ثم بين تعالى أن هذا الإمداد أمر روحاني يؤثر في القلوب فيزيد في قوتها المعنوية فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=28979_30773وما جعله الله إلا بشرى أي: وما جعل عز شأنه هذا الإمداد إلا بشرى لكم بأنه ينصركم كما وعدكم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10ولتطمئن به قلوبكم أي: تسكن بعد ذلك الزلزال والخوف الذي عرض لكم في جملتكم من مجادلتكم للرسول في أمر القتال ما كان . فتلقون أعداءكم ثابتين موقنين بالنصر ، وسيأتي في مقابلة هذا إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وما النصر إلا من عند الله دون غيره من الملائكة أو غيرهم كالأسباب الحسية ، فهو عز وجل الفاعل للنصر كغيره مهما تكن أسبابه المادية أو المعنوية ، إذ هو المسخر لها ، وناهيك بما لا كسب للبشر فيه كتسخير الملائكة تخالط المؤمنين فتستفيد أرواحهم منها الثبات والاطمئنان
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10إن الله عزيز حكيم عزيز غالب على أمره ، حكيم لا يضع شيئا في غير موضعه .
وفي التفسير المأثور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه أنه فسر " مردفين " بالمدد ، وبقوله : " ملك وراء ملك " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال : كان ألفا مردفين وثلاثة آلاف منزلين ، فكانوا أربعة آلاف ، وهم مدد المسلمين في ثغورهم ، وعن
قتادة متتابعين أمدهم الله تعالى بألف ثم بثلاثة ثم أكملهم خمسة آلاف
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم قال : يعني نزول الملائكة عليهم السلام . ( قال ) : وذكر لنا أن
عمر رضي الله عنه قال : أما يوم
بدر فلا نشك أن الملائكة عليهم السلام كانوا معنا ، وأما بعد ذلك فالله أعلم . وعن
ابن زيد : " مردفين " قال : بعضهم على أثر بعض ، وعن
مجاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وما جعله الله إلا بشرى قال : إنما جعلهم الله يستبشر بهم . هذا جملة ما جمعه في الدر المنثور من المأثور في الآيتين . وظاهر نص القرآن أن إنزال الملائكة ، وإمداد المسلمين بهم فائدته معنوية كما تقدم ، وأنهم لم يكونوا محاربين . وهنالك روايات أخرى في أنهم قاتلوا ، وسيأتي بحثها . وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي وقتادة من العدد لا يقبل إلا بنص من الشارع قطعي الرواية والدلالة ; لأنه خبر عن الغيب .
وقد خلطت بعض الروايات بين الملائكة المردفين الذين أيد الله بهم المؤمنين في غزوة
بدر ، وبين الملائكة المنزلين والمسومين الذين ذكر خبرهم في سياق غزوة
أحد من سورة آل عمران ، وقد حققنا هذا المبحث في تفسير تلك الآيات فيها ، واعتمدنا في جله على تحقيق
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وذكرنا فيه ما جاء هنا ، وجملته أن الله تعالى أمد المؤمنين يوم بدر بألف من الملائكة فكان قوة معنوية لهم ، وأما يوم
أحد فقد حدثهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمداد ووعدهم به وعدا معلقا على الصبر والتقوى ، ولكن انتفى الشرط فانتفى المشروط . ويراجع تفصيل ذلك في [ ص90 - 97 ج 4 ط الهيئة ] . فإنه مفيد في تحقيق ما هنا ، ولذلك لم نطل الكلام فيه .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الْإِمْدَادَ أَمْرٌ رُوحَانِيٌّ يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ فَيَزِيدُ فِي قُوَّتِهَا الْمَعْنَوِيَّةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=28979_30773وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى أَيْ: وَمَا جَعَلَ عَزَّ شَأْنُهُ هَذَا الْإِمْدَادَ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ بِأَنَّهُ يَنْصُرُكُمْ كَمَا وَعَدَكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ أَيْ: تَسْكُنَ بَعْدَ ذَلِكَ الزِّلْزَالِ وَالْخَوْفِ الَّذِي عَرَضَ لَكُمْ فِي جُمْلَتِكُمْ مِنْ مُجَادَلَتِكُمْ لِلرَّسُولِ فِي أَمْرِ الْقِتَالِ مَا كَانَ . فَتَلْقَوْنَ أَعْدَاءَكُمْ ثَابِتِينَ مُوقِنِينَ بِالنَّصْرِ ، وَسَيَأْتِي فِي مُقَابَلَةِ هَذَا إِلْقَاءُ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَالْأَسْبَابِ الْحِسِّيَّةِ ، فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ الْفَاعِلُ لِلنَّصْرِ كَغَيْرِهِ مَهْمَا تَكُنْ أَسْبَابُهُ الْمَادِّيَّةُ أَوِ الْمَعْنَوِيَّةُ ، إِذْ هُوَ الْمُسَخِّرُ لَهَا ، وَنَاهِيكَ بِمَا لَا كَسْبَ لِلْبَشَرِ فِيهِ كَتَسْخِيرِ الْمَلَائِكَةِ تُخَالِطُ الْمُؤْمِنِينَ فَتَسْتَفِيدُ أَرْوَاحُهُمْ مِنْهَا الثَّبَاتَ وَالِاطْمِئْنَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عَزِيزٌ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ، حَكِيمٌ لَا يَضَعُ شَيْئًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ .
وَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَ " مُرْدِفِينَ " بِالْمَدَدِ ، وَبِقَوْلِهِ : " مَلَكٌ وَرَاءَ مَلَكٍ " وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ قَالَ : كَانَ أَلْفًا مُرْدِفِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافٍ مُنْزَلِينَ ، فَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، وَهُمْ مَدَدُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثُغُورِهِمْ ، وَعَنْ
قَتَادَةَ مُتَتَابِعِينَ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَلْفٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةٍ ثُمَّ أَكْمَلَهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ قَالَ : يَعْنِي نُزُولَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ . ( قَالَ ) : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَمَّا يَوْمُ
بَدْرٍ فَلَا نَشُكُّ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَانُوا مَعَنَا ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَعَنِ
ابْنِ زَيْدٍ : " مُرْدِفِينَ " قَالَ : بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ ، وَعَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى قَالَ : إِنَّمَا جَعَلَهُمُ اللَّهُ يُسْتَبْشَرُ بِهِمْ . هَذَا جُمْلَةُ مَا جَمَعَهُ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ مِنَ الْمَأْثُورِ فِي الْآيَتَيْنِ . وَظَاهِرُ نَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ إِنْزَالَ الْمَلَائِكَةِ ، وَإِمْدَادَ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ فَائِدَتُهُ مَعْنَوِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُحَارِبِينَ . وَهُنَالِكَ رِوَايَاتٌ أُخْرَى فِي أَنَّهُمْ قَاتَلُوا ، وَسَيَأْتِي بَحْثُهَا . وَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ مِنَ الْعَدَدِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِنَصٍّ مِنَ الشَّارِعِ قَطْعِيِّ الرِّوَايَةِ وَالدَّلَالَةِ ; لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنِ الْغَيْبِ .
وَقَدْ خَلَطَتْ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُرْدِفِينَ الَّذِينَ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ ، وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُنْزَلِينَ وَالْمُسَوِّمِينَ الَّذِينَ ذُكِرَ خَبَرُهُمْ فِي سِيَاقِ غَزْوَةِ
أُحُدٍ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، وَقَدْ حَقَّقْنَا هَذَا الْمَبْحَثَ فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَاتِ فِيهَا ، وَاعْتَمَدْنَا فِي جُلِّهِ عَلَى تَحْقِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ ، وَذَكَرْنَا فِيهِ مَا جَاءَ هُنَا ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَدَّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَكَانَ قُوَّةً مَعْنَوِيَّةً لَهُمْ ، وَأَمَّا يَوْمُ
أُحُدٍ فَقَدْ حَدَّثَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِمْدَادِ وَوَعَدَهُمْ بِهِ وَعْدًا مُعَلَّقًا عَلَى الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى ، وَلَكِنِ انْتَفَى الشَّرْطُ فَانْتَفَى الْمَشْرُوطُ . وَيُرَاجَعُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي [ ص90 - 97 ج 4 ط الْهَيْئَةِ ] . فَإِنَّهُ مُفِيدٌ فِي تَحْقِيقِ مَا هُنَا ، وَلِذَلِكَ لَمْ نُطِلِ الْكَلَامَ فِيهِ .