قوله تعالى : الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا .
التحقيق في قوله : الذين كانت أعينهم ، أنه في محل خفص نعتا للكافرين ، وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من صفات الكافرين الذين تعرض لهم جهنم يوم القيامة أنهم كانت أعينهم في دار الدنيا في غطاء عن ذكره تعالى ، وكانوا لا يستطيعون سمعا ، وقد بين هذا من صفاتهم في آيات كثيرة ، كقوله في تغطية أعينهم : وعلى أبصارهم غشاوة الآية [ 2 \ 7 ] ، وقولـه : وجعل على بصره غشاوة الآية [ 45 \ 23 ] ، وقولـه : أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى [ 13 \ 19 ] ، وقولـه : وما يستوي الأعمى والبصير الآية [ 35 \ 19 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا ، وقال في عدم استطاعتهم السمع : أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم [ 47 \ 23 ] ، وقال : إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ 18 \ 57 ] ، وقد بينا معنى كونهم لا يستطيعون السمع في أول سورة " هود " في الكلام على قوله تعالى : يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون [ 11 \ 20 ] ، فأغنى عن إعادته هنا ، وقد بينا أيضا طرفا من ذلك في الكلام على قوله تعالى في هذه السورة الكريمة : إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ 18 \ 57 ] ، [ ص: 348 ] وقد بين تعالى في موضع آخر : أن الغطاء المذكور الذي يعشو بسببه البصر عن ذكره تعالى يقيض الله لصاحبه شيطانا فيجعله له قرينا ، وذلك في قوله تعالى : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين الآية [ 43 \ 36 ] .