الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
966 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معقبات لا يخيب قائلهن - أو فاعلهن - دبر كل صلاة مكتوبة : ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة " ، رواه مسلم .

التالي السابق


966 - ( وعن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " معقبات " ) ، أي : كلمات يأتي بعضها عقب بعض ، وقيل : كلمات يعقبن الثواب ، وقيل : سميت بها ; لأنهن يعقبن الصلاة ، وقيل : لأنها عادت مرة بعد أخرى ، وقيل : ناسخات للذنوب ، وقد فسر قوله تعالى : لا معقب لحكمه ، أي : لا ناسخ له ، وقال الطيبي : المعقبات اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل ، المعتركات على الحوض ، فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى ، وهي الناظرات للعقب ، فكذلك هذه التسبيحات كلما مرت كلمة واحدة نابت مكانها أخرى اهـ ، وهو مبتدأ خبره ثلاث وثلاثون ، أو قوله : ( " لا يخيب " ) ، أي : لا يخسر ( " قائلهن " ) : من الجنة أو الجزاء ( " - أو فاعلهن - " ) : شك من الراوي ، والقول فعل من الأفعال ( " دبر كل صلاة " ) : ظرف القول ( " مكتوبة " ) ، أي : مفروضة ( " ثلاث " ) : خبر مبتدأ محذوف ، أي : هن ثلاث ( " وثلاثون تسبيحة " ) : قال الطيبي : قوله : ( " معقبات " ) : إما صفة مبتدأ أقيمت ، أي : في الابتدائية مقام الموصوف ، أي : كلمات معقبات ، و " لا يخيب " : خبره ، و " دبر " : ظرف ، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر ، وأن يكون متعلقا بقائلهن ، وإما مبتدأ ، و " لا يخيب " : صفته ، والدبر : صفة أخرى ، وثلاث و " ثلاثون خبر ، ويحتمل أن يكون ثلاث وثلاثون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هن أو هي ثلاث وثلاثون إلى غير ذلك من الاحتمالات ، ( " وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة " رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه الترمذي ، والنسائي ، وقد استدرك الدارقطني على مسلم ، وقال : الصواب أنه موقوف على كعب بن عجرة ; لأن من رفعه لا يقاومون من وقفه في الحفظ ا ه .

قال الإمام النووي في شرح مسلم : وما قاله الدارقطني مردود ; لأن مسلما رواه من طرق كلها مرفوعة ، وذكره الدارقطني أيضا من طرق أخرى مرفوعة من جهة منصور وشعبة ، وقد اختلف عليهما في رفعه ووقفه ، وبين الدارقطني ذلك ، إذا روي مرفوعا ، وموقوفا يحكم بأنه مرفوع على المذهب الصحيح الذي عليه الأصوليون والفقهاء ، والمحققون من المحدثين منهم : البخاري والآخرون ، حتى لو كان الواقفون أكثر من الرافعين حكم بالرفع ، ودليله أنه زيادة ثقة ، فوجب قبولها ولا ترد بتقصير أو نسيان حصل من واقفه ، والله أعلم بالصواب .




الخدمات العلمية