قوله تعالى : فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم .
التحقيق إن شاء الله تعالى في معنى هذه الآية الكريمة ، أن الكفار يوم القيامة ، إذا جاءتهم الساعة ، يتذكرون ويؤمنون بالله ورسله ، وأن الإيمان في ذلك الوقت لا ينفعهم لفوات وقته ، فقوله : ذكراهم مبتدأ خبره فأنى لهم أي كيف تنفعهم ذكراهم وإيمانهم بالله ، وقد فات الوقت الذي يقبل فيه الإيمان .
والضمير المرفوع في جاءتهم عائد إلى الساعة التي هي القيامة .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من أن - جاء موضحا في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : الكفار يوم القيامة يؤمنون ، ولا ينفعهم إيمانهم وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد [ 34 \ 52 ] ، وقوله تعالى : وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [ 86 \ 23 ] .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى : هل ينظرون إلا تأويله إلى قوله : أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل [ 7 \ 53 ] .
فظهر أن قوله : فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم على حذف مضاف ، أي أنى لهم نفع ذكراهم .
والذكرى اسم مصدر بمعنى الاتعاظ الحامل على الإيمان .