قوله تعالى : إنه لقول فصل : قال ابن كثير : قال : حق . وكذا قال ابن عباس قتادة ، وقال آخرون : حكم عدل . وقال القرطبي : إنه أي القرآن ، يفصل بين الحق والباطل .
وقيل : هو ما تقدم من الوعيد في هذه السورة : إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر [ 86 \ 8 - 9 ] .
وقال أبو حيان بما قال به القرطبي أولا ، ثم جوز أن يكون مرادا به الثاني ، أي : أن الإخبار عن رجع الإنسان يوم تبلى السرائر ، قول فصل ، وهذا ما يفيده كلام ، وعزاه ابن جرير النيسابوري إلى القفال .
وسياق السورة يشهد لهذا القول الثاني ; لأن السورة كلها في معرض إثبات القدرة على البعث ، وإعادة الإنسان بعد الفناء ، حيث تضمنت ثلاثة أدلة من أدلة البعث :
الأول : السماء ذات الطارق ; لعظم خلقتها ، وعظم دلالتها على القدرة .
[ ص: 496 ] الثاني : خلق الإنسان أولا من ماء دافق ، كما في قوله : قل يحييها الذي أنشأها أول مرة [ 36 \ 79 ] .
الثالث : مجموع قوله : والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع ، أي : إنزال المطر ، وإنبات النبات وهو إحياء الأرض بعد موتها . فناسب أن يكون الإقسام على تحقق البعث .
وأكد هذا ما جاء بعده من الوعيد بالإمهال رويدا ، وقد سمي يوم القيامة بيوم الفصل ، كما في قوله : لأي يوم أجلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين [ 77 \ 12 - 15 ] .
وذكر الويل في هذه الآية للمكذبين ، يعادل الإمهال في هذه السورة للكافرين ، وإذا ربطنا بين القسم والمقسم عليه ، لكان أظهر وأوضح ; لأن رجع الماء بعد فنائه بتلقيح السحاب من جديد ، يعادل رجع الإنسان بعد فنائه في الأرض ، وتشقق الأرض عن النبات يناسب تشققها يوم البعث عن الخلائق . والله تعالى أعلم .