قوله تعالى : وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب
فقيل : ما يثقب الشياطين عند استراق السمع ، كما تقدم في قوله تعالى : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [ 72 \ 9 ] فيكون عاما في كل نجم .
وقيل : خاص ، فقيل : زحل ، وقيل : المريخ ، وقيل : الثريا ; لأنه إذا أطلق النجم عند العرب كان مرادا به الثريا .
وتقدم هذا للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في أول سورة " النجم " .
[ ص: 491 ] وقيل : " الثاقب " : المضيء ، يثقب الظلام بضوئه ، وعليه فهو للجنس عامة ; لأن النجوم كلها مضيئة .
قال القرطبي ، وقال سفيان : كل ما في القرآن ، " وما أدراك " فقد أخبره به ، وكل شيء قال فيه : " وما يدريك " ، لم يخبره به .
والواقع أنه الغالب ، فقد جاءت : " وما أدراك " ثلاث عشرة مرة ، كلها أخبره بها إلا واحدة ، وهي في الحاقة : وما أدراك ما الحاقة [ 69 \ 3 ] ، وما عداها ، فقد أخبره بها ، وهي : وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر [ 74 \ 27 - 28 ] .
وفي " المرسلات " : وما أدراك ما يوم الفصل [ 77 \ 14 ] .
وفي " الانفطار " : وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا [ 82 \ 17 - 19 ] .
وفي " المطففين " : وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم [ 83 \ 8 - 9 ] .
وفي " البلد " : وما أدراك ما العقبة فك رقبة [ 90 \ 12 - 13 ] .
وفي " القدر " : وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر [ 97 \ 2 - 3 ] .
وفي " القارعة " : وما أدراك ما القارعة [ 101 \ 3 ] .
وأيضا : فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية [ 101 \ 9 - 11 ] ، وفي هذه السورة : وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ، فكلها أخبره عنها إلا في " الحاقة " .
تنبيه .
يلاحظ أنها كلها في قصار السور من " الحاقة " وما بعدها ، أما " ما يدريك " ، فقد جاءت ثلاث مرات فقط : وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا [ 33 \ 63 ] ، في " الأحزاب " : وما يدريك لعل الساعة قريب [ 42 \ 17 ] ، في " الشورى " ، وما يدريك لعله يزكى [ 80 \ 3 ] في " عبس وتولى " ، فلم يخبره فيها صراحة ، إلا أنه في [ ص: 492 ] الثالثة قد يكون أخبره ; لأنه قال : لعله يزكى ، فهو وإن لم يصرح : هل هو تزكى أم لا ؟ إلا أن لعل من الله تعالى للتحقيق ، كما هو معلوم .
تنبيه آخر .
قال كثير من المفسرين : أقسم الله بالسماء ، وبالنجم الطارق ; لعظم أمرهما ، وكبر خلقهما ، كما في قوله : فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم [ 56 \ 75 - 76 ] ; ولأنه أقسم بالنجم إذا هوى . وفيما تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - ترجيح كون مواقع النجوم : والنجم إذا هوى [ 53 \ 1 ] : إنما هو نجوم القرآن ، وتنزيله منجما وهو به نزول الملك به على النبي - صلى الله عليه وسلم - .