الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 119 ] ابن شهاب عن سليمان بن يسار حديثان أحدهما مرسل

وسليمان بن يسار يكنى أبا عبد الرحمن ، مولى ميمونة الهلالية ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتقته وأعتقت إخوته عطاء ، وعبد الملك ، وعبد الله ، بني يسار مواليها ، فولاؤهم لها ، وكان سليمان أحد الفقهاء الذين عليهم مدار الفتوى بالمدينة ، وقد قيل إنه يكنى أبا أيوب ، والأكثر على أن كنيته أبو عبد الرحمن .

وقال مصعب بن عبد الله الزبيري : كان سليمان بن يسار مقدما في الفقه والعلم ، وكان نظيرا لسعيد بن المسيب ، وكان مكاتبا لميمونة بنت الحارث بن حزن زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدى فعتق ، ووهبت ميمونة ولاءه لعبد الله بن عباس ، وكانت خالته

قال أبو عمر :

قد ذكر ابن عيينة أيضا عن عمرو بن دينار ، أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس ، وهذا مشهور عند العلماء من فعلها ، لكنه مردود عندهم بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء حكمه وعن هبته ، وبقوله - عليه السلام - : الولاء كالنسب لا يباع ولا يوهب . قال مصعب الزبيري : وولي سليمان بن يسار سوق المدينة [ ص: 120 ] لعمر بن عبد العزيز سنة واحدة في زمان الوليد بن عبد الملك . وروي عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أنه قال : سليمان ابن ابن المسيب . وروى أشهب .

قال أبو عمر :

هذا إسراف وإفراط ، وليس سليمان كسعيد بن المسيب في الفقه عند أهل العلم بالفقه والسير ، ولم يقل هذا القول غير الحسن بن محمد ، وأصح من هذا قول ميمون بن مهران : قدمت المدينة ، فسألت عن أفقه أهلها ، فقيل : سعيد بن المسيب ، وقيل للزهري ، ومكحول : من أفقه من أدركتما ؟ فقالا : سعيد بن المسيب ، وقد كان سليمان بن يسار يسأل سعيد بن المسيب . وروى الحارث بن مسكين عن ابن وهب ، عن مالك أنه سمعه يقول : كان سليمان بن يسار من أعلم الناس عندنا بعد سعيد بن المسيب وروى أشهب ، عن مالك ، قال : كان سليمان بن يسار أفقه رجل كان ملزما بعد سعيد بن المسيب ، وكثيرا ما كانا يتفقان في القول ، وكان إذا ارتفع الصوت في مجلسه أو سمع فيه سوءا قام عنه . ذكر الحلواني قال : حدثنا عارم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، قال : اختلف سليمان بن يسار وعلي بن حسين في بيع الثمرة حكمها ، فقال لي : قم فسل سعيد بن المسيب عنها ، فأتيته ، فقلت : يا أبا محمد [ ص: 121 ] أرسلني إليك سليمان بن يسار يسألك متى تباع الثمرة ؟ قال : إذا بدا صلاحها ، فأتيت سليمان فأخبرته ، فقال : ائته فاسأله متى يتبين صلاحها ؟ فأتيته فقلت : قال سليمان : متى يتبين صلاحها ؟ قال : إذا سنبل الزرع واحمر الزهر .

قال أبو عمر :

وسليمان فقيه عالم ورع نبيل ، كانت له جلالة وقدر بالمدينة ، ذكر ابن أبي خيثمة ، عن ابن الأصبهاني ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، قال : أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون : إنه لم يروه عن يحيى بن سعيد غير ابن عيينة . قال ابن أبي خيثمة : وسمعت يحيى بن معين يقول : مات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة . وقال غيره : سنة أربع وتسعين ، قال : وأخبرني مصعب الزبيري ، قال : مات سليمان بن يسار سنة سبع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة . وسئل يحيى بن معين عن حديث الزهري ، عن أبي عبد الرحمن ، عن زيد بن ثابت في الذي يطلق امرأته ثلاثا ثم يشتريها . قال : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، فقال : يقال أبو عبد الرحمن هذا سليمان بن يسار .

قال أبو عمر :

قد قال غيره : إنه طاوس والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية