الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6103 - وعن البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل بغدير خم أخذ بيد علي فقال : " ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى ، قال : " ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة . رواه أحمد .

التالي السابق


6103 - ( وعن البراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل ) ، أي : في مرجعه من حجة الوداع في حال كمال أصحابه من الاجتماع ( بغدير خم ) : بضم خاء وتشديد ميم اسم لغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيضة ( أخذ بيد علي - رضي الله عنه - فقال : ( " ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين " ) ، أي : بجنسهم ( " من أنفسهم " ) ؟ وفيه إيماء إلى قوله تعالى : النبي أولى بالمؤمنين [ ص: 3944 ] ( قالوا : بلى . قال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن " ) ، أي : بخصوصه ( " من نفسه " ) ، أي : فضلا عن بقية أهله . ( قالوا : بلى قال : " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ) : وفي رواية : " وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار " . ( فلقيه عمر - رضي الله عنه - بعد ذلك فقال له هنيئا ) ، أي : طوبى لك أو عش هنيئا ( يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت ) ، أي : صرت في كل وقت ( مولى كل مؤمن ومؤمنة ) تمسكت الشيعة أنه من النص المصرح بخلافة علي - رضي الله عنه - حيث قالوا : معنى المولى : الأولى بالإمامة ، وإلا لما احتاج إلى جمعهم كذلك ، هذا من أقوى شبههم ، ودفعها علماء أهل السنة بأن المولى بمعنى المحبوب وهو - كرم الله وجهه - سيدنا وحبيبنا ، وله معان أخر تقدمت ، ومنه الناصر وأمثاله ، فخرج عن كونه نصا فضلا عن أن يكون صريحا ولو سلم أنه بمعنى الأولى بالإمامة ، فالمراد به المال ، وإلا لزم أن يكون هو الإمام مع وجوده - عليه السلام - فتعين أن يكون المقصود منه حين يوجد عقد البيعة له ، فلا ينافيه تقديم الأئمة الثلاثة عليه لانعقاد إجماع من يعتد به حتى من علي ثم سكوته عن الاحتجاج به إلى أيام خلافته قاض على من له أدنى مسكة بأنه علم منه أنه لا نص فيه على خلافته عقب وفاته - عليه السلام - مع أن عليا - كرم الله وجهه - صرح نفسه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينص عليه ولا على غيره ، ثم هذا الحديث مع كونه آحادا مختلف في صحته ، فكيف ساغ للشيعة أن يخالوا ما اتفقوا عليه من اشتراط التواتر في أحاديث الإمامة ؟ ما هذا إلا تناقض صريح وتعارض قبيح ( رواه أحمد ) ، أي : في مسنده ، وأقل مرتبته أن يكون حسنا فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث ، وأبعد من رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعل سبب قول هذا القائل أنه وهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا القول عند وصوله من المدينة إلى غدير خم ، ثم قول بعضهم إن زيادة : اللهم وال من والاه موضوعة مردودة ، فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها والله أعلم .

وفي الرياض عن رباح بن الحارث قال : جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : السلام عليك يا مولانا ، فقال كيف أكون مولاكم وأنتم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم غدير خم : " من كنت مولاه فعلي مولاه " قال رباح بن الحارث : فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء ؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري ؟ أخرجه أحمد . وعن بريدة قال : غزوت مع علي اليمن ، فرأيت منه جفوة ، فلما قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عليا فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتغير فقال : " يا بريدة ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قلت : بلى ، يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " أخرجه أحمد .




الخدمات العلمية