الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( مثال القياس الباطل ) .

                          ثم إنه أطال في بيان ذلك بالكتاب والسنة وسرد الأمثلة الكثيرة للأقيسة الباطلة من كتب الفقه ، وقد تقدم بعض تلك الآيات ، وأما الأحاديث ، فما ذكرناه منها أكثر مما ذكره في هذا السياق ، وزاد هو إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عمر وأسامة محض القياس في الحلتين الحريريتين اللتين أهداهما إليهما إذ لبسها أسامة قياسا للبس على التملك والانتفاع والبيع ، وردها عمر قياسا لتملكها على لبسها المحرم بالنص . ( قال ) : فأسامة أباح وعمر حرم قياسا ، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد من القياسين وقال لعمر : " إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها " وقال لأسامة : " إني لم أبعثها إليك لتلبسها ولكن بعثتها إليك لتشققها خمرا لنسائك " والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تقدم إليهم في الحرير بالنص على تحريم لبسه فقط فقاسا قياسا أخطئا فيه ، فأحدهم قاس اللبس على الملك ، وعمر قاس التملك على اللبس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن ما حرمه من اللبس لا يتعدى إلى غيره ، وما أباحه من التملك لا يتعدى إلى اللبس ، وهذا عين إبطال القياس " اهـ .

                          أقول : ولكن هذا لم يمنع بعض الفقهاء بعد ذلك من قياس كل استعمال للحرير على اللبس ، ومن قياس كل استعمال للذهب والفضة على ما ورد من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الأكل في صحافهما والشرب من آنيتهما . وهكذا شأنهم في أمثلة ذلك .

                          ثم عقد فصلين في ذم الصحابة والتابعين للقياس وإبطالهم له ، وفصلا في تعارض الأقيسة وتناقضها ، وفصلا آخر في فساد القياس وبطلانه وتناقض أهله فيه واضطرابهم تأصيلا وتفصيلا ، وذكر أنواع القياس الأربعة عند غلاتهم كفقهاء ما وراء النهر وهي قياس العلة والدلالة والشبهة والطرد ، وذكر أمثلة كثيرة من أقيستهم الفاسدة واضطرابهم في التأصيل والتفصيل ، وهذا الفصل من أجل الفصول وأطولها ، وفيه كثير من الأقيسة التي جمعوا [ ص: 139 ] فيها بين ما فرقت النصوص أو الميزان المستقيم ، وفرقوا فيها بين ما جمعت ، وبيان ذلك بالدلائل العقلية والنقلية وتبعه عدة فصول تفرعت منه .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية