وهو قرشي مخزومي ، ذكرنا نسبه عند ذكر أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة في كتابنا في الصحابة فأغنى عن ذكره ههنا . الحارث بن هشام
وأبو بكر هذا أحد فقهاء التابعين بالمدينة العشرة الذين كان عليهم مدار الفتوى في زمانهم ، وقد ذكرناهم ، ولد في خلافة ، وأمه عمر بن الخطاب فاختة بنت عقبة بن سهيل بن عمرو قرشية عامرية ، واسمه كنيته ، وقد قيل : إن اسمه المغيرة ، ولا يصح ، والصحيح أن اسمه كنيته ، واستصغر يوم الجمل ، فرد من الطريق هو ، وكان يقال له : راهب وعروة بن الزبير قريش لكثرة صلاته وعبادته ، وقال مالك - رحمه الله - : ما بلغني أن أحدا من التابعين اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن ، وذلك لشدة الاعتكاف ( فيما أرى ) والله أعلم .
وكان مكرما عبد الملك بن مروان لأبي بكر هذا مجلا له ، وأوصى الوليد ، وسليمان بإكرامه ، وقال عبد الملك : إني لأهم بالشيء أفعله بأهل المدينة لسوء أثرهم عندنا ، فأذكر أبا بكر فأستحي منه ، وأدع ذلك الأمر [ ص: 395 ] وكان موته فجأة ، ويقولون : إنه صلى العصر ثم دخل مغتسله فسقط ، وكان قد كف بصره ، فجعل يقول : والله ما أحدثت في صدر نهاري شيئا ، فما غربت الشمس حتى مات ، وذلك سنة أربع وتسعين ، بالمدينة .
وفي هذه السنة توفي جماعة من الفقهاء منهم علي بن حسين ، ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعروة بن الزبير ، ذكر هذه الجملة من خبره وسعيد بن جبير ، الواقدي ، والطبري . ومصعب الزبيري
وذكر ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الحسن الحلواني الليث ، قال : حدثني أن يحيى بن سعيد كان يستودع عروة بن الزبير ، وأنه استودعه عشرين ألف دينار ، فسرقت ، فاتهم بها أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام امرأة من العرب كانت عندهم فحذرها ، واشتد عليها ، وخوفها فاعترفت بأنها أخذتها ، وأنها عندها ، وأنها تؤديها ، فأرسل أبو بكر بن عبد الرحمن إلى مشايخ من أبو بكر بن عبد الرحمن قريش ، فأشهدهم على اعترافها ، وفيه ، وهو يومئذ من أحدثهم سنا فخلى سبيلها ، فلما خرجت من داره . القاسم بن محمد
وأمنت قالت : ما أخذت من ذلك قليلا ، ولا كثيرا ، فخاصمها إلى ، وهو أمير أبان بن عثمان المدينة ، فسأل الشهود عن شهادتهم ، فشهدوا أنها اعترفت بعشرين [ ص: 396 ] ألف دينار ، وأنها مؤديتها .
فسألهم رجلا رجلا ، حتى بلغ ، فقال : ماذا تشهد به يا القاسم بن محمد قاسم ؟ فقال : أشهد أن أبا بكر دعانا لنشهد على هذه المرأة ، وهي في الحديد ظاهرا عليها الضرب ، فاعترفت بأنها أخذت العشرين ألفا ، فأقبل أبان على المشايخ ، فقال : أكان أمرها على ما ذكر القاسم ؟ قالوا : نعم ، قال : فما منعكم أن تقولوا كما قال ، فلولا مكانه لقضيت عليها بعشرين ألف دينار ، يا قاسم جئت ، والله بالشهادة على وجهها ، كما قال الله عز وجل .
قال : فارتفع أمر القاسم من يومئذ على الناس ، وفطنوا لفضله ، وكان المال لولد فباع مصعب بن الزبير أبو بكر ماله بعشرين ألفا حتى أداها إلى فقال له عروة : والله ما عليك منها شيء ، إنما أنت مستودع ، فأبى عروة أبو بكر إلا أن يغرمها .
وحدثني ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ أحمد بن زهير ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، عن وهيب بن خالد ، عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عمر بن عبد الرحمن أن أخاه كان يصوم الدهر ، ولا يفطر . أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
قال : وحدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، عن حماد بن سلمة ، عن أبيه ، قال : رددت أنا ، هشام بن عروة من الطريق ( يوم الجمل ) استصغرنا . وإياه عنى وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بقوله : عبيد الله بن عبد الله
شهيدي أبو بكر فنعم شهيد
.[ ص: 397 ] في أبيات أذكرها في باب عبيد الله إن شاء الله تعالى .