الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
215 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ) . رواه الترمذي .

التالي السابق


215 - ( وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الناس ) أي : جنسهم ( لكم تبع ) : جمع تابع كخدم وخادم ، وقيل : وضع المصدر موضع الفاعل مبالغة كرجل عدل ، والخطاب لعلماء الصحابة ، يعني أن الناس يتبعونكم في أفعالكم وأقوالكم ، لأنكم أخذتم عني مكارم الأخلاق ، فإن الشريعة أقوالي ، والطريقة أفعالي ، والحقيقة أحوالي ، وفيه مأخذ لتسمية التابعي تابعيا ، وإن كانت التبعية عامة بواسطة أو بغير واسطة ، ولكن المطلق ينصرف إلى الكامل ( وإن رجالا ) : أو نوعا منهم غلبت عليهم الرجولية الكاملة ( يأتونكم ) أي : بجهاد أنفسهم طالبين خالصين متواضعين ( من أقطار الأرض ) أي : جوانبها ( يتفقهون ) أي : يطلبون الفقه ( في الدين ) : والجملة استئنافية لبيان علة الإتيان ، أو حال من المرفوع في يأتونكم وهو أقرب إلى الذوق كذا قاله الطيبي ( فإذا أتوكم ) أي : بهذا القصد وآثرها على " إن " لإفادتها تحقيق وقوع هذا الأمر ، فهو من أعلام نبوته وبواهر معجزته لوقوع ذلك كما أخبر به ( فاستوصوا بهم خيرا ) أي : في تعليمهم علوم الدين وأخلاق المهتدين كما قيل في الحديث القدسي لداود عليه الصلاة والسلام : " إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما " ، وتحقيقه اطلبوا الوصية والنصيحة بهم من أنفسكم ، فالسين للطلب ، والكلام من باب التجريد أي : ليجرد كل منكم شخصا من نفسه ويطلب منه التوصية في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم ، وقيل : الاستيصاء طلب الوصية من نفسه أو من غيره بأحد أو بشيء ، يقال : استوصيت زيدا بعمرو خيرا ، أي : طلبت من زيد أن يفعل بعمرو خيرا ، والباء في بهم للتعدية ، وقيل : الاستيصاء قبول الوصية ومعناه اقبلوا الوصية مني بإيتائهم خيرا ، وقيل : معناه مروهم بالخير وعظوهم وعلموهم إياه ( رواه الترمذي ) ، وكذا ابن ماجه .




الخدمات العلمية