تفسير سورة الزمر
وهي مكية في قول
الحسن وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد . وأخرج
ابن الضريس ،
وابن مردويه ،
والبيهقي في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : أنزلت سورة الزمر
بمكة .
وأخرج
النحاس في ناسخه عنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=28889نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاثة آيات نزلن
بالمدينة في
وحشي قاتل
حمزة nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم [ الزمر : 53 - 55 ] الثلاث الآيات .
وقال آخرون : إلى سبع آيات من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم [ الزمر : 53 - 59 ] إلى آخر السبع .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
عائشة قالت "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021295كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=31003يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر ، ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم ، وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر " .
وأخرجه
الترمذي عنها بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021296 " كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - [ ص: 1274 ] nindex.php?page=treesubj&link=24433لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل " .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29010تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون ( 6 )
قوله : تنزيل الكتاب ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف هو اسم إشارة أي : هذا تنزيل .
وقال
أبو حيان إن المبتدأ المقدر لفظ " هو " ليعود على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إن هو إلا ذكر للعالمين [ ص : 87 ] ، كأنه قيل : وهذا الذكر ما هو ؟ فقيل : هو تنزيل الكتاب ، وقيل : ارتفاعه على أنه مبتدأ وخبره الجار والمجرور بعده أي : تنزيل كائن من الله ، وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء .
قال
الفراء : ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى هذا تنزيل ، وأجاز
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي النصب على أنه مفعول به لفعل مقدر أي : اتبعوا أو اقرءوا تنزيل الكتاب .
وقال
الفراء : يجوز نصبه على الإغراء أي : الزموا ، والكتاب هو القرآن ، وقوله : من الله العزيز الحكيم على الوجه الأول صلة للتنزيل ، أو خبر بعد خبر ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو متعلق بمحذوف على أنه حال عمل فيه اسم الإشارة المقدر .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29010إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق الباء سببية متعلقة بالإنزال أي : أنزلناه بسبب الحق ، ويجوز أن تتعلق بمحذوف هو حال من الفاعل أي : متلبسين بالحق ، أو من المفعول أي : متلبسا بالحق ، والمراد كل ما فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف .
قال
مقاتل : يقول : لم ننزله باطلا لغير شيء .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فاعبد الله مخلصا له الدين الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وانتصاب ( مخلصا ) على الحال من فاعل " اعبد " ، والإخلاص أن
nindex.php?page=treesubj&link=19694يقصد العبد بعمله وجه الله - سبحانه - ، والدين العبادة والطاعة ، ورأسها توحيد الله وأنه لا شريك له .
قرأ الجمهور " الدين " بالنصب على أنه مفعول ( مخلصا ) .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة برفعه على أن ( مخلصا ) مسند إلى ( الدين ) على طريقة المجاز .
قيل : وكان عليه أن يقرأ ( مخلصا ) بفتح اللام .
وفي الآية دليل على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=19694النية وإخلاصها عن الشوائب ; لأن الإخلاص من الأمور القلبية التي لا تكون إلا بأعمال القلب ، وقد جاءت السنة الصحيحة أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال النية ، كما في حديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021297إنما الأعمال بالنيات ، وحديث
لا قول ولا عمل إلا بنية .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص مستأنفة مقررة لما قبلها من الأمر بالإخلاص أي : إن الدين الخالص من شوائب الشرك وغيره هو لله ، وما سواه من الأديان فليس بدين الله الخالص الذي أمر به .
قال
قتادة : الدين الخالص شهادة أن لا إله إلا الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3والذين اتخذوا من دونه أولياء لما أمر - سبحانه - بعبادته على وجه الإخلاص وأن الدين الخالص له لا لغيره بين بطلان الشرك الذي هو مخالف للإخلاص والموصول عبارة عن المشركين ، ومحله الرفع على الابتداء ، وخبره قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله يحكم بينهم ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى في محل نصب على الحال بتقدير القول ، والاستثناء مفرغ من أعم العلل ، والمعنى : والذين لم يخلصوا العبادة لله ، بل شابوها بعبادة غيره قائلين : ما نعبدهم لشيء من الأشياء إلا ليقربونا إلى الله تقريبا والضمير في ( نعبدهم ) راجع إلى الأشياء التي كانوا يعبدونها من الملائكة
وعيسى والأصنام ، وهم المرادون بالأولياء . والمراد بقولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إلا ليقربونا إلى الله زلفى الشفاعة ، كما حكاه
الواحدي عن المفسرين .
قال
قتادة : كانوا إذا قيل لهم : من ربكم وخالقكم ومن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء ؟ قالوا : الله ، فيقال لهم : ما معنى عبادتكم للأصنام ؟ قالوا : ليقربونا إلى الله زلفى ويشفعوا لنا عنده .
قال
الكلبي : جواب هذا الكلام قوله في سورة الأحقاف :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة [ الأحقاف : 28 ] ، والزلفى اسم أقيم مقام المصدر ، كأنه قال : إلا ليقربونا إلى الله تقريبا .
وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومجاهد " قالوا ما نعبدهم " ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله يحكم بينهم أي : بين أهل الأديان يوم القيامة فيجازي كلا بما يستحقه ، وقيل : بين المخلصين للدين وبين الذين لم يخلصوا ، وحذف الأول لدلالة الحالة عليه ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3في ما هم فيه يختلفون في الذي اختلفوا فيه من الدين بالتوحيد والشرك ، فإن كل طائفة تدعي أن الحق معها
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار أي : لا يرشد لدينه ولا يوفق للاهتداء إلى الحق من هو كاذب في زعمه أن الآلهة تقربه إلى الله وكفر باتخاذها آلهة وجعلها شركاء لله ، والكفار صيغة مبالغة تدل على أن كفر هؤلاء قد بلغ إلى الغاية .
وقرأ
الحسن والأعرج " كذاب " على صيغة المبالغة ككفار ، ورويت هذه القراءة عن
أنس .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29010_29705لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى هذا مقرر لما سبق من إبطال قول المشركين بأن الملائكة بنات الله لتضمنه استحالة الولد في حقه - سبحانه - على الإطلاق ، فلو أراد أن يتخذ ولدا لامتنع اتخاذ الولد حقيقة ولم يتأت ذلك إلا بأن يصطفي مما يخلق ما يشاء أي : يختار من جملة خلقه ما يشاء أن يصطفيه ، إذ لا موجود سواه إلا وهو مخلوق له ، ولا يصح أن يكون المخلوق ولدا للخالق لعدم المجانسة بينهما ، فلم يبق إلا أن يصطفيه عبدا كما يفيده التعبير بالاصطفاء مكان
[ ص: 1275 ] الاتخاذ ، فمعنى الآية : لو أراد أن يتخذ ولدا لوقع منه شيء ليس هو من اتخاذ الولد ، بل إنما هو من الاصطفاء لبعض مخلوقاته ، ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=29705نزه - سبحانه - نفسه عن اتخاذ الولد على الإطلاق فقال : سبحانه أي : تنزيها له عن ذلك ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هو الله الواحد القهار مبينة لتنزهه بحسب الصفات بعد تنزهه بحسب الذات أي : هو المستجمع لصفات الكمال المتوحد في ذاته فلا مماثل له القهار لكل مخلوقاته ، ومن كان متصفا بهذه الصفات استحال وجود الولد في حقه . لأن الولد مماثل لوالده ولا مماثل له - سبحانه - ، ومثل هذه الآية قوله - سبحانه -
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا [ الأنبياء : 17 ] .
ثم لما ذكر - سبحانه - كونه منزها عن الولد بكونه إلها واحدا قهارا ذكر ما يدل على ذلك من صفاته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خلق السماوات والأرض بالحق أي : لم يخلقهما باطلا لغير شيء ، ومن كان هذا الخلق العظيم خلقه استحال أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد .
ثم بين كيفية
nindex.php?page=treesubj&link=29687_33679تصرفه في السماوات والأرض فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل التكوير في اللغة طرح الشيء بعضه على بعض . يقال : كور المتاع : إذا ألقى بعضه على بعض ، ومنه كور العمامة ، فمعنى تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوءه ، ومعنى تكوير النهار على الليل : تغشيته إياه حتى تذهب ظلمته ، وهو معنى قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا [ الأعراف : 54 ] هكذا قال
قتادة وغيره .
وقال
الضحاك أي : يلقي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، وهو مقارب للقول الأول .
وقيل : معنى الآية : أن ما نقص من الليل دخل في النهار ، وما نقص من النهار دخل في الليل ، وهو معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=13يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل [ فاطر : 13 والحديد : 6 ] وقيل : المعنى : إن هذا يكر على هذا وهذا يكر على هذا كرورا متتابعا .
قال
الراغب : تكوير الشيء إدارته وضم بعضه إلى بعض ك : كور العمامة اهـ .
والإشارة بهذا التكوير المذكور في الآية إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما .
قال
الرازي : إن النور والظلمة عسكران عظيمان ، وفي كل يوم يغلب هذا ذاك ، وذاك هذا ، ثم ذكر تسخيره لسلطان النهار وسلطان الليل ، وهما الشمس والقمر فقال : وسخر الشمس والقمر أي : جعلهما منقادين لأمره بالطلوع والغروب لمنافع العباد ، ثم بين كيفية هذا التسخير فقال : كل يجري لأجل مسمى أي : يجري في فلكه إلى أن تنصرم الدنيا ، وذلك يوم القيامة وقد تقدم الكلام على الأجل المسمى لجريهما مستوفى في سورة يس
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5ألا هو العزيز الغفار ألا حرف تنبيه ، والمعنى : تنبهوا أيها العباد ، فالله هو الغالب الساتر لذنوب خلقه بالمغفرة .
ثم بين - سبحانه - نوعا آخر من قدرته وبديع صنعه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خلقكم من نفس واحدة وهي نفس
آدم nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6ثم جعل منها زوجها جاء بـ : ( ثم ) للدلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=31808_32404ترتيب خلق حواء على خلق آدم ، وتراخيه عنه ; لأنها خلقت منه ، والعطف : إما على مقدر هو صفة لنفس .
قال
الفراء nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج التقدير : خلقكم من نفس خلقها واحدة ثم جعل منها زوجها .
ويجوز أن يكون العطف على معنى ( واحدة ) أي : من نفس انفردت ثم جعل إلخ ، والتعبير بالجعل دون الخلق مع العطف بـ : ( ثم ) للدلالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=32404_31808_33679خلق حواء من ضلع آدم أدخل في كونه آية باهرة دالة على كمال القدرة ، لأن خلق
آدم هو على عادة الله المستمرة في خلقه ، وخلقها على الصفة المذكورة لم تجر به عادة لكونه لم يخلق - سبحانه - أنثى من ضلع رجل غيرها ، وقد تقدم تفسير هذه الآية مستوفى في سورة الأعراف .
ثم بين - سبحانه - نوعا آخر من قدرته الباهرة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج وهو معطوف على ( خلقكم ) ، وعبر بالإنزال لما يروى أنه خلقها في الجنة ثم أنزلها ، فيكون الإنزال حقيقة ، ويحتمل أن يكون مجازا لأنها لم تعش إلا بالنبات ، والنبات إنما يعيش بالماء والماء منزل من السماء ، كانت الأنعام كأنها منزلة ؛ لأن سبب سببها منزل كما أطلق على السبب في قوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
وقيل : إن ( أنزل ) بمعنى أنشأ وجعل ، أو بمعنى أعطى ، وقيل : جعل الخلق إنزالا ، لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء ، والثمانية الأزواج هي ما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=143من الضأن اثنين ومن المعز اثنين [ الأنعام : 143 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين [ الأنعام : 144 ] ويعني بالاثنين في الأربعة المواضع الذكر والأنثى ، وقد تقدم تفسير الآية في سورة الأنعام .
ثم بين - سبحانه - نوعا آخر من قدرته البديعة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=32688يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق والجملة استئنافية لبيان ما تضمنته من الأطوار المختلفة في خلقهم ، و ( خلقا ) مصدر مؤكد للفعل المذكور ، و من بعد خلق صفة له أي : خلقا كائنا من بعد خلق .
قال
قتادة والسدي : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم لحما .
وقال
ابن زيد : خلقكم خلقا في بطون أمهاتكم من بعد خلقكم في ظهر
آدم ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6في ظلمات ثلاث متعلق بقوله : ( يخلقكم ) وهذه الظلمات الثلاث هي : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة قاله
مجاهد وعكرمة ،
وقتادة ،
والضحاك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : ظلمة المشيمة ، وظلمة الرحم ، وظلمة الليل . وقال
أبو عبيدة : ظلمة صلب الرجل ، وظلمة بطن المرأة ، وظلمة الرحم ، والإشارة بقوله : ( ذلكم الله ) إليه - سبحانه - باعتبار أفعاله السابقة ، والاسم الشريف خبره ربكم خبر آخر له الملك الحقيقي في الدنيا والآخرة لا شركة لغير فيه ، وهو خبر ثالث ، وقوله : ( لا إله إلا هو ) خبر رابع . ( فأنى تصرفون ) أي : فكيف تنصرفون عن عبادته وتنقلبون عنها إلى عبادة غيره .
قرأ
حمزة " إمهاتكم " بكسر الهمزة والميم . وقرأ الكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم . وقرأ الباقون بضم الهمزة وفتح الميم .
وقد أخرج
ابن مردويه عن
يزيد الرقاشي أن رجلا قال : يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل [ ص: 1276 ] لنا في ذلك من أجر ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا . قال : يا رسول الله إنما نعطي التماس الأجر والذكر فهل لنا أجر ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الله لا يقبل إلا ما أخلص له ، ثم تلا هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل قال : يحمل الليل .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خلقا من بعد خلق قال : علقة ثم مضغة ثم عظاما
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6في ظلمات ثلاث البطن والرحم والمشيمة .
تَفْسِيرُ سُورَةِ الزُّمَرِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ . وَأَخْرَجَ
ابْنُ الضُّرَيْسِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ سُورَةُ الزُّمَرِ
بِمَكَّةَ .
وَأَخْرَجَ
النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ عَنْهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28889نَزَلَتْ بِمَكَّةَ سُورَةُ الزُّمَرِ سِوَى ثَلَاثَةِ آيَاتٍ نَزَلْنَ
بِالْمَدِينَةِ فِي
وَحْشِيٍّ قَاتِلِ
حَمْزَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ [ الزُّمَرِ : 53 - 55 ] الثَّلَاثَ الْآيَاتِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِلَى سَبْعِ آيَاتٍ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ [ الزُّمَرِ : 53 - 59 ] إِلَى آخِرِ السَّبْعِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021295كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=treesubj&link=31003يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ ، وَيُفْطِرَ حَتَّى نَقُولَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ " .
وَأَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْهَا بِلَفْظِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021296 " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - [ ص: 1274 ] nindex.php?page=treesubj&link=24433لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الزُّمَرَ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ " .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29010تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ( 6 )
قَوْلُهُ : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ارْتِفَاعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ اسْمُ إِشَارَةٍ أَيْ : هَذَا تَنْزِيلٌ .
وَقَالَ
أَبُو حَيَّانَ إِنَّ الْمُبْتَدَأَ الْمُقَدَّرَ لَفْظُ " هُوَ " لَيَعُودُ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=87إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ [ ص : 87 ] ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَهَذَا الذِّكْرُ مَا هُوَ ؟ فَقِيلَ : هُوَ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ، وَقِيلَ : ارْتِفَاعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهُ أَيْ : تَنْزِيلٌ كَائِنٌ مِنَ اللَّهِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِمَعْنَى هَذَا تَنْزِيلٌ ، وَأَجَازَ
الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ النَّصْبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيِ : اتَّبِعُوا أَوِ اقْرَءُوا تَنْزِيلَ الْكِتَابِ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيِ : الْزَمُوا ، وَالْكِتَابُ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَقَوْلُهُ : مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ صِلَةٌ لِلتَّنْزِيلِ ، أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ عَمِلَ فِيهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ الْمُقَدَّرُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29010إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِنْزَالِ أَيْ : أَنْزَلْنَاهُ بِسَبَبِ الْحَقِّ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ هُوَ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَيْ : مُتَلَبِّسِينَ بِالْحَقِّ ، أَوْ مِنَ الْمَفْعُولِ أَيْ : مُتَلَبِّسًا بِالْحَقِّ ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مَا فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ وَأَنْوَاعِ التَّكَالِيفِ .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : يَقُولُ : لَمْ نُنْزِلْهُ بَاطِلًا لِغَيْرِ شَيْءٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ الْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا ، وَانْتِصَابُ ( مُخْلِصًا ) عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ " اعْبُدْ " ، وَالْإِخْلَاصُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19694يَقْصِدَ الْعَبْدُ بِعَمَلِهِ وَجْهَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - ، وَالدِّينُ الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ ، وَرَأْسُهَا تَوْحِيدُ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ " الدِّينَ " بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ ( مُخْلِصًا ) .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّ ( مُخْلِصًا ) مُسْنَدٌ إِلَى ( الدِّينَ ) عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ .
قِيلَ : وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ ( مُخْلِصًا ) بِفَتْحِ اللَّامِ .
وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=19694النِّيَّةِ وَإِخْلَاصِهَا عَنِ الشَّوَائِبِ ; لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ مِنَ الْأُمُورِ الْقَلْبِيَّةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا بِأَعْمَالِ الْقَلْبِ ، وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ مَلَاكَ الْأَمْرِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ النِّيَّةُ ، كَمَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021297إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَحَدِيثِ
لَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَمْرِ بِالْإِخْلَاصِ أَيْ : إِنِ الدِّينَ الْخَالِصَ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ وَغَيْرِهِ هُوَ لِلَّهِ ، وَمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ فَلَيْسَ بِدِينِ اللَّهِ الْخَالِصِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ .
قَالَ
قَتَادَةُ : الدِّينُ الْخَالِصُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَمَّا أَمَرَ - سُبْحَانَهُ - بِعِبَادَتِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِخْلَاصِ وَأَنَّ الدِّينَ الْخَالِصَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ بَيَّنَ بُطْلَانَ الشِّرْكِ الَّذِي هُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِخْلَاصِ وَالْمَوْصُولُ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ، وَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْعِلَلِ ، وَالْمَعْنَى : وَالَّذِينَ لَمْ يُخْلِصُوا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ ، بَلْ شَابُوهَا بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ قَائِلِينَ : مَا نَعْبُدُهُمْ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ تَقْرِيبًا وَالضَّمِيرُ فِي ( نَعْبُدُهُمْ ) رَاجِعٌ إِلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ
وَعِيسَى وَالْأَصْنَامِ ، وَهُمُ الْمُرَادُونَ بِالْأَوْلِيَاءِ . وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى الشَّفَاعَةُ ، كَمَا حَكَاهُ
الْوَاحِدِيُّ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ .
قَالَ
قَتَادَةُ : كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ : مَنْ رَبُّكُمْ وَخَالِقُكُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ؟ قَالُوا : اللَّهُ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا مَعْنَى عِبَادَتِكُمْ لِلْأَصْنَامِ ؟ قَالُوا : لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وَيَشْفَعُوا لَنَا عِنْدَهُ .
قَالَ
الْكَلْبِيُّ : جَوَابُ هَذَا الْكَلَامِ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً [ الْأَحْقَافِ : 28 ] ، وَالزُّلْفَى اسْمٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ تَقْرِيبًا .
وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ " قَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ " وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ أَيْ : بَيْنَ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجَازِي كُلًّا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ ، وَقِيلَ : بَيْنَ الْمُخْلِصِينَ لِلدِّينِ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَمْ يُخْلِصُوا ، وَحُذِفَ الْأَوَّلُ لِدَلَالَةِ الْحَالَةِ عَلَيْهِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فِي الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الدِّينِ بِالتَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ ، فَإِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ مَعَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ أَيْ : لَا يُرْشِدُ لِدِينِهِ وَلَا يُوَفِّقُ لِلِاهْتِدَاءِ إِلَى الْحَقِّ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْآلِهَةَ تُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ وَكَفَرَ بِاتِّخَاذِهَا آلِهَةً وَجَعْلِهَا شُرَكَاءَ لِلَّهِ ، وَالْكُفَّارُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُفْرَ هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَ إِلَى الْغَايَةِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ " كَذَّابٌ " عَلَى صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ كَكُفَّارٍ ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ
أَنَسٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29010_29705لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى هَذَا مُقَرَّرٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ إِبْطَالِ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ لِتَضَمُّنِهُ اسْتِحَالَةَ الْوَلَدِ فِي حَقِّهِ - سُبْحَانَهُ - عَلَى الْإِطْلَاقِ ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَامْتَنَعَ اتِّخَاذُ الْوَلَدِ حَقِيقَةً وَلَمْ يَتَأَتَّ ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يَصْطَفِيَ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ أَيْ : يَخْتَارُ مِنْ جُمْلَةِ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ أَنْ يَصْطَفِيَهُ ، إِذْ لَا مَوْجُودَ سِوَاهُ إِلَّا وَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ وَلَدًا لِلْخَالِقِ لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمَا ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَصْطَفِيَهُ عَبْدًا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالِاصْطِفَاءِ مَكَانَ
[ ص: 1275 ] الِاتِّخَاذِ ، فَمَعْنَى الْآيَةِ : لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَوَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ لَيْسَ هُوَ مِنَ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ ، بَلْ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الِاصْطِفَاءِ لِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=29705نَزَّهَ - سُبْحَانَهُ - نَفْسَهُ عَنِ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَقَالَ : سُبْحَانَهُ أَيْ : تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مُبَيِّنَةٌ لِتَنَزُّهِهِ بِحَسْبِ الصِّفَاتِ بَعْدَ تَنَزُّهِهِ بِحَسْبِ الذَّاتِ أَيْ : هُوَ الْمُسْتَجْمِعُ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُتَوَحِّدُ فِي ذَاتِهِ فَلَا مُمَاثِلَ لَهُ الْقَهَّارُ لِكُلِّ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَمَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ اسْتَحَالَ وُجُودُ الْوَلَدِ فِي حَقِّهِ . لِأَنَّ الْوَلَدَ مُمَاثِلٌ لِوَالِدِهِ وَلَا مُمَاثِلَ لَهُ - سُبْحَانَهُ - ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا [ الْأَنْبِيَاءِ : 17 ] .
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - كَوْنَهُ مُنَزَّهًا عَنِ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ إِلَهًا وَاحِدًا قَهَّارًا ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أَيْ : لَمْ يَخْلُقْهُمَا بَاطِلًا لِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَمَنْ كَانَ هَذَا الْخَلْقُ الْعَظِيمُ خَلْقَهُ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ صَاحِبَةٌ أَوْ وَلَدٌ .
ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ
nindex.php?page=treesubj&link=29687_33679تَصَرُّفِهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ التَّكْوِيرُ فِي اللُّغَةِ طَرْحُ الشَّيْءِ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ . يُقَالُ : كَوَّرَ الْمَتَاعَ : إِذَا أَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ، وَمِنْهُ كَوَّرَ الْعِمَامَةَ ، فَمَعْنَى تَكْوِيرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ تَغْشِيَتُهُ إِيَّاهُ حَتَّى يَذْهَبَ ضَوْءُهُ ، وَمَعْنَى تَكْوِيرِ النَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ : تَغْشِيَتُهُ إِيَّاهُ حَتَّى تَذْهَبَ ظُلْمَتُهُ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا [ الْأَعْرَافِ : 54 ] هَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ أَيْ : يُلْقِي هَذَا عَلَى هَذَا ، وَهَذَا عَلَى هَذَا ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ .
وَقِيلَ : مَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّ مَا نَقَصَ مِنَ اللَّيْلِ دَخَلَ فِي النَّهَارِ ، وَمَا نَقَصَ مِنَ النَّهَارِ دَخَلَ فِي اللَّيْلِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=13يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ [ فَاطِرٍ : 13 وَالْحَدِيدِ : 6 ] وَقِيلَ : الْمَعْنَى : إِنَّ هَذَا يَكُرُّ عَلَى هَذَا وَهَذَا يَكُرُّ عَلَى هَذَا كُرُورًا مُتَتَابِعًا .
قَالَ
الرَّاغِبُ : تَكْوِيرُ الشَّيْءِ إِدَارَتُهُ وَضَمُّ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ كَ : كَوَّرَ الْعِمَامَةَ اهـ .
وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا التَّكْوِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ إِلَى جَرَيَانِ الشَّمْسِ فِي مَطَالِعِهَا وَانْتِقَاصِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَازْدِيَادِهِمَا .
قَالَ
الرَّازِيُّ : إِنَّ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ عَسْكَرَانِ عَظِيمَانِ ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ يَغْلِبُ هَذَا ذَاكَ ، وَذَاكَ هَذَا ، ثُمَّ ذَكَرَ تَسْخِيرَهُ لِسُلْطَانِ النَّهَارِ وَسُلْطَانِ اللَّيْلِ ، وَهُمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَقَالَ : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أَيْ : جَعَلَهُمَا مُنْقَادَيْنِ لِأَمْرِهِ بِالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ ، ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ هَذَا التَّسْخِيرِ فَقَالَ : كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَيْ : يَجْرِي فِي فَلَكِهِ إِلَى أَنْ تَنْصَرِمَ الدُّنْيَا ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى لِجَرْيِهِمَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ يس
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ أَلَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ ، وَالْمَعْنَى : تَنَبَّهُوا أَيُّهَا الْعِبَادُ ، فَاللَّهُ هُوَ الْغَالِبُ السَّاتِرُ لِذُنُوبِ خَلْقِهِ بِالْمَغْفِرَةِ .
ثُمَّ بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - نَوْعًا آخَرَ مِنْ قُدْرَتِهِ وَبَدِيعِ صُنْعِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ نَفْسُ
آدَمَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا جَاءَ بِـ : ( ثُمَّ ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31808_32404تَرْتِيبِ خَلْقِ حَوَّاءَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ ، وَتَرَاخِيهِ عَنْهُ ; لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْهُ ، وَالْعَطْفُ : إِمَّا عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ صِفَةٌ لِنَفْسٍ .
قَالَ
الْفَرَّاءُ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ التَّقْدِيرُ : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ خَلَقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى مَعْنَى ( وَاحِدَةٍ ) أَيْ : مِنْ نَفْسٍ انْفَرَدَتْ ثُمَّ جَعَلَ إِلَخْ ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْجَعْلِ دُونَ الْخَلْقِ مَعَ الْعَطْفِ بِـ : ( ثُمَّ ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32404_31808_33679خَلْقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ أُدْخِلَ فِي كَوْنِهِ آيَةً بَاهِرَةً دَالَّةً عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ ، لِأَنَّ خَلْقَ
آدَمَ هُوَ عَلَى عَادَةِ اللَّهِ الْمُسْتَمِرَّةِ فِي خَلْقِهِ ، وَخَلْقُهَا عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْلُقْ - سُبْحَانَهُ - أُنْثَى مِنْ ضِلْعِ رَجُلٍ غَيْرَهَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
ثُمَّ بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - نَوْعًا آخَرَ مِنْ قُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ( خَلَقَكُمْ ) ، وَعَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ لِمَا يُرْوَى أَنَّهُ خَلَقَهَا فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ أَنْزَلَهَا ، فَيَكُونُ الْإِنْزَالُ حَقِيقَةً ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا لِأَنَّهَا لَمْ تَعِشْ إِلَّا بِالنَّبَاتِ ، وَالنَّبَاتُ إِنَّمَا يَعِيشُ بِالْمَاءِ وَالْمَاءُ مُنَزَّلٌ مِنَ السَّمَاءِ ، كَانَتِ الْأَنْعَامُ كَأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ سَبَبِهَا مُنَزَّلٌ كَمَا أُطْلِقَ عَلَى السَّبَبِ فِي قَوْلِهِ :
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابًا
وَقِيلَ : إِنَّ ( أَنْزَلَ ) بِمَعْنَى أَنْشَأَ وَجَعَلَ ، أَوْ بِمَعْنَى أَعْطَى ، وَقِيلَ : جُعِلَ الْخَلْقُ إِنْزَالًا ، لِأَنَّ الْخَلْقَ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَالثَّمَانِيَةُ الْأَزْوَاجُ هِيَ مَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=143مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ [ الْأَنْعَامِ : 143 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=144وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ [ الْأَنْعَامِ : 144 ] وَيَعْنِي بِالِاثْنَيْنِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَوَاضِعِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
ثُمَّ بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - نَوْعًا آخَرَ مِنْ قُدْرَتِهِ الْبَدِيعَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=32688يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لِبَيَانِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَطْوَارِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي خَلْقِهِمْ ، وَ ( خَلْقًا ) مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ ، وَ مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ صِفَةٌ لَهُ أَيْ : خَلْقًا كَائِنًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ .
قَالَ
قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ : نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا ثُمَّ لَحْمًا .
وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : خَلَقَكُمْ خَلْقًا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ مِنْ بَعْدِ خَلْقِكُمْ فِي ظَهْرِ
آدَمَ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : ( يَخْلُقُكُمْ ) وَهَذِهِ الظُّلُمَاتُ الثَّلَاثُ هِيَ : ظُلْمَةُ الْبَطْنِ ، وَظُلْمَةُ الرَّحِمِ ، وَظُلْمَةُ الْمَشِيمَةِ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : ظُلْمَةُ الْمَشِيمَةِ ، وَظُلْمَةُ الرَّحِمِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : ظُلْمَةُ صُلْبِ الرَّجُلِ ، وَظُلْمَةُ بَطْنِ الْمَرْأَةِ ، وَظُلْمَةُ الرَّحِمِ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ ) إِلَيْهِ - سُبْحَانَهُ - بِاعْتِبَارِ أَفْعَالِهِ السَّابِقَةِ ، وَالِاسْمُ الشَّرِيفُ خَبَرُهُ رَبُّكُمُ خَبَرٌ آخَرُ لَهُ الْمُلْكُ الْحَقِيقِيُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَا شَرِكَةَ لِغَيْرٍ فِيهِ ، وَهُوَ خَبَرٌ ثَالِثٌ ، وَقَوْلُهُ : ( لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) خَبَرٌ رَابِعٌ . ( فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) أَيْ : فَكَيْفَ تَنْصَرِفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَتَنْقَلِبُونَ عَنْهَا إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِهِ .
قَرَأَ
حَمْزَةُ " إِمِّهَاتِكُمْ " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ . وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُعْطِي أَمْوَالَنَا الْتِمَاسَ الذِّكْرِ فَهَلْ [ ص: 1276 ] لَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : لَا . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا نُعْطِي الْتِمَاسَ الْأَجْرِ وَالذِّكْرِ فَهَلْ لَنَا أَجْرٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا أُخْلِصَ لَهُ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ قَالَ : يَحْمِلُ اللَّيْلَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ قَالَ : عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَامًا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=6فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ الْبَطْنِ وَالرَّحِمِ وَالْمَشِيمَةِ .