الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2546 - وعن ابن عمر قال : تمتع رسول الله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ، بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ( متفق عليه ) .

التالي السابق


2546 - ( وعن ابن عمر قال تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج ) حال من العمرة أي تمتع بها منضمة إلى الحج ( بدأ ) أي ابتدأ النسك ( فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ) بيان لقوله : تمتع وظاهره أنه أدخل الحج على العمرة ، وقال ابن الملك : فأهل بالعمرة من الميقات فأتى بأفعالها ، ثم أهل بالحج من مكة ، ثم قال : فإن قيل روي أنه - عليه السلام - أفرد الحج ، وروي أنه تمتع ، وروي أنه قرن ، قلنا في التوفيق : إنه أحرم بعمرة في بدء أمره ، فمضى فيها متمتعا ، ثم أحرم بحجة قبل طوافه وأفرد لها الإحرام فصار به قارنا ، كذا روي عن الطحاوي ، انتهى وكلامه الأخير يناقض حمله الأول فتأمل .

[ ص: 1760 ] ( وقال الطيبي - رحمه الله - أي استمتع بالعمرة منضمة إلى الحج وانتفع بها ، وقيل إذا حل من عمرته ينتفع باستباحة ما كان محرما عليه إلى أن يحرم بالحج .

وكان عمر وعثمان - رضي الله عنهما - ينهيان عن التمتع نهي تنزيه ، بناء على أن الإفراد أفضل يعني أول القران ، وقال علي - رضي الله عنه - تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ولكنا كنا خائفين ، قيل دل حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مفردا ، وحديث أنس أنه كان قارنا حيث قال ليصرخون بهما ، وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .

وفي رواية عبد الله المزني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لبيك عمرة وحجا ، ودل حديث ابن عمر أنه كان متمتعا ، وكل ذلك في حجة الوداع ، فوجه الجمع أن الفعل ينسب إلى الأمر كقولهم بنى فلان دارا إذا أمر به ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل بنفسه إلا نوعا واحدا ، وكان في أصحابه - صلى الله عليه وسلم - قارن ، ومفرد ، ومتمتع ، كل ذلك بأمره - صلى الله عليه وسلم ، فجاز نسبة الكل إليه وهذا منقول عن الشافعي - رحمه الله تعالى وفيه بحث ، إذ لم يحفظ أنه - عليه الصلاة والسلام - أمر أحدا بنوع خاص من أصناف الحج ، نعم أقر كل من فعل شيئا على صنيعه .

قال النووي - رحمه الله - والصحيح أنه كان مفردا أولا : ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك فصار قارنا ، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي ، فإن القارن يرتفق بالاقتصار على فعل واحد اهـ . أو سفر واحد قال الشمني وقد وضع ابن حزم كتابا في أنه - عليه الصلاة والسلام - كان قارنا في حجة الوداع ، وتأول باقي الأحاديث والقران أفضل مطلقا عندنا ، وقال مالك والشافعي الإفراد أفضل مطلقا وقال ، أحمد التمتع أفضل مطلقا ، ( متفق عليه ) والمشهور عن الشافعية أن الإفراد بالحج إنما يكون أفضل إذا أتى بعمرة مفردة بعده .

وقد صرح ابن حجر بأن قول من قال أفرد ثم اعتمر من التنعيم غلط فاحش منه ، وكذا قول من قال أحرم متمتعا تمتعا حل منه ثم أحرم بالحج يوم التروية ، وفيه حديث في الصحيحين ، لكن غلطوا رواية معاوية فيه بأنه - عليه الصلاة والسلام - أخبر عن نفسه بأنه ساق الهدي ، فلا يحل حتى ينحر ، وهذا خبر عن نفسه لا يدخله الوهم ، ولا الغلط بخلاف خبر غيره عنه .




الخدمات العلمية