الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1423 - وعنه قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ، فصففنا خلفه صفين ، والعدو بيننا وبين القبلة ، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وكبرنا جميعا ، ثم ركع وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ، ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود وقام الصف الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود ، ثم قاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر ، وتأخر المقدم ، ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود ، والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود والصف الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلمنا جميعا . رواه مسلم .

التالي السابق


1423 - ( وعنه ) أي : عن جابر . ( قال : صلى ) أي : بنا كما في نسخة صحيحة . ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ) الإضافة بمعنى في . ( فصففنا خلفه صفين ، والعدو بيننا وبين القبلة ، فكبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : للتحريم . ( وكبرنا ) : الواو للجمعية فتفيد المعية ، ويبعد تقدير ابن حجر البعدية . ( جميعا ) : أراد به الصفين . ( ثم ركع ) أي : بعد القراءة . ( وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ، ورفعنا جميعا ، ثم انحدر ) أي : نزل . ( بالسجود ) أي : ملتبسا به [ ص: 1057 ] أو بسببه . ( والصف ) : يجوز بالنصب على أنه مفعول معه ، وبالرفع على أنه عطف على فاعل انحدر ، وجاز لوجود الفصل قاله الطيبي . والعطف ألطف لما يلزم في المفعول معه من متابعة الأشرف للأضعف . وقال ابن حجر : العطف أولى لإيهام الآخر أنهم قارنوه في الانحدار ، وليس كذلك ; لأن مقارنة الإمام في جزء من الصلاة مكروهة لا يفعلها الصحابة اهـ . وهو مبني على مذهبه ، ثم نفي فعلها عن الصحابة محتاج إلى حجة ، ولا أظن أنها توجد ; لأن إثبات النفي متعذر ، كما أن نفي الإثبات متعسر ، والله أعلم .

ويمكن أن يكون الصف مرفوعا على الابتداء ، والخبر مقدر أي : كذلك ، والمعنى مثل نزوله للسجود نزل الصف . ( الذي يليه ) أي : الذي يقرب منه ، والإفراد باعتبار لفظ الصف المراد به القوم . ( وقام الصف المؤخر ) أي : الذين تأخروا للحراسة لمن أمامهم في سجودهم . ( في نحر العدو ) أي : صدرهم ومقابلتهم ; كيلا يهجموا على مقاتلتهم . ( فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود ) أي : أداه ، والمعنى : فلما فرغ من السجدتين . ( وقام ) أي : معه . ( الصف الذي يليه ، انحدر ) أي : انهبط . ( الصف المؤخر ) أي : الذين تأخروا للحراسة لمن أمامهم في سجودهم . ( بالسجود ) أي : بسببه أو إليه . ( ثم ) أي : لما فرغوا من سجدتهم . ( قاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر : ووقفوا مكان الصف الأول ) أي : بعد أن استووا مع الأولين في القيام خلفه - عليه الصلاة والسلام - في الركعة الثانية . قال ابن حجر : بأن وقف كل واحد من المؤخر بين اثنين من المقدم انتهى ، وهو غير صحيح ، والله أعلم . ( وتأخر المقدم ) : قال ابن الملك : بخطوة أو خطوتين اهـ . ولا حاجة إليه ; لأن صلاة الخوف لا تقاس على صلاة الأمن . قال ابن حجر : ويشترط حينئذ كما علم من أدلة أخرى أن لا يزيد فعل كل من المتقدمين والمتأخرين على خطوتين ، وإلا بطلت صلاته إن توالت أفعاله اهـ .

وفيه أن صحة هذا الشرط موقوفة على إثبات أدلة أخرى لو وجدت في صلاة الخوف ، ثم الحكمة - والله أعلم - في التقدم والتأخر حيازة فضيلة المعية في الركعة الثانية جبرا لما فاتهم من المعية في الركعة الأولية . ( ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : قام وقرأ الفاتحة والسورة ثم ركع قاله الطيبي ، ويمكن الاقتصار على الفاتحة ، بل على آية أي آية بمقتضى الحالة الراهنة . ( وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود ) أي : انخفض له . ( والصف ) : بالوجهين . ( الذي يليه ) الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى : صفة ثانية للصف ، وقدر ابن حجر لفظ ( وهو ) قبل الموصول الثاني . ( وقام الصف المؤخر ) : وهو الذي كان مقدما في الركعة الأولى . ( في نحر العدو ) : وفي نسخة : نحو العدو . ( فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود والصف ) : بالإعرابين . ( الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ، ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : بعد انحدارهم . ( وسلمنا جميعا : فكان صلاة الجمع ركعتين مع الإمام ) ، غايته أنه تأخرت المتابعة للإمام في حق بعض المأمومين حالة القومة ، والظاهر أنه قعد قدر التشهد كما يدل عليه ثم سلم ، ويعضده انحدار الصف المؤخر ، ولا يلزم من تسليمهم جميعا أن المنحدرين لم يقعدوا للتشهد ; فإنه وإن تأخر السلام عن الإمام يصدق عليه أنهم سلموا جميعا لعدم لزوم المعية من الجمعية . ( رواه مسلم ) : قال ابن حجر : وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان .




الخدمات العلمية