الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
109 [ ص: 32 ] حديث حادي عشر لعبد الله بن دينار ، عن ابن عمر

مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، قال : ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه جنابة من الليل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم .

التالي السابق


هكذا هو في الموطأ عند أكثر الرواة ، وروته طائفة عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن عمر قال : يا رسول الله ، والمعنى سواء .

ورواه إسحاق بن عيسى الطباع ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أن عمر ، قال : يا رسول الله . وتابعه قوم [ ص: 33 ] والحديث لمالك عن عبد الله بن دينار ونافع جميعا ، عن ابن عمر ; لأنه قد رواه عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر - جماعة منهم الطباع وخالد بن مخلد القطواني وعبد الرحمن بن غزوان وابن عبد الحكم .

وقد روي أيضا ، عن ابن عفير وابن بكير مثل ذلك ، ولكن المحفوظ فيه عند العلماء حديث مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر وحديث نافع عندهم كالمستغرب .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، حدثنا خالد بن مخلد القطواني ، حدثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أينام أحدنا ، وهو جنب ؟ ، قال : نعم إذا توضأ .

وحدثنا خلف ، حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق ، حدثنا يحيى بن أيوب بن بادي ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر . فذكره .

في هذا الحديث الوضوء للجنب عند النوم وغسل الذكر مع الوضوء أيضا .

[ ص: 34 ] وقد اختلف العلماء في إيجاب الوضوء عند النوم على الجنب ، فذهب أهل الظاهر إلى إيجاب الوضوء عند النوم ، وذهب أكثر الفقهاء إلى أن ذلك على الندب والاستحسان لا على الوجوب ، وذهبت طائفة إلى أن الوضوء المأمور به الجنب هو غسل الأذى منه وغسل ذكره ويديه .

وقال مالك : لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ، قال : وله أن يعاود أهله ويأكل قبل أن يتوضأ إلا أن يكون في يده قذر فيغسلها ، قال : والحائض تنام قبل أن تتوضأ ، وقول الشافعي في هذا كله نحو قول مالك .

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والثوري : لا بأس أن ينام الجنب على غير وضوء وأحب إليهم أن يتوضأ ، قال : فإذا أراد أن يأكل مضمض وغسل يديه . وهو قول الحسن بن حي .

وقال الأوزاعي : الحائض والجنب إذا أرادا أن يطعما غسلا أيديهما .

وقال الليث : لا ينام الجنب حتى يتوضأ , رجلا كان أو امرأة .

قال أبو عمر : اختلفت الآثار في هذا ، ففي حديث ابن عمر هذا الأمر بالوضوء وغسل الذكر للجنب عند النوم إلا أن في [ ص: 35 ] حديث مالك هذا : توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم ، وهذا محتمل للتقديم والتأخير ، كأنه قال : اغسل ذكرك وتوضأ ، ثم نم . ويحتمل أن يكون لما كان الوضوء للجنب لا يرفع له الحدث عنه - لم يبال أكان غسل ذكره قبل أو بعد ; لأنه ليس بوضوء ينقضه الحدث ; لأن ما هو فيه من الجنابة أكثر من مس ذكره . وجملة القول في هذا المعنى أن الواو لا توجب رتبة ، ولا تعطي تعقيبا .

وقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن دينار - الثوري ، وغيره ، فقدموا غسل الذكر في اللفظ على الوضوء ، وجاءوا بلفظ لا إشكال فيه .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : سأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : إنه تصيبه الجنابة من الليل . فأمره أن يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يرقد .

وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عبد الله بن دينار [ ص: 36 ] أنه سمع عبد الله بن عمر ، يقول : سأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أينام أحدنا وهو جنب ؟ فقال : نعم إذا توضأ ويطعم إن شاء .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين العسكري ، حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا القعنبي ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن عمر قال ، قلت : يا رسول الله أينام أحدنا ، وهو جنب ؟ ، قال : نعم إذا توضأ .

وفي هذا الباب أيضا حديث عائشة اختلف في ألفاظه على الزهري ، وغيره ، وعند الزهري في ذلك حديثان : أحدهما عن أبي سلمة ، عن عائشة ، والآخر عن عروة ، عن عائشة . فمن أصحاب الزهري من يرويه عن أبي سلمة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام ، وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ، وبعضهم يقول فيه : عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام ، وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب يغسل يديه ، ثم يأكل أو يشرب إن شاء .

[ ص: 37 ] وقال بعضهم : عنه في حديثه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يأكل ، وهو جنب توضأ ، وقال بعضهم : عنه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يأكل ، وهو جنب - غسل كفيه .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مسدد وقتيبة ، قالا : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام ، وهو جنب - توضأ وضوءه للصلاة .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا محمد بن عبيد بن محمد الكوفي .

وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام ، وهو جنب - توضأ ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه .

وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا مضر بن محمد ، قال : حدثنا أبو الجهم الأزرق بن علي المديني ، قال : حدثنا حسان بن إبراهيم .

[ ص: 38 ] وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك - جميعا ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام ، وهو جنب توضأ ، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ، ثم يأكل أو يشرب . واللفظ لحديث ابن المبارك , وحديث حسان بن إبراهيم مثله بمعناه .

وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : روى هذا الحديث ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري . فجعل قصة الأكل قول عائشة . ورواه صالح بن أبي الأخضر كما قال ابن المبارك إلا أنه قال : عن عروة أو أبي سلمة . ورواه الأوزاعي ، عن يونس ، عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال ابن المبارك .

وأخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود .

وأخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قالا جميعا : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان [ ص: 39 ] إذا أراد أن ينام أو يأكل توضأ ، تعني : وهو جنب . هذا لفظ أبي داود ، ولفظ بكر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يأكل ، وهو جنب توضأ مثل وضوئه للصلاة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا يحيى ، قال : ترك شعبة حديث الحكم في الجنب إذا أراد أن يأكل .

وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد ، قال : حدثنا عطاء الخراساني ، عن يحيى بن يعمر ، عن عمار بن ياسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ ، قال أبو داود : بين يحيى وعمار في هذا الحديث رجل . قال : وقال علي وابن عمر : الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ .

وروى سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام ، وهو جنب ، ولا يمس ماء . قال سفيان : وهذا الحديث خطأ ونحن نقول به .

قال أبو عمر : يقولون : إن الخطأ فيه من قبل أبي إسحاق ; لأن إبراهيم النخعي روى عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كان [ ص: 40 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام ، وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة . وزاد فيه الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : إذا أراد أن يأكل أو ينام .

وقد روى هذا الحديث ، عن أبي إسحاق جماعة بمعنى واحد ، منهم : شعبة ، والأعمش ، والثوري ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وشريك ، وإسرائيل ، وزهير بن معاوية ، وأحسنهم له سياقة إسرائيل وزهير وشعبة ، لأنهم ساقوه بتمامه .

وأما غيرهم فاختصروه ، وممن اختصره الأعمش ، والثوري ، وشريك ، وإسماعيل ، قالوا كلهم : عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام ، وهو جنب ، ولا يمس ماء . وفي رواية شريك ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي بعض نسائه ، ثم يضجع ضجعة ، قال : فقلت : من قبل أن يتوضأ ؟ ، قالت : نعم ، وقد تأول بعضهم في حديث شريك هذا أنها الهجعة التي كانت له قبل الفجر يستريح فيها من نصبه بالليل .

وأما حديث إسرائيل وشعبة فحدثنا أحمد بن فتح ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا [ ص: 41 ] إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، قال : سألت عائشة ، عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل ، فقالت : كان ينام أول الليل ويقوم آخر الليل فيصلي ما قضي له ، فإذا صلى صلاته مال إلى فراشه ، فإن كانت له حاجة إلى أهله أتى أهله ، ثم نام كهيئته لم يمس ماء حتى إذا سمع المنادي الأول ، قالت : وثب وما قالت : قام ، فإن كان جنبا أفاض عليه الماء ، وما قالت : اغتسل ، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوءه للصلاة ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يخرج إلى المسجد .

وحدثنا أحمد بن فتح ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالت : كان ينصرف من المسجد فيوتر بركعة ، فإذا كانت له حاجة إلى أهله أتاهم ، ثم ينام ، فإذا سمع الأذان أفاض عليه من الماء إن كان جنبا ، وإلا توضأ ، ثم خرج إلى المسجد .

وكذلك رواه زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته ، ثم ينام قبل أن يمس ماء ، فإذا كان عند النداء الأول قام فأفاض الماء عليه ، وإن نام جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة .

[ ص: 42 ] قال الطحاوي : قوله في هذا الحديث : قضى حاجته ، ثم ينام قبل أن يمس ماء ، معناه قبل أن يغتسل ; لئلا يتضاد ; لأنه قد أخبر في هذا الحديث أنه إذا كان جنبا توضأ ، ثم نام ، وقد عارض قوم حديث ابن عمر وعائشة هذا في الوضوء عند النوم بحديث سعيد بن الحويرث ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء فأتي بطعام ، فقالوا : ألا نأتيك بطهر ، فقال : أصلي فأتطهر وبعضهم يقول فيه : فقيل له : ألا تتوضأ ، فقال : ما أردت الصلاة فأتوضأ .

حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا عبد الله بن روح ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرنا سعيد بن الحويرث ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبرز لحاجته فأتي بعرق لحم فأكل منه ، ولم يمس ماء . قال ابن جريج : فذكرته لعمرو بن دينار فعرفه ، وزاد فيه : إنه قيل له ألا تتوضأ ، فقال : ما أردت الصلاة فأتوضأ .

وحدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، قال : سمعت سعيد بن الحويرث ، يقول : [ ص: 43 ] سمعت ابن عباس ، يقول : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط فأتي بطعام ، فقيل له : ألا تتوضأ ، فقال : أأصلي فأتوضأ .

ورواه أيوب وحماد بن زيد ، وغيرهما ، عن عمرو بن دينار بإسناده مثله ، قالوا : ففي هذا الحديث أن الوضوء لا يكون إلا لمن أراد الصلاة . وفي ذلك رفع للوضوء عند النوم وعند الأكل ، قالوا : وقد يمكن أن يكون الوضوء المذكور عند النوم هو التنظف من الأذى وغسل اليدين ، فلذلك يسمى وضوءا في لسان العرب ، قالوا : وقد كان ابن عمر لا يتوضأ عند النوم الوضوء الكامل للصلاة ، وهو روى الحديث وعلم مخرجه .

قال أبو عمر : قد ذكر الحفاظ في حديث عائشة المذكور في هذا الباب : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينام إذا كان جنبا حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ، وكذلك في حديث الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة .

وهذا اللفظ يوجب أن يكون الوضوء السابغ الكامل للصلاة ، وهي زيادة قصر عنها من لم يذكرها ، وليس في تقصير [ ص: 44 ] من قصر عن ذكر شيء من الأحكام حجة على من ذكره ، وأولى الأمور عندي في هذا الباب أن يكون الوضوء للجنب عند النوم كوضوء الصلاة حسنا مستحبا ، فإن تركه تارك فلا حرج ; لأنه لا يرفع به حدثه ، وإنما جعلته مستحبا ، ولم أجعله سنة لتعارض الآثار فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلاف ألفاظ نقلته ، ولا يثبت ما كانت هذه حاله - سنة .

وأما من أوجبه من أهل الظاهر ، فلا معنى للاشتغال بقوله لشذوذه ، ولأن الفرائض لا تثبت إلا بيقين ، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية