[ ص: 114 ] 2671 - حدثنا يعقوب بن نصر ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا عبد الحميد بن بهرام ، قال: حدثني شهر بن حوشب ، عن حديث عبد الرحمن بن غنم الحارث بن عميرة أنه: قدم مع معاذ من اليمن فمكث معه في داره، وفي منزله فأصابهم الطاعون فطعن معاذ، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، وأبو مالك جميعا في يوم واحد، وكان حين حس بالطاعون فر وفرق فرقا شديدا، وقال: يا أيها الناس، تفرقوا في هذه الشعاب فقد نزل بكم أمر من أمر الله لا أراه إلا رجزا وطاعونا، فقال له عمرو بن العاص شرحبيل بن حسنة : كذبت قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت أضل من حمار أهلك، فقال عمرو : صدقت، فقال معاذ بن جبل، : كذبت لعمرو بن العاص اللهم فأت ليس بالطاعون، ولا الرجز، ولكنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وقبض الصالحين، آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة، قال: فما أمسى حتى طعن عبد الرحمن ابنه، وأحب الخلق إليه الذي كان يكنى به فرجع معاذ من المسجد فوجده مكروبا فقال: يا عبد الرحمن، كيف أنت ؟ فاستجاب له، فقال: يا أبة، ) الحق من ربك فلا تكن من الممترين ( فقال معاذ : وإنا ) إن شاء الله ستجدني من الصابرين، ( فمات من ليلته، ودفنه من الغد فجعل يرسل معاذ بن جبل الحارث بن عميرة إلى يسأله كيف هو ؟ فأراه أبي عبيدة بن الجراح أبو عبيدة طعنه بكفه ؛ فبكى الحارث بن عميرة وفرق منها حين رآها ؛ فأقسم أبو عبيدة بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم قال: فرجع الحارث إلى معاذ فوجده مغشيا عليه فبكى [ ص: 115 ] الحارث، واستبكى، ثم إن معاذا أفاق فقال: يا ابن الحميرية لم تبك علي ؟ أعوذ بالله منك، فقال الحارث : والله ما عليك أبكي، فقال معاذ : فعلام تبكي ؟ قال: أبكي على ما فاتني منك العصرين الغدو، والرواح، قال معاذ : أجلسني فأجلسه في حجره، فقال: اسمع مني فإني أوصيك بوصية إن الذي تبكي علي من غدوك ورواحك فإن العلم مكانه بين لوحي المصحف فإن أعيا عليك تفسيره فاطلبه بعدي عن ثلاث: أو عند عويمر أبي الدرداء أو عند سلمان الفارسي وأحذرك زلة العالم، وجدال المنافق، ثم إن ابن أم عبد معاذا اشتد به النزع نزع الموت فنزع نزعا لم ينزعه أحد فكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه فقال: اخنقني خنقك فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك، قال: فلما قضى نحبه انطلق الحارث حتى أتى بحمص فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث، ثم قال أبا الدرداء الحارث : إن أخي معاذا أوصاني بك وبسلمان الفارسي، ولا أراني إلا منطلقا إلى وبابن أم عبد، العراق فقدم الكوفة فجعل يحضر مجلس بكرة، وعشية فبينما هو كذلك في المجلس ذات يوم قال ابن أم عبد : فمن أنت ؟ قلت: امرؤ من ابن أم عبد أهل الشام، قال : نعم الحي ابن أم عبد أهل الشام لولا واحدة، قال الحارث : وما تلك الواحدة ؟ قال: لولا أنهم يشهدون على أنفسهم أنهم من أهل الجنة قال: فاسترجع الحارث مرتين أو ثلاثا وقال: صدق معاذ عندما قال لي، فقال : وما قال يا ابن أخي ؟ قال: حذرني زلة [ ص: 116 ] العالم، والله ما أنت يا ابن أم عبد إلا أحد رجلين إما رجل أصبح على يقين، ويشهد أن لا إله إلا الله فأنت من أهل الجنة أو رجل مرتاب لا تدري أين منزلتك، قال ابن مسعود : صدق أخي إنها زلة فلا تؤاخذني بها، فأخذ ابن مسعود بيد ابن مسعود الحارث فانطلق به إلى رحله فمكث عنده ما شاء الله، ثم قال الحارث : لا بد لي أن أطالع أبا عبد الله سلمان الفارسي بالمدائن، فانطلق الحارث حتى قدم على سلمان بالمدائن فلما سلم عليه قال: مكانك حتى أخرج إليك، قال الحارث : والله ما أراك تعرفني يا أبا عبد الله، قال: بلى، عرفت روحي روحك قبل أن أعرفك إن الأرواح عند الله جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها في غير الله اختلف فمكث عنده ما شاء الله أن يمكث، ثم رجع إلى الشام فأولئك الذين كانوا يتعارفون في الله ويتزاورون في الله .