الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال عبد الله بن أبي بكر : فذكرت ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16693لعمرة بنت عبد الرحمن ، فقالت : صدق ، nindex.php?page=hadith&LINKID=1014913سمعت عائشة تقول : دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخروا لثلاث وتصدقوا بما بقي قالت : فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم ويحملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما ذاك أو كما قال ، قالوا : نهيت عن لحوم الضحايا بعد ثلاث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم , فكلوا وتصدقوا وادخروا . يعني بالدافة قوما مساكين قدموا المدينة [ ص: 208 ] قال أبو عمر : عبد الله بن واقد هذا هو عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر تابعي ثقة شريف جليل ، سمع عبد الله بن عمر ، وأمه أمة الله بنت عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، ومات عبد الله بن واقد في سنة سبع عشرة ومائة في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك .
قال أبو عمر : وأما قول عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث " دف ناس " فمعناه عند أهل اللغة دف ناس إلينا وأتونا ، وأصله عندهم من دفيف الطائر إذا حرك جناحيه , ورجلاه في الأرض ، يقال في ذلك : دف الطائر يدف دفيفا ، وقال الخليل : والدافة قوم يدفون أي يسيرون سيرا لينا ، وتداف القوم إذا ركب بعضهم بعضا في قتال ، أو نحوه .
وأما قولها " حضرة الأضحى " فمعناه في وقت الأضحى ، وفي حين الأضحى .
وأما قوله : ويحملون من الودك فمعناه يذيبون منها الشحم ، والودك الشحم ، يقال منه : جملت الشحم وأجملته واجتملته أي أذبته ، والاجتمال الادهان بالجميل ، وهي الإهالة .
وأما قوله في هذا الحديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ، فقد بان في هذا الحديث الوجه ، nindex.php?page=treesubj&link=4117والعلة التي من أجلها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ، وأن ذلك إنما كان من أجل الدافة التي دفت عليهم من المساكين ليطعموهم ويواسوهم .
[ ص: 209 ] حدثنا إبراهيم بن شاكر ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان . وأخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن ، حدثنا أحمد بن مطرف ، قالا : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي ، حدثنا أحمد بن عبد الملك بن صالح ، حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن أبي بكر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16693عمرة بنت عبد الرحمن ، nindex.php?page=hadith&LINKID=1014915عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، فلما كان في العام القابل وضحى الناس . قالت : قلت : يا رسول الله إن كانت هذه الأضاحي لترفق الناس كانوا يدخرون من لحومها وودكها ، قال : فما منعهم من ذلك ، قلت : يا نبي الله ، أولم تنههم عام الأول عن أن يأكلوا لحومها بعد ثلاث قال : إنما نهيت عن ذلك للحاضرة التي حضرتهم من أهل البادية ليبثوا لحومها فيهم ، فأما الآن فليأكلوا وليدخروا .
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وادخروا وتزودوا , وقد ذكرنا الآثار بذلك في باب ربيعة من كتابنا هذا .
[ ص: 210 ] وتكلمنا على معاني هذا الحديث هناك بما يغني ، عن إعادته هاهنا وبالله توفيقنا .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم ، وعبد الله بن محمد بن أسد ، قالا : حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15556بكر بن سهل ، والوليد بن العباس بن مسافر ، قالا : حدثنا أبو صالح ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16519عبيد الله بن أبي جعفر ، عن أبي الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16693عمرة بنت عبد الرحمن ، nindex.php?page=hadith&LINKID=1014917عن عائشة أنها قالت في لحم الضحايا : كنا نصلح منه ويقدم فيه الناس إلى المدينة ، وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام ليس بالعزيمة ، ولكن أراد أن يطعموا منه ، فهذا الحديث يبين لك معنى النهي عن أكل لحوم الضحايا أنه كان ندبا إلى الخير لا إيجابا .
وفي إسناد هذا الحديث رواية النظير عن النظير ، والكبير عن الصغير ، وعلى هذا كان السلف رضي الله عنهم أجمعين .