[ ص: 30 ] قوله - تعالى - : فإن استكبروا ، أي فإن تكبر الكفار عن توحيد الله والسجود له وحده ، وإخلاص العبادة له ( فالذين عند ربك ) وهم الملائكة ( يسبحون له بالليل ) أي يعبدونه وينزهونه دائما ليلا ونهارا ( وهم لا يسأمون ) أي لا يملون من عبادة ربهم ; لاستلذاذهم لها وحلاوتها عندهم ، مع خوفهم منه - جل وعلا - كما قال - تعالى - : ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته [ 13 \ 13 ] .
وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة " فصلت " على أمرين :
أحدهما : أن الله - جل وعلا - إن كفر به بعض خلقه ، فإن بعضا آخر من خلقه يؤمنون به ويطيعونه كما ينبغي ، ويلازمون طاعته دائما بالليل والنهار .
والثاني منهما : أن . الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائما لا يفترون عن ذلك
وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة - قد جاء كل منهما موضحا في غير هذا الموضع .
أما الأول منهما : فقد ذكره - جل وعلا - في قوله : فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [ 6 \ 89 ] .
وأما الثاني منهما : فقد أوضحه - تعالى - في آيات من كتابه ، كقوله - تعالى - في " الأنبياء " : وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون [ 21 \ 19 - 20 ] وقوله - تعالى - في آخر " الأعراف " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون [ 7 \ 206 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة : وهم لا يسأمون أي لا يملون ، والسآمة : الملل ، ومنه قول زهير :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم