الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2901 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كان رجل يداين الناس ، فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا تجاوز عنه ، لعل الله يتجاوز عنا . قال : فلقي الله فتجاوز عنه " متفق عليه .

التالي السابق


2901 - ( عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كان رجل يداين الناس ) : أي : يعاملهم بالدين أو يعطيهم دينا ( فكان يقول لفتاه ) : أي : لخادمه ، وقال النووي : " أي لغلامه كما صرح به في الرواية الأخرى . " ( إذا أتيت معسرا ) : أي : فقيرا ( تجاوز عنه ) : أي : سامح في الاقتضاء والاستيفاء وقبول ما فيه نقص يسير ( لعل الله أن يتجاوز عنا ) : قال الطيبي رحمه الله : " لعل هنا بمعنى عسى ، ولذلك أتى بأن أي : عسى الله أن يتجاوز عنا ، لأنه لا يقال لعل الله أن يتجاوز ، بل يتجاوز ( قال ) : أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( فلقي ) : أي : الرجل ( الله ) : أي مات ( جاوز ) : أي : عفا ( عنه ) : فإن قلت : كيف قال : أن يتجاوز عنا ، ثم قال : فتجاوز عنه ؟ قلت : أراد القائل نفسه ولكن جمع الضمير إرادة أن يتجاوز عمن فعل مثل هذا الفعل ليدخل فيه دخولا أوليا ، ولذلك استحب للداعي أن يعم في الدعاء ولا يخص نفسه لعل الله تعالى ببركتهم يستجيب دعاءه . قال النووي - رحمه الله : " في الحديث فضل إنظار المعسر والوضع عنه إما كل الدين أو بعضه وفضل المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء سواء عن المعسر والموسر ولا يحتقر شيء من أفعال الخير فلعله سبب السعادة ، وفيه جواز توكيل العبيد والإذن لهم في التصرف ، وهذا قول من يقول : شرع من قبلنا شرع لنا اهـ كلامه ، وأقول : لا حاجة إلى هذا ; لأنه لما استحسنه الشارع وقرره فهو دليل مستقل " ( متفق عليه ) : ورواه أحمد ، والنسائي .

[ ص: 1954 ]



الخدمات العلمية