قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية أمر الله في هذه الآية الكريمة بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين ، وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ; لأنه تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله [ 4 \ 80 ] ، وأوضح هذا المأمور به هنا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [ 42 \ 10 ] ، ويفهم من هذه الآية الكريمة أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=28328_26502_28803التحاكم إلى غير كتاب الله ، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وقد أوضح تعالى هذا المفهوم موبخا للمتحاكمين إلى غير كتاب الله ، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - مبينا أن الشيطان أضلهم ضلالا بعيدا عن الحق بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [ 4 \ 60 ] ، وأشار إلى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28667_28665لا يؤمن أحد حتى يكفر بالطاغوت بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى [ 2 \ 256 ] .
[ ص: 245 ] ومفهوم الشرط أن من لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهو كذلك ، ومن لم يستمسك بالعروة الوثقى فهو بمعزل عن الإيمان ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28647_28663الإيمان بالله هو العروة الوثقى ، والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله ; لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه ، كما هو صريح قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256فمن يكفر بالطاغوت الآية [ 2 \ 256 ] .
تنبيه
استدل منكرو القياس بهذه الآية الكريمة ، أعني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية ، على بطلان القياس قالوا : لأنه تعالى أوجب الرد إلى خصوص الكتاب والسنة دون القياس ، وأجاب الجمهور بأنه لا دليل لهم في الآية ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=22022إلحاق غير المنصوص بالمنصوص لوجود معنى النص فيه لا يخرج عن الرد إلى الكتاب والسنة ، بل قال بعضهم : الآية متضمنة لجميع الأدلة الشرعية ، فالمراد بإطاعة الله العمل بالكتاب ، وبإطاعة الرسول العمل بالسنة ، وبالرد إليهما القياس ; لأن رد المختلف فيه غير المعلوم من النص إلى المنصوص عليه ، إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه ، وليس القياس شيئا وراء ذلك .
وقد علم من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم أنه عند عدم النزاع يعمل بالمتفق عليه ، وهو الإجماع قاله الألوسي في " تفسيره " .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ الْآيَةَ أَمَرَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ ، وَفُرُوعِهِ أَنْ يُرَدَّ التَّنَازُعُ فِي ذَلِكَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [ 4 \ 80 ] ، وَأَوْضَحَ هَذَا الْمَأْمُورَ بِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [ 42 \ 10 ] ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=28328_26502_28803التَّحَاكُمُ إِلَى غَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى هَذَا الْمَفْهُومَ مُوَبِّخًا لِلْمُتَحَاكِمِينَ إِلَى غَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَيِّنًا أَنَّ الشَّيْطَانَ أَضَلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا عَنِ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=60أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا [ 4 \ 60 ] ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28667_28665لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يَكْفُرَ بِالطَّاغُوتِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [ 2 \ 256 ] .
[ ص: 245 ] وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى فَهُوَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْإِيمَانِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28647_28663الْإِيمَانَ بِاللَّهِ هُوَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى ، وَالْإِيمَانُ بِالطَّاغُوتِ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ; لِأَنَّ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ شَرْطٌ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ أَوْ رُكْنٌ مِنْهُ ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=256فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ الْآيَةَ [ 2 \ 256 ] .
تَنْبِيهٌ
اسْتَدَلَّ مُنَكِرُو الْقِيَاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ الْآيَةَ ، عَلَى بُطْلَانِ الْقِيَاسِ قَالُوا : لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الرَّدَّ إِلَى خُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دُونَ الْقِيَاسِ ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22022إِلْحَاقَ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ لِوُجُودِ مَعْنَى النَّصِّ فِيهِ لَا يَخْرَجُ عَنِ الرَّدِّ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ : الْآيَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِجَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَالْمُرَادُ بِإِطَاعَةِ اللَّهِ الْعَمَلُ بِالْكِتَابِ ، وَبِإِطَاعَةِ الرَّسُولِ الْعَمَلُ بِالسُّنَّةِ ، وَبِالرَّدِّ إِلَيْهِمَا الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ رَدَّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ غَيْرِ الْمَعْلُومِ مِنَ النَّصِّ إِلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ ، إِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّمْثِيلِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ الْقِيَاسُ شَيْئًا وَرَاءَ ذَلِكَ .
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّزَاعِ يُعْمَلُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ قَالَهُ الْأَلُوسِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " .