الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5130 - وعن معاوية ، أنه كتب إلى عائشة - رضي الله عنها - أن اكتبي إلي كتابا توصيني فيه ولا تكثري . فكتبت : سلام عليك ، أما بعد : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ومن التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس " والسلام عليك . رواه الترمذي .

التالي السابق


5130 - ( وعن معاوية ) أي : ابن أبي سفيان صحابيان مشهوران ( أنه كتب إلى عائشة ) أي : أم المؤمنين ( أن اكتبي ) : أن مصدرية أو مفسرة لما في الكتابة من معنى القول ( إلي ) أي : مرسلا أو موصولا حال أو متعلق بقوله : ( كتابا توصيني فيه ) أي : في ذلك الكتاب من كل باب ( ولا تكثري ) أي : بالإطناب ، بل أوجزي بكلام جامع يكون فصل الخطاب ، لأنها من أصل بيت من أوتي جوامع الحكم وبدائع الكلم . ( فكتبت : سلام عليك ) : واقتصرت على غنيمة السلامة خوف السآمة ( أما بعد ) أي : بعد السلام أو ما بعد ما سبق من الكلام ( فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من التمس رضا الله بسخط الناس ) أي : من طلب رضاه في شيء يسخط الناس عليه بسببه ( كفاه الله مئونة الناس ) أي : ومئونة شرهم من الظلم عليه والإساءة إليه ( ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله ) : بتخفيف الكاف أي : خلاه وترك نصره ودفعه ( إلى الناس ) : وهذا وصية جامعة لجميع الناس . قال المظهر يعني إذا عرض له أمر في فعله رضا الله وغضب الناس أو عكسه ، فإن فعل الأول رضي الله عنه ودفع عنه شر الناس ، وإن فعل الثاني وكله إلى الناس يعني سلط الناس عليه حتى يؤذوه ويظلموا عليه ولم يدفع عنه شرهم . وفي النهاية : وكلت أمري إلى فلان أي : ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه . ( والسلام عليك ) : فالأول بمنزلة سلام الملاقاة ، والثاني في مرتبة الموادعة أو كأنها قالت : السلام عليك أولا وآخرا أو في الدنيا والآخرة ، وفي تكرار السلام إشارة خفية إلى تأكيد طلب السلامة وترك ما يؤدي إلى الملامة ( رواه الترمذي ) .

[ ص: 3205 ]



الخدمات العلمية