قوله تعالى : وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا .
هذا المانع المذكور هنا عادي ; لأنه جرت عادة جميع الأمم باستغرابهم بعث الله رسلا من البشر ; كقوله : قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا الآية [ 14 \ 10 ] ، وقوله : أنؤمن لبشرين مثلنا الآية [ 23 \ 47 ] ، وقوله : أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر [ 54 \ 24 ] ، وقوله : ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا الآية [ 64 \ 6 ] ، وقوله : ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون [ 23 \ 34 ] إلى غير ذلك من الآيات .
والدليل على أن المانع في هذه الآية عادي : أنه تعالى صرح بمانع آخر غير هذا " في سورة الكهف " وهو قوله : وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا [ 18 \ 55 ] ، فهذا المانع المذكور " في الكهف " مانع حقيقي ; لأن من أراد الله به سنة الأولين من الإهلاك ، أو أن يأتيه [ ص: 186 ] العذاب قبلا فإرادته به ذلك مانعة من خلاف المراد ; لاستحالة أن يقع خلاف مراده جل وعلا ، بخلاف المانع " في آية بني إسرائيل " هذه ، فهو مانع عادي يصح تخلفه ، وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " .