nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64nindex.php?page=treesubj&link=28975وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما .
الكلام متصل بما قبله متمم لسياق وجوب طاعة الله ورسوله ، والتشنيع على
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28667_28803من يرغب عن التحاكم إلى الرسول ويؤثر عليه التحاكم إلى الطاغوت ، وقال الأستاذ الإمام : بعد ما بين تعالى ما ينبغي للرسول مع أولئك المنافقين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله [ ص: 189 ] فهذا كالدليل على استحقاق أولئك المنافقين للمقت ؛ لأنهم لم يرضوا بحكم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : إننا أرسلنا هذا الرسول على حكمنا ، وسنتنا في الرسل قبله أننا لا نرسلهم إلا ليطاعوا بإذن الله تعالى ، فمن صد عنهم وخرج عن طاعتهم ، أو رغب عن حكمهم كان خارجا عن حكمنا وسنتنا فيهم مرتكبا أكبر الآثام في ذلك .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64بإذن الله للاحتراس ؛ لأن الطاعة في الحقيقة لله تعالى ، فهذا القيد من قيود القرآن المحكمة الذاهبة بظنون من يظنون أن الرسول يطاع لذاته بلا شرط ولا قيد ، فهو عز وجل يقول : إن الطاعة الذاتية ليست إلا لله تعالى رب الناس وخالقهم ، وقد أمر أن تطاع رسله فطاعتهم واجبة بإذنه وإيجابه .
أقول : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64من رسول أبلغ في استغراق النفي من أن يقال : " وما أرسلنا رسولا " ، فكل رسول تجب طاعته ، وإيجاب طاعة الرسول تشعر بأن الرسول أخص من النبي ; فالرسول لا بد أن يكون مقيما لشريعة .
وفسر بعضهم الإذن بالإرادة ، وبعضهم بالأمر ، وبعضهم بالتوفيق والإعانة ، وهو مما تجادل فيه
الأشعرية والمعتزلة ، ولا مجال فيه للجدال ، قال
الراغب : الإذن في الشيء إعلام بإجازته والرخصة فيه نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ، أي : بإرادته وأمره اهـ ، وقوله : بإرادته وأمره تفسير باللازم وإلا فالإذن في اللغة كالأذان والإيذان لما يعلم بإدراك حاسة الأذنين أي : بالسمع ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64ليطاع بإذن الله معناه بإعلامه الذي نطق به وحيه وطرق آذانكم ، كقوله في الآية السابقة التي هي أم هذا السياق :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وما صرف
الرازي عن هذا المعنى البديهي إلا انصراف ذكائه للرد على الجبائي دون فهم الآية في نفسها بما تعطيه اللغة الفصحى .
واستدل بالآية على
nindex.php?page=treesubj&link=28751_28750عصمة الأنبياء ، ووجهه أننا مأمورون بطاعتهم مطلقا فهي واجبة ، ولو أتوا بمعصية لكنا مأمورين بطاعتهم فيها ، فتكون بذلك واجبة ، وقد فرضنا أنها معصية محرمة ، فيلزم توارد الإيجاب والتحريم على الشيء الواحد ، وهو جمع بين الضدين بمعنى النقيضين ، وفي هذا الاستدلال نظر ، فإن الآية تدل على وجوب طاعتهم فيما يأمرون أو يحكمون به ، فالممتنع أن يحكموا أو يأمروا بخلاف ما أنزله الله تعالى عليهم ، وأما أفعالهم التي لم يأمروا بها ولم يحكموا بها فلا تدل الآية على وجوب اتباعهم فيها ، وإن كانت من أكبر الطاعات في نفسها ،
nindex.php?page=treesubj&link=23660كالتهجد الذي كان مفروضا على نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ دون المؤمنين ، ومنها خصائص
nindex.php?page=treesubj&link=11469كتعدد الزوجات الذي أبيح له منه ما لم يبح لغيره .
ومن أوامره وأحكامه ما يكون بالاجتهاد إذا لم يكن في الواقعة ، أو الدعوى وحي منزل ، ولم يقولوا بعصمة الأنبياء من الخطأ في الاجتهاد ، وإنما قالوا : إن الله تعالى لا يقرهم على الخطأ فيه ، بل يبين لهم الحق
[ ص: 190 ] فيه ، وقد يعاتبهم عليه كما وقع لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسألة أسرى
بدر ، ومسألة الإذن لبعض المنافقين في التخلف عن غزوة
تبوك ، ولكن الخطأ في الاجتهاد ليس من المعصية في شيء ، فهو لا ينافي العصمة ؛ لأن المعصية هي مخالفة ما أمر الله تعالى به أو نهى عنه .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64nindex.php?page=treesubj&link=28975وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .
الْكَلَامُ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مُتَمِّمٌ لِسِيَاقِ وُجُوبِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالتَّشْنِيعِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28667_28803مَنْ يَرْغَبُ عَنِ التَّحَاكُمِ إِلَى الرَّسُولِ وَيُؤْثِرُ عَلَيْهِ التَّحَاكُمَ إِلَى الطَّاغُوتِ ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : بَعْدَ مَا بَيَّنَ تَعَالَى مَا يَنْبَغِي لِلرَّسُولِ مَعَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ [ ص: 189 ] فَهَذَا كَالدَّلِيلِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ لِلْمَقْتِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضُوا بِحُكْمِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ : إِنَّنَا أَرْسَلْنَا هَذَا الرَّسُولَ عَلَى حُكْمِنَا ، وَسُنَّتُنَا فِي الرُّسُلِ قَبْلَهُ أَنَّنَا لَا نُرْسِلُهُمْ إِلَّا لِيُطَاعُوا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَمَنْ صَدَّ عَنْهُمْ وَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِمْ ، أَوْ رَغِبَ عَنْ حُكْمِهِمْ كَانَ خَارِجًا عَنْ حُكْمِنَا وَسُنَّتِنَا فِيهِمْ مُرْتَكِبًا أَكْبَرَ الْآثَامِ فِي ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64بِإِذْنِ اللَّهِ لِلِاحْتِرَاسِ ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى ، فَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ قُيُودِ الْقُرْآنِ الْمُحْكَمَةِ الذَّاهِبَةِ بِظُنُونِ مَنْ يَظُنُّونَ أَنَّ الرَّسُولَ يُطَاعُ لِذَاتِهِ بِلَا شَرْطٍ وَلَا قَيْدٍ ، فَهُوَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : إِنَّ الطَّاعَةَ الذَّاتِيَّةَ لَيْسَتْ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى رَبِّ النَّاسِ وَخَالِقِهِمْ ، وَقَدْ أَمَرَ أَنْ تُطَاعَ رُسُلُهُ فَطَاعَتُهُمْ وَاجِبَةٌ بِإِذْنِهِ وَإِيجَابِهِ .
أَقُولُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64مِنْ رَسُولٍ أَبْلَغُ فِي اسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ مِنْ أَنْ يُقَالَ : " وَمَا أَرْسَلْنَا رَسُولًا " ، فَكُلُّ رَسُولٍ تَجِبُ طَاعَتُهُ ، وَإِيجَابُ طَاعَةِ الرَّسُولِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الرَّسُولَ أَخَصُّ مِنَ النَّبِيِّ ; فَالرَّسُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا لِشَرِيعَةٍ .
وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْإِذْنَ بِالْإِرَادَةِ ، وَبَعْضُهُمْ بِالْأَمْرِ ، وَبَعْضُهُمْ بِالتَّوْفِيقِ وَالْإِعَانَةِ ، وَهُوَ مِمَّا تُجَادِلُ فِيهِ
الْأَشْعَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ ، وَلَا مَجَالَ فِيهِ لِلْجِدَالِ ، قَالَ
الرَّاغِبُ : الْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ إِعْلَامٌ بِإِجَازَتِهِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ، أَيْ : بِإِرَادَتِهِ وَأَمْرِهِ اهـ ، وَقَوْلُهُ : بِإِرَادَتِهِ وَأَمْرِهِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَإِلَّا فَالْإِذْنُ فِي اللُّغَةِ كَالْأَذَانِ وَالْإِيذَانِ لِمَا يُعْلَمُ بِإِدْرَاكِ حَاسَّةِ الْأُذُنَيْنِ أَيْ : بِالسَّمْعِ ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ مَعْنَاهُ بِإِعْلَامِهِ الَّذِي نَطَقَ بِهِ وَحْيُهُ وَطَرَقَ آذَانَكُمْ ، كَقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّ هَذَا السِّيَاقِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَمَا صَرَفَ
الرَّازِيَّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى الْبَدِيهِيِّ إِلَّا انْصِرَافُ ذَكَائِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْجُبَّائِيِّ دُونَ فَهْمِ الْآيَةِ فِي نَفْسِهَا بِمَا تُعْطِيهِ اللُّغَةُ الْفُصْحَى .
وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28751_28750عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَوَجْهُهُ أَنَّنَا مَأْمُورُونَ بِطَاعَتِهِمْ مُطْلَقًا فَهِيَ وَاجِبَةٌ ، وَلَوْ أَتَوْا بِمَعْصِيَةٍ لَكُنَّا مَأْمُورِينَ بِطَاعَتِهِمْ فِيهَا ، فَتَكُونُ بِذَلِكَ وَاجِبَةً ، وَقَدْ فَرَضْنَا أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ مُحَرَّمَةٌ ، فَيَلْزَمُ تَوَارُدُ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ بِمَعْنَى النَّقِيضَيْنِ ، وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ طَاعَتِهِمْ فِيمَا يَأْمُرُونَ أَوْ يَحْكُمُونَ بِهِ ، فَالْمُمْتَنِعُ أَنْ يَحْكُمُوا أَوْ يَأْمُرُوا بِخِلَافِ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا أَفْعَالُهُمُ الَّتِي لَمْ يَأْمُرُوا بِهَا وَلَمْ يَحْكُمُوا بِهَا فَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِمْ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَكْبَرِ الطَّاعَاتِ فِي نَفْسِهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=23660كَالتَّهَجُّدِ الَّذِي كَانَ مَفْرُوضًا عَلَى نَبِيِّنَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمِنْهَا خَصَائِصُ
nindex.php?page=treesubj&link=11469كَتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ مِنْهُ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِ .
وَمِنْ أَوَامِرِهِ وَأَحْكَامِهِ مَا يَكُونُ بِالِاجْتِهَادِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَاقِعَةِ ، أَوِ الدَّعْوَى وَحْيٌ مُنَزَّلٌ ، وَلَمْ يَقُولُوا بِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقِرُّهُمْ عَلَى الْخَطَأِ فِيهِ ، بَلْ يُبَيِّنُ لَهُمُ الْحَقَّ
[ ص: 190 ] فِيهِ ، وَقَدْ يُعَاتِبُهُمْ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ لِنَبِيِّنَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي مَسْأَلَةِ أَسْرَى
بَدْرٍ ، وَمَسْأَلَةِ الْإِذْنِ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ ، وَلَكِنَّ الْخَطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ لَيْسَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فِي شَيْءٍ ، فَهُوَ لَا يُنَافِي الْعِصْمَةَ ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ هِيَ مُخَالَفَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ .