الخير عام ، كما تقدم في قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره .
ولكنه هنا خاص بالمال ، فهو من العام الذي أريد به الخاص من قصر العام على [ ص: 67 ] بعض أفراده ; لأن المال فرد من أفراد الخير ، كقوله تعالى : إن ترك خيرا [ 2 \ 180 ] ، أي : مالا ; لأن عمل الخير يصحبه معه ولا يتركه .
وفي معنى هذا وجهان : الأول وإنه لحب الخير أي بسبب حبه الخير لشديد بخيل ، شديد البخل .
كما قيل :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
أي : شديد البخل على هذه الرواية من هذا البيت .
والوجه الثاني : وإنه لشديد حب المال . قالهما ابن كثير .
وقال : كلاهما صحيح ، والواقع أن الثاني يتضمن الأول .
ويشهد للوجه الثاني ، قوله تعالى : وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما .
وقلنا : إن الثاني يتضمن الأول ; لأن من أحب المال حبا جما سيحمله حبه على البخل .
وفي هذا النص مذمة حب المال وهو جبلة في الإنسان ، إلا من هذبه الإسلام ، إلا أن الذم ينصب على شدة الحب التي تحمل صاحبها على ضياع الحقوق أو تعدي الحدود .
وهذه الآية وما قبلها نازلة في الكفار كما قدمنا كلام الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه .