الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
495 - وعن الأسود وهمام ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم .

التالي السابق


495 - ( وعن الأسود ) : هو النخعي ، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، ورأى الخلفاء الراشدين ، وهو خال إبراهيم النخعي ، ذكره الطيبي ، وقال المصنف : هو الأسود بن هلال المحاربي ، روى عن عمر ، ومعاذ ، وابن مسعود ، وعنه جماعة ، مات سنة أربع وثمانين . ( وهمام ) : بالتشديد ، هو ابن الحارث نخعي تابعي ، ذكره الطيبي وزاد المصنف : سمع ابن مسعود ، وعائشة وغيرهما من الصحابة . روى عنه إبراهيم النخعي ، ( عن عائشة ، قالت : كنت أفرك ) : بضم الراء وتكسر ( المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي : أدلكه وأمسحه منه . قال الطيبي : الفرك : الدلك حتى يذهب الأثر من الثوب . في شرح السنة مذهب الشافعي : أن المني طاهر ، وعند أصحاب الرأي نجس يغسل رطبه ، ويفرك يابسه ، ومن قال بالطهارة قال : حديث الغسل لا يخالف حديث الفرك ، وهو على سبيل الاستحباب والنظافة يعني : كغسل الثوب من المخاط والنجاسة ، والحديثان إذا أمكن استعمالهما لم يجز حملهما على التناقض اهـ .

وحاصل تمسك الشافعية بالحديث المذكور أنه لو كان هو نجسا لم يكتف بفركه ، ودليل الحنفية الحديث الذي في صحيح أبي عوانة ، عن عائشة قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا ، وأمسحه [ ص: 464 ] أو أغسله ، شك الحميدي ، إذا كان رطبا . ورواه الدارقطني : وأغسله من غير شك ، وهذا فعلها . والظاهر أن ذلك بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ، خصوصا إذا تكرر منها مع التفاته عليه الصلاة والسلام إلى طهارة ثوبه وفحصه عن حاله ، فلو كان طاهرا لمنعها من إتلاف الماء بغير حاجة . وقد روى الدارقطني عن عمار بن ياسر قال : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بئر أدلو ماء في ركوة فقال : ( يا عمار ، ما تصنع ؟ ) قلت : يا رسول الله ، بأبي وأمي ، أغسل ثوبي من نخامة أصابته ، فقال : ( يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس : من الغائط ، والبول ، والقيء ، والدم ، والمني ، يا عمار ما نخامتك ودموع عينيك والماء الذي في ركوتك إلا سواء ) . وأما حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المني يصيب الثوب فقال : ( إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق ، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة ) فهو بعد تسليم حجته معارض بما قدمنا ، ورجح ذلك بأن المحرم مقدم على المبيح ، هذا خلاصة كلام ابن الهمام . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية