[ ص: 368 ] مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة .
المسألة الأولى : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=10379_25859_10394رجم الزانيين المحصنين دلت عليه آيتان من كتاب الله ، إحداهما نسخت تلاوتها ، وبقي حكمها ، والثانية : باقية التلاوة والحكم ، أما التي نسخت تلاوتها ، وبقي حكمها فهي قوله تعالى : ( الشيخ والشيخة ) إلى آخرها ; كما سيأتي ، وكون الرجم ثابتا بالقرآن ثابت في الصحيح .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في صحيحه : في باب
nindex.php?page=treesubj&link=24372رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن عبد الله ، حدثني
إبراهيم بن سعد ، عن
صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009148عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم : nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى ، وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع إلى عبد الرحمن ، فقال : لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل لك في فلان يقول : لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت ، فغضب عمر ثم قال : إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم ، الحديث بطوله .
وفيه : إن الله بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها ، رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حق على من زنى ، إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا nindex.php?page=treesubj&link=10340_10314_10315قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ، انتهى محل الغرض من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وفيه : أن الرجم نزل في القرآن في آية من كتاب الله ، وكونها لم تقرأ في الصحف ، يدل على نسخ تلاوتها ، مع بقاء حكمها ; كما هو ثابت في الحديث المذكور .
وفي رواية في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
عمر - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009149لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا وإن الرجم حق على من زنى ، وقد أحصن إذا قامت البينة ، أو كان الحمل ، أو الاعتراف .
قال
سفيان : كذا حفظت : ألا وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده .
[ ص: 369 ] وقال
ابن حجر في " فتح الباري " ، في شرحه لهذه الرواية الأخيرة ، وقد أخرجه
الإسماعيلي من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر الفريابي ، عن
علي بن عبد الله شيخ البخاري فيه ، فقال بعد قوله : أو الاعتراف ، وقد قرأناها : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) ، وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ورجمنا بعده ، فسقط من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من قوله : وقد قرأناها إلى قوله : البتة ، ولعل
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هو الذي حذف ذلك عمدا ، فقد أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17029محمد بن منصور ، عن
سفيان كرواية
جعفر ، ثم قال : لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث : ( الشيخ والشيخة . . . ) غير
سفيان ، وينبغي أن يكون وهم في ذلك .
قلت : وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية
مالك ،
ويونس ،
ومعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16214وصالح بن كيسان ،
وعقيل ، وغيرهم من الحفاظ عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
وقد وقعت هذه الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009150لما صدر عمر من الحج ، وقدم المدينة خطب الناس فقال : أيها الناس ، قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكم الفرائض ، وتركتم على الواضحة ، ثم قال : إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم ، أن يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا ، والذي نفسي بيده ، لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ) ، قال
مالك : الشيخ والشيخة : الثيب والثيبة .
ووقع في الحلية في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
عمر : لكتبتها في آخر القرآن .
ووقعت أيضا في هذا الحديث في رواية
أبي معشر الآتي التنبيه عليها ، في الباب الذي يليه فقال متصلا بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009151قد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده ، ولولا أن يقولوا : كتب عمر ما ليس في كتاب الله ، لكتبته قد قرأنا : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) .
وأخرج هذه الجملة
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصححه
الحاكم ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، قال : ولقد كان فيها ، أي سورة " الأحزاب " ، آية الرجم : ( الشيخ ) ، فذكر مثله .
[ ص: 370 ] ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009152سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الشيخ والشيخة " مثله ، إلى قوله : " البتة " .
ومن رواية
أسامة بن سهل أن خالته أخبرته ، قالت : لقد أقرأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية الرجم ، فذكره إلى قوله : " البتة " ، وزاد " بما قضيا من اللذة " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009153أن nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم قال لزيد : ألا تكتبها في المصحف ؟ قال : لا ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ولقد ذكرنا ذلك ، فقال عمر : أنا أكفيكم ، فقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أكتبني آية الرجم ، فقال : " لا أستطيع " .
وروينا في فضائل القرآن
nindex.php?page=showalam&ids=12798لابن الضريس من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17389يعلى وهو ابن حكيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=1009154أن عمر خطب الناس ، فقال : لا تشكوا في الرجم فإنه حق ، ولقد هممت أن أكتبه في المصحف ، فسألت nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، فقال : أليس أتيتني ، وأنا أستقرئها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدفعت في صدري ، وقلت : استقرئه آية الرجم ، وهم يتسافدون تسافد الحمر ، ورجاله ثقات ، وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها ، وهو الاختلاف .
وأخرج
الحاكم من طريق
كثير بن الصلت ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009155كان nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف ، فمرا على هذه الآية ، فقال زيد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة " ، فقال عمر : لما نزلت أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : أكتبها ؟ فكأنه كره ذلك ، فقال عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ، ولم يحصن جلد ، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم .
فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها ، انتهى بطوله من فتح الباري .
وفيه الدلالة الظاهرة على ما ذكرنا من أن آية الرجم منسوخة التلاوة ، باقية الحكم ، وأنها مخصصة لآية الجلد ، على القول بعدم الجمع بين الرجم والجلد ، كما تقدم .
ولكن ما أشار إليه
ابن حجر من استفادة سبب نسخ تلاوتها من بعض الأحاديث المذكورة غير ظاهر ; لأن كثيرا من الآيات يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - تخصيص عمومه ، ويوضح المقصود به وإن كان خلاف الظاهر المتبادر منه ، ولم يؤد شيء من ذلك إلى نسخ تلاوته كما هو معلوم ، والآية القرآنية عند نزولها تكون لها أحكام متعددة ، كالتعبد بتلاوتها ،
[ ص: 371 ] وكالعمل بما تضمنته من الأحكام الشرعية ، والقراءة بها في الصلاة ، ونحو ذلك من الأحكام ، وإذا أراد الله أن ينسخها بحكمته فتارة ينسخ جميع أحكامها من تلاوة ، وتعبد ، وعمل بما فيها من الأحكام كآية عشر رضعات معلومات يحرمن ، وتارة ينسخ بعض أحكامها دون بعض ، كنسخ حكم تلاوتها والتعبد بها مع بقاء ما تضمنته من الأحكام الشرعية ، وكنسخ حكمها دون تلاوتها ، والتعبد بها كما هو غالب ما في القرآن من النسخ .
وقد أوضحنا جميع ذلك بأمثلته في سورة " النحل " في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وإذا بدلنا آية مكان آية الآية [ 16 \ 101 ] ، وله الحكمة البالغة في جميع ما يفعله من ذلك .
فآية الرجم المقصود منها إثبات حكمها ، لا التعبد بها ، ولا تلاوتها ، فأنزلت وقرأها الناس ، وفهموا منها حكم الرجم ، فلما تقرر ذلك في نفوسهم نسخ الله تلاوتها ، والتعبد بها ، وأبقى حكمها الذي هو المقصود ، والله - جل وعلا - أعلم .
فالرجم ثابت في القرآن ، وما سيأتي عن
علي - رضي الله عنه - أنه قال : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لا ينافي ذلك ; لأن السنة هي التي بينت أن حكم آية الرجم باق بعد نسخ تلاوتها فصار حكمها من هذه الجهة ، فإنه ثابت بالسنة ، والله تعالى أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله - في صحيحه : حدثني
أبو الطاهر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15708وحرملة بن يحيى قالا : حدثنا
ابن وهب ، أخبرني
يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009156قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وهو جالس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله قد بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه nindex.php?page=treesubj&link=32394آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها ، فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البينة ، أو كان الحبل ، أو الاعتراف ، اهـ منه .
فهذا الحديث الذي اتفق عليه الشيخان ، عن هذا الخليفة الراشد أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، دليل صريح صحيح على أن الرجم ثابت بآية من كتاب
[ ص: 372 ] الله ، أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقرأها الصحابة ، ووعوها ، وعقلوها وأن حكمها باق ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله والصحابة - رضي الله عنهم - فعلوه بعده .
فتحققنا بذلك بقاء حكمها مع أنها لا شك في نسخ تلاوتها مع الروايات التي ذكرنا في كلام
ابن حجر ، ومن جملة ما فيها لفظ آية الرجم المذكورة ، والعلم عند الله تعالى .
وأما الآية التي هي باقية التلاوة والحكم ، فهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون [ 3 \ 23 ] ، على القول بأنها نزلت في رجم اليهوديين الزانيين بعد الإحصان ، وقد رجمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقصة رجمه لهما مشهورة ، ثابتة في الصحيح ، وعليه فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ، أي : عما في التوراة من
nindex.php?page=treesubj&link=33506حكم الرجم ، وذم المعرض عن الرجم في هذه الآية يدل على أنه ثابت في شرعنا ، فدلت الآية على هذا القول أن الرجم ثابت في شرعنا ، وهي باقية التلاوة .
[ ص: 368 ] مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10379_25859_10394رَجْمَ الزَّانِيَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، إِحْدَاهُمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا ، وَبَقِيَ حُكْمُهَا ، وَالثَّانِيَةُ : بَاقِيَةُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ ، أَمَّا الَّتِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا ، وَبَقِيَ حُكْمُهَا فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ ) إِلَى آخِرِهَا ; كَمَا سَيَأْتِي ، وَكَوْنُ الرَّجْمِ ثَابِتًا بِالْقُرْآنِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : فِي بَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=24372رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَى إِذَا أَحْصَنَتْ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15136عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
صَالِحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16523عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009148عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ : nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى ، وَهُوَ عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا ، إِذْ رَجَعَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ : لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ : لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ ، فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ .
وَفِيهِ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى ، إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا nindex.php?page=treesubj&link=10340_10314_10315قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ .
وَفِيهِ : أَنَّ الرَّجْمَ نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَكَوْنُهَا لَمْ تُقْرَأْ فِي الصُّحُفِ ، يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ تِلَاوَتِهَا ، مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهَا ; كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ .
وَفِي رِوَايَةٍ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009149لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ : لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى ، وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَمْلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ .
قَالَ
سُفْيَانُ : كَذَا حَفِظْتُ : أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ .
[ ص: 369 ] وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " ، فِي شَرْحِهِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14907جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ ، فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ : أَوْ الِاعْتِرَافُ ، وَقَدْ قَرَأْنَاهَا : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ ) ، وَقَدْ رَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ : وَقَدْ قَرَأْنَاهَا إِلَى قَوْلِهِ : الْبَتَّةَ ، وَلَعَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ هُوَ الَّذِي حَذَفَ ذَلِكَ عَمْدًا ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17029مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ
سُفْيَانَ كَرِوَايَةِ
جَعْفَرٍ ، ثُمَّ قَالَ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ . . . ) غَيْرَ
سُفْيَانَ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَهِمَ فِي ذَلِكَ .
قُلْتُ : وَقَدْ أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ
مَالِكٍ ،
وَيُونُسَ ،
وَمَعْمَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16214وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ،
وَعَقِيلٍ ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ .
وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009150لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ مِنَ الْحَجِّ ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ ، وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ ، وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ ، ثُمَّ قَالَ : إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا بِيَدِي : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ ) ، قَالَ
مَالِكٌ : الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ : الثَّيِّبُ وَالثَّيِّبَةُ .
وَوَقَعَ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
عُمَرَ : لَكَتَبْتُهَا فِي آخِرِ الْقُرْآنِ .
وَوَقَعَتْ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ
أَبِي مَعْشَرٍ الْآتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا ، فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009151قَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولُوا : كَتَبَ عُمَرُ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، لَكَتَبْتُهُ قَدْ قَرَأْنَا : ( الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وَأَخْرَجَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ
الْحَاكِمُ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : وَلَقَدْ كَانَ فِيهَا ، أَيْ سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " ، آيَةُ الرَّجْمِ : ( الشَّيْخُ ) ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
[ ص: 370 ] وَمِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009152سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ " مِثْلَهُ ، إِلَى قَوْلِهِ : " الْبَتَّةَ " .
وَمِنْ رِوَايَةِ
أُسَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّ خَالَتَهُ أَخْبَرَتْهُ ، قَالَتْ : لَقَدْ أَقْرَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آيَةَ الرَّجْمِ ، فَذَكَرَهُ إِلَى قَوْلِهِ : " الْبَتَّةَ " ، وَزَادَ " بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ " .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ أَيْضًا
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009153أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ لِزَيْدٍ : أَلَا تَكْتُبْهَا فِي الْمُصْحَفِ ؟ قَالَ : لَا أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّابَّيْنِ الثَّيِّبَيْنِ يُرْجَمَانِ وَلَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَنَا أَكْفِيكُمْ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَكْتِبْنِي آيَةَ الرَّجْمِ ، فَقَالَ : " لَا أَسْتَطِيعُ " .
وَرُوِّينَا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12798لِابْنِ الضُّرَيْسِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17389يَعْلَى وَهُوَ ابْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ nindex.php?page=hadith&LINKID=1009154أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : لَا تَشُكُّوا فِي الرَّجْمِ فَإِنَّهُ حَقٌّ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَهُ فِي الْمُصْحَفِ ، فَسَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ أَتَيْتَنِي ، وَأَنَا أَسْتَقْرِئُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَدَفَعْتَ فِي صَدْرِي ، وَقُلْتَ : اسْتَقْرِئْهُ آيَةَ الرَّجْمِ ، وَهُمْ يَتَسَافَدُونَ تَسَافُدَ الْحُمُرِ ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى بَيَانِ السَّبَبِ فِي رَفْعِ تِلَاوَتِهَا ، وَهُوَ الِاخْتِلَافُ .
وَأَخْرَجَ
الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ
كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009155كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=74وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ يَكْتُبَانِ فِي الْمُصْحَفِ ، فَمَرَّا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ زَيْدٌ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ " ، فَقَالَ عُمَرُ : لَمَّا نَزَلَتْ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقُلْتُ : أَكْتُبُهَا ؟ فَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَ إِذَا زَنَى ، وَلَمْ يُحْصِنْ جُلِدَ ، وَأَنَّ الشَّابَّ إِذَا زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ رُجِمَ .
فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ السَّبَبُ فِي نَسْخِ تِلَاوَتِهَا لِكَوْنِ الْعَمَلِ عَلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ عُمُومِهَا ، انْتَهَى بِطُولِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي .
وَفِيهِ الدَّلَالَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ آيَةَ الرَّجْمِ مَنْسُوخَةُ التِّلَاوَةِ ، بَاقِيَةُ الْحُكْمِ ، وَأَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِآيَةِ الْجَلْدِ ، عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الرَّجْمِ وَالْجَلَدِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
وَلَكِنْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
ابْنُ حَجَرٍ مِنَ اسْتِفَادَةِ سَبَبِ نَسْخِ تِلَاوَتِهَا مِنْ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْآيَاتِ يُبَيِّنُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْصِيصَ عُمُومِهِ ، وَيُوَضِّحُ الْمَقْصُودَ بِهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ ، وَلَمْ يُؤَدِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى نَسْخِ تِلَاوَتِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ، وَالْآيَةُ الْقُرْآنِيَّةُ عِنْدَ نُزُولِهَا تَكُونُ لَهَا أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، كَالتَّعَبُّدِ بِتِلَاوَتِهَا ،
[ ص: 371 ] وَكَالْعَمَلِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْقِرَاءَةِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْسَخَهَا بِحِكْمَتِهِ فَتَارَةً يَنْسَخُ جَمِيعَ أَحْكَامِهَا مِنْ تِلَاوَةٍ ، وَتَعَبُّدٍ ، وَعَمَلٍ بِمَا فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ كَآيَةِ عَشْرِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، وَتَارَةً يَنْسَخُ بَعْضَ أَحْكَامِهَا دُونَ بَعْضٍ ، كَنَسْخِ حُكْمِ تِلَاوَتِهَا وَالتَّعَبُّدِ بِهَا مَعَ بَقَاءِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَكَنَسْخِ حُكْمِهَا دُونَ تِلَاوَتِهَا ، وَالتَّعَبُّدِ بِهَا كَمَا هُوَ غَالِبُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ النَّسْخِ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ بِأَمْثِلَتِهِ فِي سُورَةِ " النَّحْلِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ الْآيَةَ [ 16 \ 101 ] ، وَلَهُ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ فِي جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ .
فَآيَةُ الرَّجْمِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا إِثْبَاتُ حُكْمِهَا ، لَا التَّعَبُّدُ بِهَا ، وَلَا تِلَاوَتُهَا ، فَأُنْزِلَتْ وَقَرَأَهَا النَّاسُ ، وَفَهِمُوا مِنْهَا حُكْمَ الرَّجْمِ ، فَلَمَّا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ نَسَخَ اللَّهُ تِلَاوَتَهَا ، وَالتَّعَبُّدَ بِهَا ، وَأَبْقَى حُكْمَهَا الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ ، وَاللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - أَعْلَمُ .
فَالرَّجْمُ ثَابِتٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَمَا سَيَأْتِي عَنْ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ : جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَا يُنَافِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الَّتِي بَيَّنَتْ أَنَّ حُكْمَ آيَةِ الرَّجْمِ بَاقٍ بَعْدِ نَسْخِ تِلَاوَتِهَا فَصَارَ حُكْمُهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : حَدَّثَنِي
أَبُو الطَّاهِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15708وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا : حَدَّثَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي
يُونُسُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16523عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009156قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخُطَّابِ ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ nindex.php?page=treesubj&link=32394آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ ، اهـ مِنْهُ .
فَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ ، عَنْ هَذَا الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، دَلِيلٌ صَرِيحٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الرَّجْمَ ثَابِتٌ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ
[ ص: 372 ] اللَّهِ ، أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَرَأَهَا الصَّحَابَةُ ، وَوَعَوْهَا ، وَعَقَلُوهَا وَأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَعَلُوهُ بَعْدَهُ .
فَتَحَقَّقْنَا بِذَلِكَ بَقَاءَ حُكْمِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا شَكَّ فِي نَسْخِ تِلَاوَتِهَا مَعَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي كَلَامِ
ابْنِ حَجَرٍ ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهَا لَفْظُ آيَةِ الرَّجْمِ الْمَذْكُورَةِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي هِيَ بَاقِيَةُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ ، فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ [ 3 \ 23 ] ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ الزَّانِيَيْنِ بَعْدَ الْإِحْصَانِ ، وَقَدْ رَجَمَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقِصَّةُ رَجْمِهِ لَهُمَا مَشْهُورَةٌ ، ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحِ ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ، أَيْ : عَمَّا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33506حُكْمِ الرَّجْمِ ، وَذَمُّ الْمُعْرِضِ عَنِ الرَّجْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي شَرْعِنَا ، فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الرَّجْمَ ثَابِتٌ فِي شَرْعِنَا ، وَهِيَ بَاقِيَةُ التِّلَاوَةِ .