قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28995_27141قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن أمر الله - جل وعلا - المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وحفظ الفرج ، ويدخل في حفظ الفرج : حفظه من الزنى ، واللواط ، والمساحقة ، وحفظه من الإبداء للناس والانكشاف لهم ، وقد دلت آيات أخر على أن حفظه من المباشرة المدلول عليه بهذه الآية يلزم عن كل شيء إلا الزوجة والسرية ، وذلك في قوله تعالى في سورة " المؤمنون " و " سأل سائل " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=29والذين هم لفروجهم حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين [ 23 \ 5 - 6 ] و [ 70 \ 29 - 30 ] .
فقد بينت هذه الآية أن
nindex.php?page=treesubj&link=18081_19456_19513حفظ الفرج من الزنى ، واللواط لازم ، وأنه لا يلزم حفظه عن الزوجة والموطوءة بالملك .
وقد بينا في سورة " البقرة " أن الرجل يجب عليه حفظ فرجه عن
nindex.php?page=treesubj&link=30316_10451وطء زوجته في الدبر ، وذكرنا لذلك أدلة كثيرة ، وقد أوضحنا الكلام على آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم [ 23 \ 5 ] ، في سورة " قد أفلح المؤمنون " ، وقد وعد الله تعالى من امتثل أمره في هذه الآية من الرجال والنساء بالمغفرة والأجر العظيم ، إذا عمل معها الخصال المذكورة معها في سورة " الأحزاب " ، وذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات إلى
[ ص: 507 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما [ 33 \ 35 ] ، وأوضح تأكيد حفظ الفرج عن الزنى في آيات أخر ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ 17 \ 32 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=69يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70إلا من تاب الآية [ 25 \ 68 - 70 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وأوضح لزوم
nindex.php?page=treesubj&link=10447حفظ الفرج عن اللواط ، وبين أنه عدوان في آيات متعددة في قصة
قوم لوط ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أتأتون الذكران من العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=166وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون [ 26 \ 165 - 166 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=28ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر [ 29 \ 28 - 29 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقد أوضحنا كلام أهل العلم وأدلتهم في عقوبة فاعل فاحشة اللواط في سورة " هود " ، وعقوبة الزاني في أول هذه السورة الكريمة .
واعلم أن الأمر بحفظ الفرج يتناول حفظه من انكشافه للناس ، وقال
ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنى ; كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم حافظون الآية [ 23 \ 5 ] ، وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما جاء في الحديث في مسند
أحمد والسنن
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009258 " : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " ، اهـ منه .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في الكشاف : من للتبعيض والمراد
nindex.php?page=treesubj&link=18081_27141غض البصر عما يحرم ، والاقتصار به على ما يحل ، وجوز
الأخفش أن تكون مزيدة ، وأباه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، فإن قلت : كيف دخلت في غض البصر دون حفظ الفرج ؟ قلت : دلالة على أن أمر النظر أوسع ، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن ، وصدورهن ، وثديهن ، وأعضادهن ، وأسوقهن ، وأقدامهن ، وكذلك الجواري المستعرضات ، والأجنبية ينظر إلى وجهها وكفيها وقدميها في إحدى الروايتين ، وأما أمر الفرج فمضيق ، وكفاك فرقا أن أبيح النظر إلا ما استثني منه ، وحظر الجماع إلا ما استثني منه ، ويجوز أن يراد مع حفظها من الإفضاء إلى ما لا يحل حفظها عن الإبداء .
[ ص: 508 ] وعن
ابن زيد : كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنى إلا هذا فإنه أراد به الاستتار ، اهـ كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري .
وما نقل عن
ابن زيد من أن المراد بحفظ الفرج في هذه الآية الاستتار فيه نظر ، بل يدخل فيه دخولا أوليا حفظه من الزنى واللواط ، ومن الأدلة على ذلك تقديمه الأمر بغض البصر على الأمر بحفظ الفرج ; لأن النظر بريد الزنى ، كما سيأتي إيضاحه قريبا إن شاء الله تعالى ، وما ذكر جواز النظر إليه من المحارم لا يخلو بعضه من نظر ، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى وتفصيله في سورة " الأحزاب " ، كما وعدنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ، أنا نوضح مسألة الحجاب في سورة " الأحزاب " .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إن من في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30يغضوا من أبصارهم للتبعيض ، قاله غيره ، وقواه
القرطبي بالأحاديث الواردة في أن
nindex.php?page=treesubj&link=19348نظرة الفجاءة لا حرج فيها ، وعليه أن يغض بصره بعدها ، ولا ينظر نظرا عمدا إلى ما لا يحل ، وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
الأخفش ، وذكره
القرطبي وغيرهما من أن من زائدة ، لا يعول عليه . وقال
القرطبي : وقيل الغض : النقصان ، يقال : غض فلان من فلان ، أي : وضع منه ، فالبصر إذا لم يمكن من عمله ، فهو موضوع منه ومنقوص ، فـ من صلة للغض ، وليست للتبعيض ، ولا للزيادة ، اهـ منه .
والأظهر عندنا أن مادة الغض تتعدى إلى المفعول بنفسها وتتعدى إليه أيضا بالحرف الذي هو من ومثل ذلك كثير في كلام العرب ، ومن أمثلة تعدي الغض للمعقول بنفسه قول
جرير :
فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وقول
عنترة :
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
وقول الآخر :
وما كان غض الطرف منا سجية ولكننا في مذحج غربان
لأن قوله : غض الطرف مصدر مضاف إلى مفعوله بدون حرف .
[ ص: 509 ] ومن أمثلة تعدي الغض بـ من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30يغضوا من أبصارهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31يغضضن من أبصارهن وما ذكره هنا من الأمر بغض البصر قد جاء في آية أخرى تهديد من لم يمتثله ، ولم يغض بصره عن الحرام ، وهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين [ 40 \ 19 ] .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15984سعيد بن أبي الحسن ،
للحسن : إن نساء العجم يكشفن صدرهن ورءوسهن ، قال : اصرف بصرك عنهن ، يقول الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم قال
قتادة : عما لا يحل لهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن خائنة الأعين النظر إلى ما نهي عنه ، اهـ محل الغرض منه بلفظه .
وبه تعلم أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين فيه الوعيد لمن
nindex.php?page=treesubj&link=18081_27141يخون بعينه بالنظر إلى ما لا يحل له ، وهذا الذي دلت عليه الآيتان من الزجر عن النظر إلى ما لا يحل جاء موضحا في أحاديث كثيرة .
منها : ما ثبت في الصحيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009259 " : إياكم والجلوس بالطرقات " ، قالوا : يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها ، قال " : فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه " ، قالوا : وما nindex.php?page=treesubj&link=18445_18446_18447_18448_18449حق الطريق يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال " : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر " ، انتهى ، هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " .
ومنها ما ثبت في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009260أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته ، وكان الفضل رجلا وضيئا فوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس يفتيهم ، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها ، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - والفضل ينظر إليها ، فأخلف بيده ، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها ، الحديث .
ومحل الشاهد منه : أنه - صلى الله عليه وسلم - صرف وجه
الفضل عن النظر إليها ، فدل ذلك على أن نظره إليها لا يجوز ، واستدلال من يرى أن للمرأة الكشف عن وجهها بحضرة الرجال الأجانب بكشف
الخثعمية وجهها في هذا الحديث ، سيأتي إن شاء الله الجواب عنه في
[ ص: 510 ] الكلام على مسألة الحجاب في سورة " الأحزاب " .
ومنها ما ثبت في الصحيحين وغيرهما : من أن
nindex.php?page=treesubj&link=27141نظر العين إلى ما لا يحل لها تكون به زانية ، فقد ثبت في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009261 " : إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة ، فزنى العين : النظر ، وزنى اللسان : المنطق ، والنفس تتمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه " ، اهـ ، هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، والحديث متفق عليه ، وفي بعض رواياته زيادة على ما ذكرنا هنا .
ومحل الشاهد منه قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009262 " : فزنى العين النظر " ، فإطلاق اسم الزنى على نظر العين إلى ما لا يحل دليل واضح على تحريمه والتحذير منه ، والأحاديث بمثل هذا كثيرة معلومة .
ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=27141النظر سبب الزنى فإن من أكثر من النظر إلى جمال امرأة مثلا قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكنا يكون سبب هلاكه ، والعياذ بالله ، فالنظر بريد الزنى ، وقال
مسلم بن الوليد الأنصاري :
كسبت لقلبي نظرة لتسره عيني فكانت شقوة ووبالا
ما مر بي شيء أشد من الهوى سبحان من خلق الهوى وتعالى
وقال آخر :
ألم تر أن العين للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب آلف
وقال آخر :
وأنت إذا أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15155أبو الطيب المتنبي :
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي - رحمه الله - في كتابه " ذم الهوى " فصولا جيدة نافعة أوضح فيها الآفات التي يسببها النظر وحذر فيها منه ، وذكر كثيرا من أشعار الشعراء ، والحكم النثرية
[ ص: 511 ] في ذلك وكله معلوم ، والعلم عند الله تعالى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28995_27141قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ أَمَرَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَضِّ الْبَصَرِ ، وَحِفْظِ الْفَرْجِ ، وَيَدْخُلُ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ : حِفْظُهُ مِنَ الزِّنَى ، وَاللِّوَاطِ ، وَالْمُسَاحَقَةِ ، وَحِفْظُهُ مِنَ الْإِبْدَاءِ لِلنَّاسِ وَالِانْكِشَافِ لَهُمْ ، وَقَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ أُخَرُ عَلَى أَنَّ حِفْظَهُ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ يَلْزَمُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الزَّوْجَةَ وَالسُّرِّيَّةَ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْمُؤْمِنُونَ " وَ " سَأَلَ سَائِلٌ " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=29وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=30إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [ 23 \ 5 - 6 ] وَ [ 70 \ 29 - 30 ] .
فَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18081_19456_19513حِفْظَ الْفَرْجِ مِنَ الزِّنَى ، وَاللِّوَاطِ لَازِمٌ ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حِفْظُهُ عَنِ الزَّوْجَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِالْمِلْكِ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " أَنَّ الرَّجُلَ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ فَرْجِهِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30316_10451وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الدُّبُرِ ، وَذَكَرْنَا لِذَلِكَ أَدِلَّةً كَثِيرَةً ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْكَلَامَ عَلَى آيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ [ 23 \ 5 ] ، فِي سُورَةِ " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ " ، وَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى مَنِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ ، إِذَا عَمِلَ مَعَهَا الْخِصَالَ الْمَذْكُورَةَ مَعَهَا فِي سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ إِلَى
[ ص: 507 ] قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [ 33 \ 35 ] ، وَأَوْضَحَ تَأْكِيدَ حِفْظِ الْفَرْجِ عَنِ الزِّنَى فِي آيَاتٍ أُخَرَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [ 17 \ 32 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=69يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70إِلَّا مَنْ تَابَ الْآيَةَ [ 25 \ 68 - 70 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ، وَأَوْضَحَ لُزُومَ
nindex.php?page=treesubj&link=10447حِفْظِ الْفَرْجِ عَنِ اللِّوَاطِ ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ عُدْوَانٌ فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي قِصَّةِ
قَوْمِ لُوطٍ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=165أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=166وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [ 26 \ 165 - 166 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=28وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=29أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ [ 29 \ 28 - 29 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَقَدْ أَوْضَحْنَا كَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَدِلَّتَهُمْ فِي عُقُوبَةِ فَاعِلِ فَاحِشَةِ اللِّوَاطِ فِي سُورَةِ " هُودٍ " ، وَعُقُوبَةَ الزَّانِي فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِحِفْظِ الْفَرْجِ يَتَنَاوَلُ حِفْظَهُ مِنَ انْكِشَافِهِ لِلنَّاسِ ، وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : وَحِفْظُ الْفَرْجِ تَارَةً يَكُونُ بِمَنْعِهِ مِنَ الزِّنَى ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ الْآيَةَ [ 23 \ 5 ] ، وَتَارَةً يَكُونُ بِحِفْظِهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي مُسْنَدِ
أَحْمَدَ وَالسُّنَنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009258 " : احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ " ، اهـ مِنْهُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ : مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَالْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=18081_27141غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا يَحْرُمُ ، وَالِاقْتِصَارُ بِهِ عَلَى مَا يَحِلُّ ، وَجَوَّزَ
الْأَخْفَشُ أَنْ تَكُونَ مَزِيدَةً ، وَأَبَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ دَخَلَتْ فِي غَضِّ الْبَصَرِ دُونَ حِفْظِ الْفَرْجِ ؟ قُلْتُ : دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّظَرِ أَوْسَعُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَحَارِمَ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى شُعُورِهِنَّ ، وَصُدُورِهِنَّ ، وَثُدِيِّهِنَّ ، وَأَعْضَادِهِنَّ ، وَأَسْوُقِهِنَّ ، وَأَقْدَامِهِنَّ ، وَكَذَلِكَ الْجَوَارِي الْمُسْتَعْرَضَاتُ ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ يُنْظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَأَمَّا أَمْرُ الْفَرْجِ فَمُضَيَّقٌ ، وَكَفَاكَ فَرْقًا أَنْ أُبِيحَ النَّظَرَ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ ، وَحُظِرَ الْجِمَاعُ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مَعَ حِفْظِهَا مِنَ الْإِفْضَاءِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ حِفْظُهَا عَنِ الْإِبْدَاءِ .
[ ص: 508 ] وَعَنِ
ابْنِ زَيْدٍ : كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ عَنِ الزِّنَى إِلَّا هَذَا فَإِنَّهُ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِتَارَ ، اهـ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ .
وَمَا نُقِلَ عَنِ
ابْنِ زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِحِفْظِ الْفَرْجِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الِاسْتِتَارُ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا حِفْظُهُ مِنَ الزِّنَى وَاللِّوَاطِ ، وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُهُ الْأَمْرَ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَلَى الْأَمْرِ بِحِفْظِ الْفَرْجِ ; لِأَنَّ النَّظَرَ بَرِيدُ الزِّنَى ، كَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمَا ذُكِرَ جَوَازُ النَّظَرِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَحَارِمِ لَا يَخْلُو بَعْضُهُ مِنْ نَظَرٍ ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَفْصِيلُهُ فِي سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " ، كَمَا وَعَدْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ ، أَنَّا نُوَضِّحُ مَسْأَلَةَ الْحِجَابِ فِي سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " .
وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيَّ : إِنَّ مِنْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ لِلتَّبْعِيضِ ، قَالَهُ غَيْرُهُ ، وَقَوَّاهُ
الْقُرْطُبِيُّ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19348نَظْرَةَ الْفُجَاءَةِ لَا حَرَجَ فِيهَا ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ بَعْدَهَا ، وَلَا يَنْظُرَ نَظَرًا عَمْدًا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ ، وَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ
الْأَخْفَشِ ، وَذَكَرَهُ
الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ ، لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ . وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَقِيلَ الْغَضُّ : النُّقْصَانُ ، يُقَالُ : غَضَّ فَلَانٌ مِنْ فُلَانٍ ، أَيْ : وَضَعَ مِنْهُ ، فَالْبَصَرُ إِذَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ عَمَلِهِ ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ مِنْهُ وَمَنْقُوصٌ ، فَـ مِنْ صِلَةٌ لِلْغَضِّ ، وَلَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ ، وَلَا لِلزِّيَادَةِ ، اهـ مِنْهُ .
وَالْأَظْهَرُ عِنْدَنَا أَنَّ مَادَّةَ الْغَضِّ تَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ بِنَفَسِهَا وَتَتَعَدَّى إِلَيْهِ أَيْضًا بِالْحَرْفِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَمِنْ أُمْثِلَةِ تَعَدِّي الْغَضِّ لِلْمَعْقُولِ بِنَفْسِهِ قَوْلُ
جَرِيرٍ :
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ فَلَا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابًا
وَقَوْلُ
عَنْتَرَةَ :
وَأَغُضُّ طَرْفِي مَا بَدَتْ لِي جَارَتِي حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَمَا كَانَ غَضُّ الطَّرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً وَلَكِنَّنَا فِي مُذْحِجٍ غِرْبَانِ
لِأَنَّ قَوْلَهُ : غَضُّ الطَّرْفِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى مَفْعُولِهِ بِدُونِ حَرْفٍ .
[ ص: 509 ] وَمِنْ أَمْثِلَةِ تَعَدِّي الْغَضِّ بِـ مِنْ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنَ الْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ قَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى تَهْدِيدُ مَنْ لَمْ يَمْتَثِلْهُ ، وَلَمْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ [ 40 \ 19 ] .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15984سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ،
لِلْحَسَنِ : إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صَدْرَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ ، قَالَ : اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ ، يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ قَالَ
قَتَادَةُ : عَمًّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ النَّظَرُ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ ، اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ فِيهِ الْوَعِيدُ لِمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18081_27141يَخُونُ بِعَيْنِهِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، وَهَذَا الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَتَانِ مِنَ الزَّجْرِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ .
مِنْهَا : مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009259 " : إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا ، قَالَ " : فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ " ، قَالُوا : وَمَا nindex.php?page=treesubj&link=18445_18446_18447_18448_18449حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَ " : غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الْأَذَى ، وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ " ، انْتَهَى ، هَذَا لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ فِي " صَحِيحِهِ " .
وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009260أَرْدَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=69الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا فَوَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ ، فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا ، الْحَدِيثَ .
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَرَفَ وَجْهَ
الْفَضْلِ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَظَرَهُ إِلَيْهَا لَا يَجُوزُ ، وَاسْتِدْلَالُ مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْكَشْفَ عَنْ وَجْهِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ بِكَشْفِ
الْخَثْعَمِيَّةِ وَجْهَهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي
[ ص: 510 ] الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحِجَابِ فِي سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " .
وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27141نَظَرَ الْعَيْنِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهَا تَكُونُ بِهِ زَانِيَةً ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009261 " : إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، فَزِنَى الْعَيْنِ : النَّظَرُ ، وَزِنَى اللِّسَانِ : الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ " ، اهـ ، هَذَا لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هُنَا .
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009262 " : فَزِنَى الْعَيْنِ النَّظَرُ " ، فَإِطْلَاقُ اسْمِ الزِّنَى عَلَى نَظَرِ الْعَيْنِ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ ، وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27141النَّظَرَ سَبَبُ الزِّنَى فَإِنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى جَمَالِ امْرَأَةٍ مَثَلًا قَدْ يَتَمَكَّنُ بِسَبَبِهِ حُبُّهَا مِنْ قَلْبِهِ تَمَكُّنًا يَكُونُ سَبَبَ هَلَاكِهِ ، وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ، فَالنَّظَرُ بَرِيدُ الزِّنَى ، وَقَالَ
مُسْلِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْأَنْصَارِيُّ :
كَسَبَتْ لِقَلْبِي نَظْرَةً لِتَسُرَّهُ عَيْنِي فَكَانَتْ شِقْوَةً وَوَبَالًا
مَا مَرَّ بِي شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الْهَوَى سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْهَوَى وَتَعَالَى
وَقَالَ آخَرُ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعَيْنَ لِلْقَلْبِ رَائِدٌ فَمَا تَأْلَفُ الْعَيْنَانِ فَالْقَلْبُ آلِفُ
وَقَالَ آخَرُ :
وَأَنْتَ إِذَا أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمُنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15155أَبُو الطَّيِّبِ الْمُتَنَبِّي :
وَأَنَا الَّذِي اجْتَلَبَ الْمَنِيَّةَ طَرْفُهُ فَمَنِ الْمُطَالِبُ وَالْقَتِيلُ الْقَاتِلُ
وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ " ذَمِّ الْهَوَى " فُصُولًا جَيِّدَةً نَافِعَةً أَوْضَحَ فِيهَا الْآفَاتِ الَّتِي يُسَبِّبُهَا النَّظَرُ وَحَذَّرَ فِيهَا مِنْهُ ، وَذَكَرَ كَثِيرًا مِنْ أَشْعَارِ الشُّعَرَاءِ ، وَالْحِكَمِ النَّثْرِيَّةِ
[ ص: 511 ] فِي ذَلِكَ وَكُلُّهُ مَعْلُومٌ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .