الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

1152 - عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه ، قال : شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته ، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف ، فلما قضى صلاته وانحرف . فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه ، قال : " علي بهما " ، فجيء بهما ترعد فرائصهما . فقال : " ما منعكما أن تصليا معنا ؟ " فقالا : يا رسول الله ! إنا كنا قد صلينا في رحالنا ، قال : " فلا تفعلا ، إذا صليتما في رحالكما ، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم ، فإنها لكما نافلة " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثاني

1152 - ( عن يزيد بن الأسود قال : شهدت ) أي : حضرت ( مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته ) أي : حجة الوداع ( فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف ) : وهو مسجد مشهور بمنى ، قال الطيبي : الخيف ما انحدر من غليظ الجبل وارتفع عن المسيل ، يعني هذا وجه تسميته به . ( فلما قضى صلاته ) أي : أداها وسلم منها ( وانحرف ) أي : [ ص: 886 ] انصرف عنها ، وقال ابن حجر : أي جعل يمينه للمأمومين ويساره للقبلة كما هو السنة ( فإذا هو ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( برجلين ) أي : حاضريهما ( في آخر القوم لم يصليا معه ، قال : " علي ) : اسم فعل ( بهما ) أي : ائتوني بهما وأحضروهما ، قال الطيبي : علي متعلق بمحذوف ، وهما حال ، أي أقبلا علي وأتيا بهما ، أو اسم فعل وبهما متعلق به ، أي : أحضرهما عندي ( فجيء بهما ترعد ) : بالبناء للمجهول ، أي تحرك من أرعد الرجل إذ أخذته الرعدة وهى الفزع والاضطراب . ( فرائصهما ) : جمع الفريصة وهي اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفها ، وهي ترجف عند الخوف ، أي تتحرك وتضطرب ، والمعنى يخافان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقول ابن حجر تثنية فريصة وهم منه . نعم المراد منه التثنية ولم يأت بها حذرا من اجتماع التثنيتين في كلمتين عدتا كلمة لكمال امتزاجهما ، ونظيره قوله تعالى : ( فقد صغت قلوبكما ) هذا والأظهر أنها على حقيقتها من الجمعية ; لأن لكل واحد منهما فريصتان . ( فقال : " ما منعكما أن تصليا معنا ؟ ) : معشر المسلمين ( فقالا : يا رسول الله ! إنا كنا قد صلينا في رحالنا ) أي : منازلنا ( قال : " فلا تفعلا ) أي : كذلك ثانيا ( إذا صليتما في رحالكما ، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم ) أي : مع أهل المسجد ( فإنهما ) أي : الأولى أو الثانية ( لكما نافلة ) : أو الصلاة بالجماعة في المسجد زائدة في المثوبة .

قال ابن الهمام : الصارف للأمر من الوجوب جعلها نافلة ، والجواب هو معارض بما تقدم من حديث النهي عن النفل بعد العصر والصبح ، وهو مقدم لزيادة قوته ، ولأن المانع مقدم ، أو يحمل على ما قبل النهي في الأوقات المعلومة جمعا بين الأدلة ، وكيف وفيه حديث صريح أخرجه الدارقطني ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا صليت في أهلك ثم أدركت فصلها إلا الفجر والمغرب " قال عبد الحق : تفرد برفعه سهل بن صالح الأنطاكي ، وكان ثقة ، وإذا كان كذلك فلا يضر وقف من وقفه ; لأن زيادة الثقة مقبولة ، فإذا ثبت هذا فلا يخفى وجه تعليل إخراجه الفجر مما يلحق به العصر . ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن صحيح ، نقله ميرك . ( وأبو داود ، والنسائي ) : قال ميرك : ورواه الدارقطني ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم وقال : على شرط مسلم .




الخدمات العلمية