المسألة الثانية : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=18197الاستئذان ثلاث مرات ، يقول المستأذن في كل واحدة منها : السلام عليكم أأدخل ؟ فإن لم يؤذن له عند الثالثة ، فليرجع ، ولا يزد على الثلاث ، وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه ، لأنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوتا لا مطعن فيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17367يزيد بن خصيفة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009227كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور ، فقال : استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي ، فرجعت ، قال : ما منعك ؟ قلت : استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت ، وقال [ ص: 494 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " : إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع " فقال : والله لتقيمن عليه بينة أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم ، فكنت أصغر القوم فقمت معه ، فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17367يزيد بن خصيفة عن
بسر ، سمعت
أبا سعيد بهذا ، اهـ بلفظه من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وهو نص صحيح صريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الاستئذان ثلاث مرات ، فإن لم يؤذن له بعد الثالثة رجع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله - في صحيحه : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16696عمرو بن محمد بن بكير الناقد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، حدثنا والله
nindex.php?page=showalam&ids=17367يزيد بن خصيفة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009228كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار ، فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا قلنا : ما شأنك ؟ قال : إن عمر أرسل إلي أن آتيه فأتيت بابه ، فسلمت ثلاثا فلم يرد علي فرجعت فقال : ما منعك أن تأتينا ؟ فقلت : إنني أتيتك ، فسلمت على بابك ثلاثا ، فلم يردوا علي فرجعت ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " : إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع " فقال عمر : أقم عليها البينة ، وإلا أوجعتك ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : لا يقوم معه إلا أصغر القوم : قال أبو سعيد : قلت : أنا أصغر القوم ، قال : فاذهب به . حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ،
وابن أبي عمر قالا : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17367يزيد بن خصيفة بهذا الإسناد ، وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر في حديثه : قال
أبو سعيد : فقمت معه فذهبت إلى
عمر فشهدت ، اهـ بلفظه من صحيح
مسلم . وفي لفظ عند
مسلم من حديث
أبي سعيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009229فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا ، قم يا أبا سعيد فقمت حتى أتيت عمر فقلت : قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا .
وفي لفظ عند
مسلم من حديث
أبي سعيد فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009230إن كان هذا شيئا حفظته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فها ، وإلا فلأجعلنك عظة ، قال أبو سعيد : فأتانا فقال : ألم تعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الاستئذان ثلاث ، قال فجعلوا يضحكون ، قال فقلت : أتاكم أخوكم المسلم قد أفزع ، تضحكون انطلق فأنا شريكك في هذه العقوبة فأتاه ، فقال هذا أبو سعيد .
وفي لفظ عند
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير nindex.php?page=hadith&LINKID=1009231أن أبا موسى استأذن على عمر ثلاثا إلى قوله : قال لتقيمن على هذا بينة ، أو لأفعلن فخرج فانطلق إلى مجلس من الأنصار ، [ ص: 495 ] فقالوا : لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا ، فقام أبو سعيد ، فقال : كنا نؤمر بهذا ، فقال عمر : خفي علي هذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألهاني عنه الصفق في الأسواق ، وفي لفظ عند
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009232لتأتيني على هذا وإلا فعلت وفعلت ، فذهب أبو موسى قال عمر : إن وجد بينة تجدوه عند المنبر عشية ، وإن لم يجد بينة فلم تجدوه ، فلما أن جاء العشي وجدوه ، قال يا أبا موسى : ما تقول أقد وجدت ؟ قال : نعم nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال عدل ، يا أبا الطفيل ما يقول هذا ؟ قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك يا ابن الخطاب فلا تكونن عذابا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال سبحان الله : إنما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت ، وفي لفظ
لمسلم : أن
عمر قال
لأبي : يا
أبا المنذر آنت سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : نعم ، فلا تكن يا
ابن الخطاب عذابا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس في هذه الرواية قول
عمر : سبحان الله ، وما بعده .
فهذه الروايات الصحيحة عن
أبي سعيد وأبي موسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب - رضي الله عنهم - تدل دلالة صحيحة صريحة على أن الاستئذان ثلاث ، وقال
النووي في شرح
مسلم : وأما قوله لا يقوم معه إلا أصغر القوم ، فمعناه أن هذا حديث مشهور بيننا معروف لكبارنا ، وصغارنا ، حتى إن أصغرنا يحفظه وسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اهـ منه ، والظاهر منه كما قال ، وهذه الروايات الصحيحة الصريحة تبين أن هذا الاستئذان المعبر عنه في الآية بالاستئناس ، والسلام المذكور فيها لا يزاد فيه على ثلاث مرات ، وأن الاستئناس المذكور في الآية ، هو الاستئذان المكرر ثلاثا ; لأن خير ما يفسر به كتاب الله بعد كتاب الله سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه ، وبذلك تعلم أن ما قاله
ابن حجر في فتح الباري : من أن
nindex.php?page=treesubj&link=18194_18198المراد بالاستئناس في قوله تعالى : " nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27حتى تستأنسوا " : الاستئذان بتنحنح ، ونحوه عند الجمهور خلاف التحقيق ، وما استدل به لذلك من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري من طريق
مجاهد تفسير الآية بما ذكر إلى آخر ما ذكر من الأدلة لا يعول عليه ، وأن الحق هو ما جاءت به الروايات الصحيحة من الاستئذان والتسليم ثلاثا كما رأيت .
وأن الصواب في ذلك هو ما نقله
ابن حجر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري من طريق
قتادة قال : الاستئناس هو الاستئذان ثلاثا إلى آخره ، والرواية الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009233الاستئذان ثلاث يؤيدها أنه - صلى الله عليه وسلم - كذلك كان يفعل .
قال
ابن حجر في الفتح : وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16529عبيد بن حنين ، التي أشرت إليها في الأدب المفرد ، زيادة مفيدة ، وهي أن
أبا سعيد ، أو
أبا [ ص: 496 ] مسعود قال
لعمر :
خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، حتى أتاه فسلم ، فلم يؤذن له ، ثم سلم الثانية فلم يؤذن له ، ثم سلم الثالثة ، فلم يؤذن له ، فقال : " قضينا ما علينا " ، ثم رجع فأذن له سعد ، الحديث ، فثبت ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - ومن فعله ، وقصة
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة هذه أخرجها
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة مطولة بمعناه ،
وأحمد من طريق
ثابت ، عن
أنس أو غيره كذا فيه ، وأخرجه
البزار عن
أنس بغير تردد ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث
أم طارق مولاة سعد ، اهـ محل الغرض منه ، وقوله : فثبت ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - ومن فعله : يدل على أن قصة استئذانه - صلى الله عليه وسلم - على
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة صحيحة ثابتة ، وقال
ابن كثير في تفسير هذه الآية : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
عمر عن
ثابت ، عن
أنس أو غيره
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009235 " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استأذن على nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، فقال : " السلام عليك ورحمة الله " ، فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله ، ولم يسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سلم ثلاثا ورد عليه سعد ثلاثا ولم يسمعه فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه سعد ، فقال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي أنت وأمي ، ما سلمت تسيلمة إلا وهي بأذني ولقد رددت عليك ولم أسمعك ، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة ، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيبا فأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ قال " : أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون " وقد روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13760أبي عمرو الأوزاعي ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير يقول : حدثني
محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد - هو ابن عبادة - قال " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009236زارنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منزلنا فقال : " السلام عليكم ورحمة الله " فرد سعد ردا خفيا فقلت ألا تأذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : دعه يكثر علينا من السلام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " السلام عليكم ورحمة الله " ، فرد سعد ردا خفيا ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " السلام عليكم ورحمة الله " ، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتبعه سعد ، فقال : يا رسول الله إني كنت أسمع سلامك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام فانصرف معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ، وذكر
ابن كثير القصة إلى آخرها ، ثم قال : وقد روى هذا من وجوه أخرى ، فهو حديث جيد قوي والله أعلم .
وبما ذكرنا تعلم أن الاستئناس في الآية الاستئذان ثلاثا ، وليس المراد به التنحنح ونحوه ، كما عزاه في فتح الباري للجمهور ، واختلف
nindex.php?page=treesubj&link=18199هل يقدم السلام أو الاستئذان ؟ وقال
النووي في شرح
مسلم : أجمع العلماء على أن الاستئذان مشروع ، وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة وإجماع الأمة ،
nindex.php?page=treesubj&link=32655والسنة : أن
nindex.php?page=treesubj&link=18199_18200_18198يسلم ويستأذن ثلاثا فيجمع بين السلام [ ص: 497 ] والاستئذان ، كما صرح به في القرآن ، واختلفوا في أنه
nindex.php?page=treesubj&link=18199هل يستحب تقديم السلام ، ثم الاستئذان أو تقديم الاستئذان ثم السلام والصحيح الذي جاءت به السنة ، وقاله المحققون : أنه يقدم السلام ، فيقول : السلام عليكم أأدخل ؟ والثاني يقدم الاستئذان ، والثالث وهو اختيار
الماوردي من أصحابنا إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدم السلام ، وإلا قدم الاستئذان ، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان في تقديم السلام ، انتهى محل الغرض منه بلفظه . ولا يخفى أن ما صح فيه حديثان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدم على غيره ، فلا ينبغي العدول عن تقديم السلام على الاستئذان ، وتقديم الاستئناس الذي هو الاستئذان على السلام في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27حتى تستأنسوا وتسلموا [ 24 \ 27 ] لا يدل على تقديم الاستئذان ; لأن العطف بالواو لا يقتضي الترتيب ، وإنما يقتضي مطلق التشريك ، فيجوز عطف الأول على الأخير بالواو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=43يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين [ 3 \ 43 ] والركوع قبل السجود ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7ومنك ومن نوح الآية [ 33 \ 7 ] ونوح قبل نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهذا معروف ولا ينافي ما ذكرنا أن الواو ربما عطف بها مرادا بها الترتيب; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة الآية [ 2 \ 158 ] وقد قال - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007423 " : أبدأ بما بدأ الله به " وفي رواية
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008643 " ابدءوا بما بدأ الله به " بصيغة الأمر ، وكقول
حسان - رضي الله عنه - :
هجوت محمدا وأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
على رواية الواو في هذا البيت .
وإيضاح ذلك أن الواو عند التجرد من القرائن والأدلة الخارجية لا تقتضي إلا مطلق التشريك بين المعطوف ، والمعطوف عليه ، ولا ينافي ذلك أنه إن قام دليل على إرادة الترتيب في العطف ، كالحديث المذكور في البدء بالصفا ، أو دلت على ذلك قرينة كالبيت المذكور ; لأن جواب الهجاء لا يكون إلا بعده ، أنها تدل على الترتيب لقيام الدليل أو القرينة على ذلك ، والآية التي نحن بصددها لم يقم دليل راجح ، ولا قرينة على إرادة الترتيب فيها بالواو ، اهـ .
وذكر
ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنن وغيرها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكرر منه تعليم الاستئذان لمن لا يعلمه ، بأن يقول : السلام عليكم ، أأدخل ؟ فانظره ، وقد قدمنا أن
النووي ذكر أنه صح فيه حديثان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمختار أن
[ ص: 498 ] nindex.php?page=treesubj&link=18198صيغة الاستئذان التي لا ينبغي العدول عنها أن يقول المستأذن : السلام عليكم أأدخل ؟ فإن لم يؤذن له بعد الثالثة انصرف ، كما دلت عليه الأدلة .
واعلم أن الأحاديث الواردة في قصة
عمر مع
أبي موسى في الصحيح في سياقها تغاير ; لأن في بعضها : أن
عمر أرسل إلى
أبي موسى بعد انصرافه ، فرده من حينه ، وفي بعضها أنه لم يأته إلا في اليوم الثاني ، وجمع بينها
ابن حجر في الفتح قال : وظاهر هذين السياقين التغاير ، فإن الأول يقتضي أنه لم يرجع إلى
عمر إلا في اليوم الثاني ، وفي الثاني أنه أرسل إليه في الحال إلى أن قال ويجمع بينهما : بأن
عمر لما فرغ من الشغل الذي كان فيه تذكره فسأل عنه فأخبر برجوعه ، فأرسل إليه ، فلم يجده الرسول في ذلك الوقت ، وجاء هو إلى
عمر في اليوم الثاني ، اهـ . منه ، والعلم عند الله تعالى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18197الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ ، يَقُولُ الْمُسْتَأْذِنُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ عِنْدَ الثَّالِثَةِ ، فَلْيَرْجِعْ ، وَلَا يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُبُوتًا لَا مَطْعَنَ فِيهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17367يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15527بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009227كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ ، فَقَالَ : اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، فَرَجَعْتُ ، قَالَ : مَا مَنَعَكَ ؟ قُلْتُ : اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ ، وَقَالَ [ ص: 494 ] رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " : إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ " فَقَالَ : وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ ، فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ : أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17367يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ
بُسْرٍ ، سَمِعْتُ
أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا ، اهـ بِلَفْظِهِ مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ . وَهُوَ نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ ، فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ رَجَعَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَحِيحِهِ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16696عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، حَدَّثَنَا وَاللَّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=17367يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15527بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009228كُنْتُ جَالِسًا بِالْمَدِينَةِ فِي مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ ، فَأَتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعًا أَوْ مَذْعُورًا قُلْنَا : مَا شَأْنُكَ ؟ قَالَ : إِنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنْ آتِيَهُ فَأَتَيْتُ بَابَهُ ، فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَرَجَعْتُ فَقَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنَا ؟ فَقُلْتُ : إِنَّنِي أَتَيْتُكَ ، فَسَلَّمْتُ عَلَى بَابِكَ ثَلَاثًا ، فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ فَرَجَعْتُ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " : إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ " فَقَالَ عُمَرُ : أَقِمْ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ ، وَإِلَّا أَوْجَعْتُكَ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : لَا يَقُومُ مَعَهُ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : قُلْتُ : أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ ، قَالَ : فَاذْهَبْ بِهِ . حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ،
وَابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَا : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17367يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَزَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=14771ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ : فَقُمْتُ مَعَهُ فَذَهَبْتُ إِلَى
عُمَرَ فَشَهِدْتُ ، اهـ بِلَفْظِهِ مِنْ صَحِيحِ
مُسْلِمٍ . وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009229فَوَاللَّهِ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ أَوْ لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : فَوَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا ، قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ : قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ هَذَا .
وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009230إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَا ، وَإِلَّا فَلْأَجْعَلَنَّكَ عِظَةً ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَتَانَا فَقَالَ : أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ ، قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ ، قَالَ فَقُلْتُ : أَتَاكُمْ أَخُوكُمُ الْمُسْلِمُ قَدْ أُفْزِعَ ، تَضْحَكُونَ انْطَلِقْ فَأَنَا شَرِيكُكَ فِي هَذِهِ الْعُقُوبَةِ فَأَتَاهُ ، فَقَالَ هَذَا أَبُو سَعِيدٍ .
وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1009231أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا إِلَى قَوْلِهِ : قَالَ لَتُقِيمَنَّ عَلَى هَذَا بَيِّنَةً ، أَوْ لَأَفْعَلَنَّ فَخَرَجَ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، [ ص: 495 ] فَقَالُوا : لَا يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلَّا أَصْغَرُنَا ، فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ ، فَقَالَ : كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا ، فَقَالَ عُمَرُ : خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009232لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا وَإِلَّا فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ ، فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى قَالَ عُمَرُ : إِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَلَمْ تَجِدُوهُ ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْعَشِيُّ وَجَدُوهُ ، قَالَ يَا أَبَا مُوسَى : مَا تَقُولُ أَقَدْ وَجَدْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ عَدْلٌ ، يَا أَبَا الطُّفَيْلِ مَا يَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَلَا تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ : إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ ، وَفِي لَفْظٍ
لِمُسْلِمٍ : أَنَّ
عُمَرَ قَالَ
لِأُبَيٍّ : يَا
أَبَا الْمُنْذِرِ آنْتَ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَلَا تَكُنْ يَا
ابْنَ الْخَطَّابِ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَوْلُ
عُمَرَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَمَا بَعْدَهُ .
فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي مُوسَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَدُلُّ دَلَالَةً صَحِيحَةً صَرِيحَةً عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ ثَلَاثٌ ، وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ : وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَقُومُ مَعَهُ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بَيْنَنَا مَعْرُوفٌ لِكِبَارِنَا ، وَصِغَارِنَا ، حَتَّى إِنَّ أَصْغَرَنَا يَحْفَظُهُ وَسَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ مِنْهُ ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ كَمَا قَالَ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِئْذَانَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْآيَةِ بِالِاسْتِئْنَاسِ ، وَالسَّلَامَ الْمَذْكُورَ فِيهَا لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ ، وَأَنَّ الِاسْتِئْنَاسَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ ، هُوَ الِاسْتِئْذَانُ الْمُكَرَّرُ ثَلَاثًا ; لِأَنَّ خَيْرَ مَا يُفَسَّرُ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّابِتَةُ عَنْهُ ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي : مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18194_18198الْمُرَادَ بِالِاسْتِئْنَاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا " : الِاسْتِئْذَانُ بِتَنَحْنُحٍ ، وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافَ التَّحْقِيقِ ، وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ
مُجَاهِدٍ تَفْسِيرُ الْآيَةِ بِمَا ذُكِرَ إِلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ الْحَقَّ هُوَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ وَالتَّسْلِيمِ ثَلَاثًا كَمَا رَأَيْتَ .
وَأَنَّ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا نَقَلَهُ
ابْنُ حَجَرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ
قَتَادَةَ قَالَ : الِاسْتِئْنَاسُ هُوَ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثًا إِلَى آخِرِهِ ، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009233الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ يُؤَيِّدُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ .
قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ : وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16529عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ ، الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ ، زِيَادَةٌ مُفِيدَةٌ ، وَهِيَ أَنَّ
أَبَا سَعِيدٍ ، أَوْ
أَبَا [ ص: 496 ] مَسْعُودٍ قَالَ
لِعُمَرَ :
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُرِيدُ nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، حَتَّى أَتَاهُ فَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، ثُمَّ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، ثُمَّ سَلَّمَ الثَّالِثَةَ ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، فَقَالَ : " قَضَيْنَا مَا عَلَيْنَا " ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَذِنَ لَهُ سَعْدٌ ، الْحَدِيثَ ، فَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ فِعْلِهِ ، وَقِصَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ هَذِهِ أَخْرَجَهَا
أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=7246قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مُطَوَّلَةً بِمَعْنَاهُ ،
وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ
ثَابِتٍ ، عَنْ
أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ كَذَا فِيهِ ، وَأَخْرَجَهُ
الْبَزَّارُ عَنْ
أَنَسٍ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ ، وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أُمِّ طَارِقٍ مَوْلَاةِ سَعْدٍ ، اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ ، وَقَوْلُهُ : فَثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ فِعْلِهِ : يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ اسْتِئْذَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ ، وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا
عُمَرُ عَنْ
ثَابِتٍ ، عَنْ
أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009235 " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ : " السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " ، فَقَالَ سَعْدٌ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَلَمْ يَسْمَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَلَّمَ ثَلَاثًا وَرَدَّ عَلَيْهِ سَعْدٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ فَرَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، مَا سَلَّمْتَ تَسْيلِمَةً إِلَّا وَهِيَ بِأُذُنِي وَلَقَدْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ وَلَمْ أُسْمِعْكَ ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ سَلَامِكَ وَمِنَ الْبَرَكَةِ ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْبَيْتَ فَقَرَّبَ إِلَيْهِ زَبِيبًا فَأَكَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ " : أَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ " وَقَدْ رَوَى
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760أَبِي عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ : حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7246قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ - هُوَ ابْنُ عُبَادَةَ - قَالَ " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009236زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنْزِلِنَا فَقَالَ : " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا فَقَلْتُ أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : دَعْهُ يُكْثِرْ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " ، فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ سَلَامَكَ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ، وَذَكَرَ
ابْنُ كَثِيرٍ الْقِصَّةَ إِلَى آخِرِهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ رَوَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى ، فَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِئْنَاسَ فِي الْآيَةِ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثًا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّنَحْنُحَ وَنَحْوُهُ ، كَمَا عَزَاهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي لِلْجُمْهُورِ ، وَاخْتُلِفَ
nindex.php?page=treesubj&link=18199هَلْ يُقَدَّمُ السَّلَامُ أَوِ الِاسْتِئْذَانُ ؟ وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ مَشْرُوعٌ ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32655وَالسُّنَّةُ : أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18199_18200_18198يُسَلِّمَ وَيَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا فَيَجْمَعُ بَيْنَ السَّلَامِ [ ص: 497 ] وَالِاسْتِئْذَانِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18199هَلْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ السَّلَامِ ، ثُمَّ الِاسْتِئْذَانُ أَوْ تَقْدِيمُ الِاسْتِئْذَانِ ثُمَّ السَّلَامُ وَالصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ ، وَقَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ : أَنَّهُ يُقَدِّمُ السَّلَامَ ، فَيَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الِاسْتِئْذَانَ ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُ
الْمَاوَرْدِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنْ وَقَعَتْ عَيْنُ الْمُسْتَأْذِنِ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ قَبْلَ دُخُولِهِ قَدَّمَ السَّلَامَ ، وَإِلَّا قَدَّمَ الِاسْتِئْذَانَ ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثَانِ فِي تَقْدِيمِ السَّلَامِ ، انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ . وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ ، فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ تَقْدِيمِ السَّلَامِ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ ، وَتَقْدِيمِ الِاسْتِئْنَاسِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى السَّلَامِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا [ 24 \ 27 ] لَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الِاسْتِئْذَانِ ; لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ لَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي مُطْلَقَ التَّشْرِيكِ ، فَيَجُوزُ عَطْفُ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخِيرِ بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=43يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [ 3 \ 43 ] وَالرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ الْآيَةَ [ 33 \ 7 ] وَنُوحٌ قَبْلَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مَعْرُوفٌ وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاوَ رُبَّمَا عُطِفَ بِهَا مُرَادًا بِهَا التَّرْتِيبُ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ الْآيَةَ [ 2 \ 158 ] وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007423 " : أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ " وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008643 " ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ " بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ، وَكَقَوْلِ
حَسَّانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا وَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ فِي هَذَا الْبَيْتِ .
وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاوَ عِنْدَ التَّجَرُّدِ مِنَ الْقَرَائِنِ وَالْأَدِلَّةِ الْخَارِجِيَّةِ لَا تَقْتَضِي إِلَّا مُطْلَقَ التَّشْرِيكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ ، وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ التَّرْتِيبِ فِي الْعَطْفِ ، كَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَدْءِ بِالصَّفَا ، أَوْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ كَالْبَيْتِ الْمَذْكُورِ ; لِأَنَّ جَوَابَ الْهِجَاءِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَهُ ، أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ أَوِ الْقَرِينَةِ عَلَى ذَلِكَ ، وَالْآيَةُ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ رَاجِحٌ ، وَلَا قَرِينَةٌ عَلَى إِرَادَةِ التَّرْتِيبِ فِيهَا بِالْوَاوِ ، اهـ .
وَذَكَرَ
ابْنُ كَثِيرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَرَّرَ مِنْهُ تَعْلِيمُ الِاسْتِئْذَانِ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ ، بِأَنْ يَقُولَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ فَانْظُرْهُ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ
النَّوَوِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُخْتَارُ أَنَّ
[ ص: 498 ] nindex.php?page=treesubj&link=18198صِيغَةَ الِاسْتِئْذَانِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهَا أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْذِنُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ فَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ انْصَرَفَ ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي قِصَّةِ
عُمَرَ مَعَ
أَبِي مُوسَى فِي الصَّحِيحِ فِي سِيَاقِهَا تَغَايُرٌ ; لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا : أَنَّ
عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى
أَبِي مُوسَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ ، فَرَدَّهُ مِنْ حِينِهِ ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، وَجَمَعَ بَيْنَهَا
ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ قَالَ : وَظَاهِرُ هَذَيْنِ السِّيَاقَيْنِ التَّغَايُرُ ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى
عُمَرَ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ إِلَى أَنْ قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا : بِأَنَّ
عُمَرَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الشُّغْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ تَذَكَّرَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَأُخْبِرَ بِرُجُوعِهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَجِدْهُ الرَّسُولُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَجَاءَ هُوَ إِلَى
عُمَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، اهـ . مِنْهُ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .