسمع : حماد بن سلمة ، وجرير بن حازم ، وثابت بن يزيد الأحول ، وداود بن أبي الفرات ، ومهدي بن ميمون ، وعمارة بن زاذان ، وأبا هلال محمد بن سليم ، ومحمد بن راشد المكحولي ، وقزعة بن سويد ، ووهيبا ، وعبد الوارث ، وأبا عوانة ، وعبد الواحد بن زياد ، وخلقا . وعنه : البخاري ، وأحمد بن حنبل ، وعبد بن حميد ، ومحمد بن يحيى ، وسليمان بن سيف ، والكديمي ، ويعقوب الفسوي ، وابن وارة ، وأبو الأحوص العكبري ، وأبو مسلم الكجي ، وخلق كثير . قال الذهلي : حدثنا محمد بن الفضل عارم ، وكان بعيدا من العرامة . وقال ابن وارة : حدثنا عارم الصدوق المأمون . وقال أبو علي الزريقي : حدثنا عارم قبل أن يختلط . وقال البخاري : تغير في آخر عمره . وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : إذا حدثك عارم ، فاختم عليه ، عارم لا يتأخر عن عفان ، وكان سليمان بن حرب يقدم عارما على نفسه إذا خالفه في شيء ، ويرجع إلى ما يقول عارم ، وهو أثبت أصحاب حماد بن زيد بعد عبد الرحمن بن مهدي . وقال : عارم أحب إلي من أبي سلمة . [ ص: 267 ] ثم قال : اختلط عارم في آخر عمره ، وزال عقله ، فمن سمع منه قبل الاختلاط ، فسماعه صحيح . وكتبت عنه سنة أربع عشرة ، ولم أسمع منه بعدما اختلط ، فمن سمع منه قبل سنة عشرين ومائتين ، فسماعه جيد . قال : وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين . وسئل أبو حاتم ، عن عارم ، فقال : ثقة . وروى الحسين بن عبد الله الذراع ، عن أبي داود قال : بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ، ثم راجعه عقله ، واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة ومائتين . مات عارم سنة أربع وعشرين في صفر . أبو عبيد ، عن أبي داود قال : كنت عند عارم ، فحدث عن حماد ، عن هشام ، عن أبيه ، أن ماعزا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصوم في السفر ، فقلت له : " حمزة الأسلمي " بدل " ماعز " ، فقال : يا بني ، ماعز لا يشقى به جليسه . يعني أن عارما قال هذا وقد زال عقله . قلت : فرج عنا الدارقطني في شأن عارم ، فقال : تغير بأخرة ، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر ، وهو ثقة . فانظر قول أمير المؤمنين في الحديث أبي الحسن ، فأين هذا من قول ذاك الخساف المتفاصح أبي حاتم بن حبان في عارم ، فقال : اختلط [ ص: 268 ] في آخر عمره ، وتغير ، حتى كان لا يدري ما يحدث به ، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة ، فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون ، فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل ، ولا يحتج بشيء منها . قلت : فأين ما زعمت من المناكير الكثيرة ؟ فلم يذكر منها حديثا . روى له عن حماد ، عن حميد الطويل ، عن أنس ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : اتقوا النار ولو بشق تمرة وقد كان حدث به من قبل عن الحسن بدل أنس مرسلا وهو أشبه . وكذا رواه عفان وغيره عن حماد . قال أبو بكر الشافعي : سمعت إبراهيم الحربي يقول : جئت عارما ، فطرح لي حصيرا على الباب ، وخرج ، وقال : مرحبا أيش كان خبرك ؟ ما رأيتك منذ مدة . وما كنت جئته قبلها . ثم قال لي : قال ابن المبارك : أيها الطالب علما إيت حماد بن زيد فاستفد حلما وعلما ثم قيده بقيد والقيد بقيد ، وجعل يشير بيده على أصبعه مرارا ، فعلمت أنه اختلط . وقال العقيلي : سماع علي بن عبد العزيز البغوي من عارم سنة سبع عشرة ومائتين . [ ص: 269 ] قال سليمان بن حرب : إذا ذكرت أبا النعمان ، فاذكر أيوب وابن عون . قال العقيلي : قال لي جدي : ما رأيت بالبصرة شيخا أحسن صلاة من عارم ، كانوا يقولون : أخذ الصلاة عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : وكان عارم أخشع من رأيت -رحمه الله . قلت : لم يأخذ عنه أبو داود لتغيره ، والذي ينبغي أن من خلط في كلامه كتخليط السكران أن لا يحمل عنه ألبتة ، وأن من تغير لكثرة النسيان أن لا يؤخذ عنه . أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه في كتابه ، أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا ابن غيلان ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، أخبرنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا عارم ، حدثنا سعيد بن زيد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : نهي أن يشرب الرجل وهو قائم ، وأن يلتقم فم السقاء فيشرب منه . هذا حديث صالح الإسناد ، وعلي بن الحكم روى له البخاري ، ووثق . قال محمد بن المنذر شكر ، عن بعض شيوخه قال : كنت عند عبد الرزاق ، وبقيت علي بقية ، وأردت السفر ، فقلت له ، فانتهرني ، فرحت [ ص: 270 ] مغموما ، فنمت ، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما لي أراك مغموما ؟ قلت : يا رسول الله ، سألت عبد الرزاق أن يقرأ علي ، فزبرني ، فقال : إن أردت أن تكتب العلم لله ، فاكتب عن القعنبي ، ومحمد بن الفضل السدوسي ، وعبد الله بن رجاء الغداني ، ومحمد بن يوسف الفريابي . فأصبحت ، وحكيت الرؤيا ، فقال عبد الرزاق : شكوتني إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! هات حتى أقرأ عليك ، قلت : لا والله ، ثم لحقت بأولئك ، فكتبت عنهم . |