قوله تعالى : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا
فيه نص على أن ، وقد صرح تعالى في قوله : الجن لا تعلم الغيب فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين [ 34 \ 14 ] .
وقد يبدو من هذه الآية إشكال ، حيث قالوا أولا : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به [ 72 \ 1 - 2 ] ثم يقولون وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [ 72 \ 10 ] والواقع أنهم تساءلوا لما لمسوا السماء فمنعوا منها لشدة حراستها ، وأقروا أخيرا لما سمعوا القرآن وعلموا السبب في تشديد حراسة السماء ; لأنهم لما منعوا ما كان يخطر ببالهم أنه من أجل الوحي ; لقوله وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا [ 72 \ 7 ] .
وقوله تعالى : وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا [ 72 \ 8 ] يدل بفحواه أنهم منعوا من السمع ، كما قالوا : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [ 72 \ 9 ] [ ص: 319 ] ولكن قد يظن ظان أنهم يحاولون السماع ولو مع الحراسة الشديدة ، ولكن الله تعالى صرح بأنهم لم ولن يستمعوا بعد ذلك ، كما قال تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] .