ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن ، والموعد يشمل زمان الوعد ومكانه ، والمعنى : أنهم زعموا أن الله لم يجعل وقتا ولا مكانا لإنجاز ما وعدهم على ألسنة رسله من البعث والجزاء والحساب . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من إنكارهم البعث جاء مبينا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : الكفار زعموا أن الله لن يجعل لهم موعدا زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه عنهم : وما نحن بمبعوثين [ 6 \ 29 ] ، وما نحن بمنشرين [ 44 \ 35 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وقد بين الله تعالى كذبهم في إنكارهم للبعث في آيات كثيرة ، كقوله في هذه السورة الكريمة : بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا [ 18 \ 58 ] ، وقولـه : قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم الآية [ 64 \ 7 ] ، وقولـه : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا [ 16 \ 38 ] ، وقولـه : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ 21 \ 104 ] ، والآيات بمثل هذا كثيرة جدا .
وقد قدمنا في [ ص: 287 ] سورة " البقرة " وسورة " النحل " البراهين التي يكثر في القرآن العظيم الاستدلال بها على البعث ، وقولـه تعالى في هذه الآية الكريمة : بل زعمتم إضراب انتقالي من خبر إلى خبر آخر ، لا إبطالي كما هو واضح . وأن في قوله : ألن نجعل ، مخففة من الثقيلة ، وجملة الفعل الذي بعدها خبرها ، والاسم ضمير الشأن المحذوف على حد قوله في الخلاصة :
وإن تخفف أن . . .
البيت .والفعل المذكور متصرف وليس بدعاء ، ففصل بينه وبينها بالنفي . على حد قوله في الخلاصة :
وإن يكن فعلا ولم يكن دعا
البيتين .