قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29030وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .
قال الشيخ - رحمه الله تعالى - في المقدمة : إن السنة كلها مندرجة تحت هذه الآية الكريمة ، أي : أنها ملزمة للمسلمين العمل بالسنة النبوية ، فيكون الأخذ بالسنة أخذا بكتاب الله ، ومصداق ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى [ 53 \ 3 - 4 ] .
وقد قال
السيوطي :
nindex.php?page=treesubj&link=28857_27862الوحي وحيان :
وحي أمرنا بكتابته ، وتعبدنا بتلاوته ، وهو القرآن الكريم .
ووحي لم نؤمر بكتابته ، ولم نتعبد بتلاوته وهو السنة .
وقد عمل بذلك سلف الأمة وخلفها ، كما جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال في مجلسه
بالمسجد النبوي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009488لعن الله في كتابه الواصلة والمستوصلة ، والواشمة والمستوشمة ، فقالت امرأة قائمة عنده ، وفي كتاب الله ؟ قال : نعم ، قالت : لقد قرأته من دفته إلى دفته ، فلم أجد هذا الذي قلت ، فقال لها : لو كنت قرأتيه لوجدتيه ، أو لم تقرئي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009489لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة ، ومن لعنها رسول الله فقد لعنها الله ، فقالت له : لعل بعض أهلك يفعله ؟ فقال لها : ادخلي وانظري فدخلت بيته ، ثم خرجت ولم تقل شيئا ، فقال لها : ما رأيت ؟ قالت : خيرا ، وانصرفت .
وجاء
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقام في
أهل مكة ، فقال : سلوني يا
أهل مكة عما شئتم أجبكم عنه من كتاب الله ، فسأله رجل عن المحرم يقتل الزنبور ماذا عليه في كتاب الله ؟ فقال : يقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، وقال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009414 " عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين " الحديث ، وحدثني فلان عن فلان ، وساق بسنده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، سئل : المحرم يقتل الزنبور ماذا عليه ؟ فقال : لا شيء عليه .
فقد اعتبر
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب السنة من كتاب الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي اعتبر سنة الخلفاء الراشدين من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من القرآن ، واعتبر كل منهما جوابه من كتاب الله بناء على هذه الآية الكريمة .
[ ص: 38 ] وهذا ما عليه الأصوليون يخصصون بها عموم الكتاب ، ويقيدون مطلقه .
فمن الأول : قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007610 " أحلت لنا ميتتان ودمان ، أما الميتتان : فالجراد والحوت ، وأما الدمان : فالكبد والطحال " فخص بهذا الحديث عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة والدم [ 5 \ 3 ] ، وكذلك في النكاح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008957 " لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا المرأة على خالتها " ، وخص بها عموم :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم [ 4 \ 24 ] ، ونحوه كثير .
ومن الثاني : قطعه - صلى الله عليه وسلم - يد السارق من الكوع تقييدا لمطلق :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38فاقطعوا أيديهما [ 5 \ 38 ] ، وكذلك مسح الكفين في التيمم تقييدا أو بيانا لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه [ 5 \ 6 ] ، ونحو ذلك كثير ، وكذلك بيان المجمل كبيان مجمل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة [ 2 \ 43 ] ، فلم يبين عدد الركعات لكل وقت ، ولا كيفية الأداء فصلى - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وهم ينظرون ، ثم قال لهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007269 " صلوا كما رأيتموني أصلي " وحج وقال لهم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008444 " خذوا عني مناسككم " .
وقد أجمعوا على أن السنة أقوال ، وأفعال ، وتقرير ، وقد ألزم العمل بالأفعال قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ 33 \ 21 ] ، والتأسي يشمل القول والفعل ، ولكنه في الفعل أقوى ، والتقرير مندرج في الفعل ؛ لأنه ترك الإنكار على أمر ما ، والترك فعل عند الأصوليين ، كما قال صاحب مراقي السعود :
والترك فعل في صحيح المذهب
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29030وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُقَدِّمَةِ : إِنَّ السُّنَةَ كُلَّهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، أَيْ : أَنَّهَا مُلْزِمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ الْعَمَلَ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ، فَيَكُونُ الْأَخْذُ بِالسُّنَّةِ أَخْذًا بِكِتَابِ اللَّهِ ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [ 53 \ 3 - 4 ] .
وَقَدْ قَالَ
السُّيُوطِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=28857_27862الْوَحْيُ وَحْيَانِ :
وَحْيٌ أُمِرْنَا بِكِتَابَتِهِ ، وَتَعَبَّدْنَا بِتِلَاوَتِهِ ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ .
وَوَحْيٌ لَمْ نُؤْمَرْ بِكِتَابَتِهِ ، وَلَمْ نَتَعَبَّدْ بِتِلَاوَتِهِ وَهُوَ السُّنَّةُ .
وَقَدْ عَمِلَ بِذَلِكَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَخَلَفُهَا ، كَمَا جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ
بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009488لَعَنَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ قَائِمَةٌ عِنْدَهُ ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَتْ : لَقَدْ قَرَأْتُهُ مِنْ دَفَّتِهِ إِلَى دَفَّتِهِ ، فَلَمْ أَجِدْ هَذَا الَّذِي قُلْتَ ، فَقَالَ لَهَا : لَوْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَوَجَدْتِيهِ ، أَوْ لَمْ تَقْرَئِي قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009489لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَمَنْ لَعَنَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَدْ لَعَنَهَا اللَّهُ ، فَقَالَتْ لَهُ : لَعَلَّ بَعْضَ أَهْلِكِ يَفْعَلُهُ ؟ فَقَالَ لَهَا : ادْخُلِي وَانْظُرِي فَدَخَلَتْ بَيْتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَتْ وَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا : مَا رَأَيْتِ ؟ قَالَتْ : خَيْرًا ، وَانْصَرَفَتْ .
وَجَاءَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَقَامَ فِي
أَهْلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ : سَلُونِي يَا
أَهْلَ مَكَّةَ عَمَّا شِئْتُمْ أُجِبْكُمْ عَنْهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ مَاذَا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009414 " عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ " الْحَدِيثَ ، وَحَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ ، وَسَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، سُئِلَ : الْمُحْرِمُ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ مَاذَا عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
فَقَدِ اعْتَبَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ السُّنَّةَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ اعْتَبَرَ سُنَّةَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْقُرْآنِ ، وَاعْتَبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَابَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
[ ص: 38 ] وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ يُخَصِّصُونَ بِهَا عُمُومَ الْكِتَابِ ، وَيُقَيِّدُونَ مُطْلَقَهُ .
فَمِنَ الْأَوَّلِ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007610 " أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ ، أَمَّا الْمَيْتَتَانِ : فَالْجَرَادُ وَالْحُوتُ ، وَأَمَّا الدَّمَانِ : فَالْكَبِدُ وَالطُّحَالُ " فَخَصَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ [ 5 \ 3 ] ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008957 " لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا " ، وَخُصَّ بِهَا عُمُومُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [ 4 \ 24 ] ، وَنَحْوَهُ كَثِيرٌ .
وَمِنَ الثَّانِي : قَطْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ السَّارِقِ مِنَ الْكُوعِ تَقْيِيدًا لِمُطْلَقِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ 5 \ 38 ] ، وَكَذَلِكَ مَسْحُ الْكَفَّيْنِ فِي التَّيَمُّمِ تَقْيِيدًا أَوْ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [ 5 \ 6 ] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ كَثِيرٌ ، وَكَذَلِكَ بَيَانُ الْمُجْمَلِ كَبَيَانِ مُجْمَلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [ 2 \ 43 ] ، فَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لِكُلِّ وَقْتٍ ، وَلَا كَيْفِيَّةَ الْأَدَاءِ فَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007269 " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَحَجَّ وَقَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008444 " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " .
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السُّنَةَ أَقْوَالٌ ، وَأَفْعَالٌ ، وَتَقْرِيرٌ ، وَقَدْ أَلْزَمَ الْعَمَلَ بِالْأَفْعَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ 33 \ 21 ] ، وَالتَّأَسِّي يَشْمَلُ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ ، وَلَكِنَّهُ فِي الْفِعْلِ أَقْوَى ، وَالتَّقْرِيرُ مُنْدَرِجٌ فِي الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهُ تَرْكُ الْإِنْكَارِ عَلَى أَمْرٍ مَا ، وَالتَّرْكُ فِعْلٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ ، كَمَا قَالَ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ :
وَالتَّرْكُ فِعْلٌ فِي صَحِيحِ الْمَذْهَبِ