قوله تعالى : والله غفور رحيم عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير .
لم يبين هنا هل جعل المودة بالفعل بينهم ، وبين من عادوهم وأمروا بمقاطعتهم وعدم موالاتهم من ذوي أرحامهم أم لا ؟ ولكن عسى من الله للتأكيد ، والتذييل بقوله تعالى : [ ص: 90 ] والله قدير يشعر بأنه فاعل ذلك لهم ، وقد جاء ما يدل على أنه فعله فعلا في سورة " النصر " حين دخل الناس في دين الله أفواجا ، وقد فتح الله عليهم مكة وكانوا طلقاء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك موقف أبي سفيان وغيره ، وعام الوفود إلى المدينة بعد الفتح ، وفي التذييل بأن الله قدير ، يشعر بأن تأليف القلوب ومودتها إنما هو من قدرة الله تعالى وحده ، كما بينه قوله تعالى : لو أنفقت ما في الأرض جميعا الآية [ 8 \ 63 ] .
ولأن المودة المتوقعة بسبب هداية الكفار ، والهداية منحة من الله : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، والعلم عند الله تعالى .